من أزمة الحليب إلى أزمة اللحوم الحمراء: استشراء ظاهرة تهريب الأبقار ينهي مورد رزق مئات القصابين وتقلص العرض سيرفع الأسعار إلى 30 دينارا للكيلوغرام

لئن عملت مصالح وزارتا التجارة والفلاحة على محاربة ظاهرة التهريب عبر إصدار منشور يقضي بإجبارية ترقيم العجول

وإناث الأبقار عند الإتجار بها أونقلها من موقع إلى آخر منذ مارس المنقضي وإستصدار«بطاقة مسلك» تكون مسلمة من قبل المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية أوالمصالح الرسمية، عند نقل الحيوانات وبعث دوريات مراقبة مشتركة بين الأجهزة الأمنية ومصالح وزارتي التجارة والفلاحة في مختلف أسواق الدواب قصد محاربة التهريب، فإن ظاهرة التهريب ماتزال في أوجها حيث وجهت الغرفة النقابية الوطنية للقصابين نداء استغاثة إلى كل من وزارتي الفلاحة والتجارة تطلب فيه إيقاف نزيف تهريب قطيع الأبقار والأغنام بعد تسجيل نقص كبير على مستوى العرض.

عقدت الغرفة النقابية الوطنية للقصابين يوم أمس ندوة صحفية بمقر إتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية عرضت من خلالها الإشكاليات التي يعاني منها القصابون خاصة المسائل المتعلقة بغلاء الأسعار والتهريب والتي أدت بالعديد منهم إلى الإفلاس وغلق المحلات حيث تم إغلاق أكثر من 20 محل في تونس الكبرى فقط ،فيما إضطر حوالي ألف قصاب إلى غلق محلاتهم أو تغيير نشاطهم خلال الثلاث سنوات الأخيرة.

إنتقد رئيس الغرفة الوطنية النقابية للقصابين أحمد العميري خلال الندوة صحفية عدم جدية كل من وزارة التجارة ووزارة الفلاحة في التعامل مع ملف لحوم الأبقار ولحوم الضأن مؤكدا تراجع العرض بمستوى كبير بما ينذر بوضع كارثي على القطاع والذي سيؤثر بدوره في المقدرة الشرائية للمواطن .

وقد استعرض العميري خلال الندوة عددا كبيرا من المراسلات التي وجهتها الغرفة إلى كل من وزارة الفلاحة ووزارة التجارة حول مسائل تتعلق بإرتفاع أسعار اللحوم الحمراء وتهريب الأبقار وترقيم الأبقار المعدّة للتسمين والمراقبة الصحية غير أن هذه المراسلات لم تلق التجاوب اللازم ،لافتا إلى وجود تجاهل مقصود وعدم مبالاة من الأطراف المعنية.
ولفت العميري إلى خطورة الوضع الذي بات يستدعي التدخل العاجل من أجل إنقاذ المنظومة خاصة وقطاع اللحوم الحمراء ،فقد تراجع العرض نتيجة ارتفاع نسق التهريب مستشهدا بوجود أكثر من 1000 عملية تهريب أسبوعيا للأبقار، وهو الأمر الذي يفسر تراجع إنتاج كميات الحليب والذي خلف أزمة مشيرا إلى أنه وللأسباب ذاتها ستطفو أزمة اللحوم الحمراء وأوضح أن المهربين باتوا يمارسون المضاربة ويشعلون الأسعار على القصابين مما اضطر القصابين إلى إغلاق محلاتهم أوالإفلاس نتيجة البيع دون هامش ربح.

وأكد رئيس الغرفة أنه في حال تواصل الوضع على ماهو عليه حاليا، فإن أسعار اللحوم الحمراء ستصل إلى 30 دينار للكلغ الواحد هذا إن وجدت، مبينا أنه في ظل تواصل استفحال ظاهرة تهريب الأبقار إلى القطر الجزائري وتباطؤ تنفيذ الإجراءات الرقابية، فإن ذلك سيؤدي إلى الغش في المعاملات ودعم المسالك الموازية التي لا تخضع للرقابة البيطرية.
وفي رد لـ«المغرب» عن سبب تجاهل السلط المعنية لمراسلاتهم المتكررة، ذكر العميري أن الغرفة قد لقيت تجاوبا من إدارة الأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة في وقت سابق لكن اللقاءات لم تتواصل ولم تثمرعن أي شيء، كذلك لقيت الغرفة تجاوبا من طرف المجمع المهني للحوم الحمراء ودون ذلك فإن المراسلات التي وجهت لم تنته إلى عقد جلسة رسمية مع وزير التجارة أو الفلاحة لمعالجة وضعية القطاع معتبرا أن القائمين على الوزارتين يرفضون تشريك المهنيين.

وعن ملف المراقبة الصحية، قال المصدر ذاته إن واقع المراقبة ضعيف جدا ويترجم ذلك بتسجيل حالات من الأمراض على غرار السل محذرا من غياب آليات المراقبة على صحة القطيع وعلى صحة المستهلك وقد طالب السلط المعنية بضرورة وضع حد للذبح العشوائي وتفعيل آليات ترقيم قطيع الأبقار وتشديد المراقبة على الأسواق التي تعد منبعا للتهريب وأشار العميري إلى أن الأطباء البياطرة طالبوا بتوفير تمويلات تقدر بـ 180 مليار للقضاء على مرض السل للأبقار وهو مبلغ يكفي لإعادة إنتاج قطيع جديد .

ولم ينف رئيس الغرفة اللجوء إلى التصعيد في حال تواصل غلق السلطات المعنية لقنوات الحوار حتى لو كلف ذلك الدخول في تعليق نشاط بكامل الجهات.

وفي رده على إرتفاع أسعار اللحوم الحمراء ونقص الكميات بالأسواق ، قال مدير الأبحاث الاقتصادية حسام التويتي في تصريح لـ«المغرب» أن مسألة اللحوم الحمراء مرتبطة بشكل مباشر بتوفر قطيع الأبقار والإشكاليات المتعلقة به مؤكدا وجود برنامج لتعديل السوق باللحوم المبردة من خلال ضخ 20 طن من اللحوم المبردة.
وأضاف المتحدث أن الوزارة واعية بضرورة التعاون مع مختلف الهياكل لوضع برمجة تعطي أكلها، حيث تجري برمجة الانتاج حسب حاجيات السوق ومعالجة إشكاليات الاحتكار والمضاربة بالإضافة إلى وجود برنامج وطني كبير لدراسة كلفة المنتجات وضمان التزود بها .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115