بعد فشل المفاوضات مع الحكومة نفذه امس الخميس 22 نوفمبر 2018 أكثر من 670 ألف موظف في الوظيفة ، شمل كل الوزارات والإدارات المركزية والجهوية التابعة لها.اضربت كل القطاعات واختلفت الوجوه المتظاهرة امام البرلمان بملامح مختلفة وصور متناقضة وأخرى متشابهة رفعت لافتات كثيرة وحّدتها راية الاتحاد العام التونسي للشغل وفرقتها الشعارات المرفوعة والتي تترجم صراحة وتعبر مباشرة عن حالة الشعب الذي يتقلب على صفيح ساخن بين غلاء المعيشة وارتفاع تكلفة الحياة وبين ضعف الحال وتدني الأجور التي لم تعد قادرة على مجابهة ما يفرضه الواقع المتغير والازمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد في احلك مرحلة تمر بها؟ ما الذي تجمع حوله المتظاهرون وما الذي فرقهم ما الذي وحد مطالبهم وما الذي شتتها ؟؟
اضرب امس حضوريا كل اعوان وإطارات الوزارات والإدارات المركزية والجهوية والمحلية التابعة لها مطالبين بتحسين المقدرة الشرائية باعتبار ان الوضعية العامة للموظفين وحالة الشعب الاقتصادية تردت كثيرا واعتبروها النتيجة العكسية والسلبية للثورة التي كانت مطالبها مختلفة عما تعيشه البلاد حاليا من توتر اجتماعي وضعف اقتصادي وانحلال سياسي.
اختلفت الاراء وتضاربت المصالح فباءت المفاوضات بين المنظمة الشغيلة والحكومة بالفشل واتخذ قرار الاضراب العام ونفّذ، وهذا الاضراب الذي جمع حشد كبير من الجماهير امام مقر البرلمان حمل رايات مختلفة وحدها الاتحاد العام التونسي للشغل وفرقتها الشعارات المرفوعة التي طالب بعضها بتصحيح مسار الانتقال الدّيمقراطي عبر الدفاع عن السّيادة الوطنيّة وتحقيق البعد الاجتماعي للثّورة التي فشلت اهدافها، ونادى بعضها الاخر بترسيخ القرار السيادي وفرضه بيد الحكومة ومصلحة الشعب وعدم الخضوع لاملاءات الصناديق الدولية ، مطالبة الشاهد بان يكون «شاهد حق» ويتصدى بالجرأة التي فرض بها تشكيلة حكومته الجديدة للتوصيات المسقطة خاصة من قبل صندوق النقد الدولي الذي حسب رأيهم تسبب في غلق باب التفاوض بين الاتحاد والحكومة بإقرار عدم الزيادة في الاجور وما الت اليه البلاد من وضع سيئ سيزداد بلا شك.
شعارات تصدرت مطالب الاضراب وغيرت مجرى التظاهر في جزء منها وجهت الى قيادات في احزاب كبيرة واتهامات بالقتل والتغول وأخرى نادى اصحابها بتجريم التطبيع وإيقاف تسلل الفكر الصهيوني الى مفاصل المجتمع وغيرها نادت بإعادة النظر جديا في ملفات المناظرات الوطنية وتفعيل اتفاق 8 ماي 2018. ولافتات اخرى متعددة رفعها المتظاهرون كتب على اغلبها ”إضراب الكرامة“ و“الزيادة حق وموش مزية“ و“الشعب يريد إسقاط الحكومة“ . و“لا خوف لا رعب السلطة ملك الشعب“. وهي شعارات وجهت الى الحكومة التي بدورها ورثت ملفات ضخمة اثقلت بقضايا الفساد المالي وسوء التصرف في تسيير البلاد في الاتجاه الصحيح وهي اليوم مطالبة بتصحيح المسار وإعادة التوازن الاقتصادي للمواطن.
وسط كل هذا الغضب تقف الحكومة على مشارف خط فاصل بين تحذيرات صندوق النقد الدولي وبقية الجهات المانحة من تداعيات عدم الالتزام بما تم الاتفاق حوله وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وبين ثقل كتلة أجور القطاع العام التي تضاعفت من 7.6 مليار دينار سنة 2010 إلى 16 مليار دينار في 2018 وصعوبة الظرف الاقتصادي المتردي في البلاد وما تتطلبه من تحركات وإجراءات عاجلة يرفضها الشعب.
وبين هذا وذاك تشتت الاصوات المنادية وسط حشد المتظاهرين وغلب عليها طابع التخوف من التفقير والجوع وسياسة الضغط الخارجي على الحكومة وما ستؤول اليه الاوضاع لاحقا.