بعد إصدار وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي بالمملكة المغربية قرارها النهائي مطلع العام الجاري بشأن تحقيق الإغراق القاضي بتطبيق رسوم جمركية على واردات الكراس المدرسي لمدة خمس سنوات.
سنتان تقريبا مرتا على الشكوى التي تلقتها وزارة التجارة المغربية من عدد من منتجي الكراس المدرسي بالمملكة تعبر فيها عن تأزم وضع شركاتها نتيجة المنافسة التجارية للشركات التونسية في المجال ذاته ،شكوى إنتهت بإثبات تهمة الإغراق ضد الواردات التونسية من الكراس المدرسي بنسب تتراوح بين 15.71 في المائة 27.71 في المائة على إمتداد 5 سنوات ،قرار قوبل بالرفض من قبل المصدرين التونسيين مما دفع وزارة التجارة التونسية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة وفقا لما تقتضيه آليات العمل المتعارف عليها في قوانين التجارة الدولية ،ويتمثل الإجراء في هذه المرحلة في طلب تونس المشاورات مع المغرب لدى المنظمة العالمية للتجارة .
وقد أصدرت المنظمة العالمية للتجارة بيانا يوم 27 فيفري المنقضي تذكر فيه» أن تونس تطلب مشاورات جديدة مع المغرب لمناقشة القرار الذي اتخذته الأخيرة ضد ورادات الكراس المدرسي التونسي وأن تونس اعتبرت إن الإجراء المتخذ يتعارض مع أحكام اتفاقية منظمة التجارة العالمية لمكافحة الإغراق والاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة وتعرف بالجات لسنة 1994».
وفي هذا الإطار أوضحت مديرة إدارة الإجراءات الوقائية عند التوريد بوزارة التجارة درة البرجي في تصريح لـ «المغرب» أن تقدم تونس بطلب المشاورات ثانية يأتي كخطوة أخيرة قبل تولي لجنة تسوية النزاعات بالمنظمة العالمية للتجارة للملف وبينت المتحدثة أن المنظمة العالمية للتجارة تجسد الوسيط في هذه المرحلة بين الطرفين, حيث ستمكن المنظمة الجانب التونسي من لقاء مع نظيره المغربي ،فقد قامت المنظمة بإرسال الطلب إلى المغرب بتاريخ 21 فيفري المنقضي وسيكون على المغرب الرد في أجل لايتعدى 10 أيام ،ففي حال القبول بطلب المشاورات من جديد سيكون على تونس اختيار المكان والذي يفترض أن يكون إما في تونس اوالمغرب او جنيف على أن يتم عقد اللقاء في أجل لايتجاوز 60 يوما من تاريخ طلب المشاورات وفقا لنواميس المنظمة وقواعدها وفي حال رفضت المملكة طلب المشاورات فإن تونس ستقدم طلبا إلى المنظمة لتكوين فريق خاص يتركب من متخصصين قانونين في مثل هذه التحقيقات.
واعتبرت برجي أن المشاورات تستهدف إيقاف الإجراءات التي وقع إتخاذها من طرف المغرب ولكن الهدف الأكبر يتمثل في حماية صادراتنا الموجهة إلى المغرب لاسيما وإن استسهال هذه الحادثة قد يفتح الشهية على تطبيق مثل هذه الإجراءات على عدة قطاعات أخرى على غرار التمور والعجين .
وأضافت أن تونس تقدمت بطلب مشاورات ثانية من اجل التفاوض مجددا مع الإجراءات التي أقرتها المملكة لاسيما وأن الإجراء المتخذ يمتد على 5 سنوات وهو إجراء قابل للتمديد مما يعني إن للمغرب إمكانية تمديد الإجراء بعد انقضاء سنتين من 5 سنوات وهو مايستوجب اتخاذ إجراء استباقي ويعتبر طلب المشاورات جزءا من الإجراء الاستباقي لمنع إجراء التمديد .
وأضافت برجي ان طلب المشاورات يأتي للطعن في قرارالسلطات المغربية مبينة ان النزول بالرسوم الجمركية إلى النصف لايعني القبول بذلك .
أما في ما يتعلق بقرار وزارة المالية المغربية وإلغائها للفصل 13 من مجلة الجمارك بحيث يمكن لإدارة الديوانة المغربية بعد ذلك توظيف رسوم جمركية حتى على واردات الكراس التونسي التي تم فيها إمضاء عقد بيع بتاريخ سابق لتاريخ قرار التفعيل الصادر بالرائد الرسمي ،فقد أفادت البرجي أن وزارة التجارة قامت ببعث مراسلة إلى نظيرتها المغربية بتاريخ 11 فيفري تطلب فيها توضيحا حول الإجراء الاستثنائي الذي أقرته وزارة المالية بالمملكة.
جدير بالذكر إلى أن قرار المغرب الحمائي ضد صادرات الكراس المدرسي جاء على إثر طلب تقدّم به ثلاثة منتجين مغاربة للكرّاس المدرسي يوم 10 مارس 2017، قامت على إثره وزارة التجارة المغربية بفتح تحقيق يطلق عليه «مكافحة الإغراق» يوم 11 ماي 2017 متعلّق بواردات الكرّاس المدرسي التونسي وبعد فتح التحقيق أصدرت وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي المغربيّة بلاغا عموميّا يوم 6 مارس 2018 رقم 18/03 تعلم فيه التأكيد التمهيدي على وجود عمليّة الإغراق وعلاقة سببيّة وعليه تم فرض رسوم جمركية مؤقّتة لمكافحة الإغراق.
على الرغم من اتفاقية أغادير التي تجمع بين تونس والمغرب والتي تنص على «إعفاء كامل من الرسوم الجمركيّة والرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل للسلع الصناعيّة المتبادلة بين الدول الأعضاء» فإن الاتفاقية ذاتها تبيحها في فصلها الرابع وفي المادة السابعة عشرة تقول «إذا واجهت أي دولة طرف حالة دعم أو إغراق في وارداتها من الأطراف الأخرى، فإنه يمكن إتخاذ الإجراءات الملائمة لمواجهة مثل هذه الحالات وفقا لأحكام اتفاقيتي الدعم و الرسوم التعويضية وإجراءات مكافحة الإغراق الملحقتين بإتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية ،وذلك طبقا للقوانين والتشريعات المطبقة في كل من الدول الأطراف في الاتفاقية».
ويقصد بالإغراق «هو قیام دولة بتصدیر منتج بسعر یقل عن قیمته المعتادة (أقل من سعر بیعها المحلي أو أقل من تكالیف إنتاجها)، أو یقل عن السعر المقابل لمنتج مماثل یباع في دولة التصدیر، وهو أسلوب یتبع عادة من قبل الشركات المصدرة التي تبیع في سوق دولة أخرى، ویختلف عن الدعم الذي ینبع عن تدخل الدولة لصالح الشركة المصدرة، والتي تبیع في سوق دولة أخرى بأسعار أقل عن الأسعار العادیة وتتم مواجهة الإغراق أما بفرض رسوم مكافحة الإغراق (رسوم جدیدة)، أوالتوصل إلى تعهدات سعریة من المصدرین وتحدد منظمة التجارة الدولية شروط ثبات عملية الإغراق ,حيث تشترط المنظمة توفر 3 شروط أساسيّة مجمّعة لتأكيد عمليّة الإغراق وتبرير فرض إجراءات مكافحة الإغراق وهي, الإغراق, وجود ضرر, ووجود علاقة سببية .