لمدة 5 سنوات وبنسب تتراوح بين 15 %و27 % : المغرب تُثَبت «تهمة» الإغراق وتفرض رسوما جمركية على واردات الكراس المدرسي

اتخذت وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي المغربية قرارها النهائي بشأن تحقيق الإغراق

الذي تم فتحه يوم 11 ماي 2017 بفرض رسوم جمركية على توريد الكراس المدرسي التونسي لمدة 5 سنوات، لتكون بذلك الشركات التونسية المنتجة للكراس أمام خيارين أحلاهما مر، إما الخروج من السوق المغربية أوالتقليص من هامش الربح لضمان الاستمرار في السوق إلى حين الفصل النهائي في الملف.

قررت المغرب مؤخرا فرض رسوم جمركية على 3 شركات تعمل في صنع الكراس المدرسي بنسب تتراوح بين 15.71 في المائة 27.71 في المائة على إمتداد 5 سنوات وفقا لما جاء في منشور صادر عن وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي المغربيّة في موقعها الالكتروني يوم 5 نوفمبر الجاري وتأتي هذه الخطوة بعد إجراء تحقيق الإغراق الذي امتد على مدار سنة ونصف، والذي جاء بعد تقدم عدد من أصحاب الشركات المغربية الناشطة في إنتاج الكراس بشكاية إلى وزارة التجارة يوم 10 مارس 2017 مفادها تأزم الوضع الاقتصادي لمؤسساتهم جراء الممارسة التجارية للشركات التونسية ،ولقد قامت الوزارة في الأثناء بإصدار قرار تمهيدي بوجود عملية الإغراق يوم 6 مارس 2018 استوجبت اتخاذ إجراء حمائي لمكافحة الإغراق انتهت بفرض رسوم جمركية تراوحت بين 33 و51 في المائة وهي خطوة تعتبر بمثابة الخطوة القاتلة لنشاط التصدير بالنسبة للشركات التونسية خاصة بعد ماكانت معفاة من أي ضرائب.

ماهو الإغراق؟
الإغراق «هو قیام دولة بتصدیر منتج بسعر یقل عن قیمته المعتادة (أقل من سعر بیعها المحلي أو أقل من تكالیف إنتاجها)، أو یقل عن السعر المقابل لمنتج مماثل یباع في دولة التصدیر، وهو أسلوب یتبع عادة من قبل الشركات المصدرة التي تبیع في سوق دولة أخرى، ویختلف عن الدعم الذي ینبع عن تدخل الدولة لصالح الشركة المصدرة، والتي تبیع في سوق دولة أخرى بأسعار أقل عن الأسعار العادیة وتتم مواجهة الإغراق أما بفرض رسوم مكافحة الإغراق (رسوم جدیدة)، أوالتوصل إلى تعهدات سعریة من المصدرین وتحدد منظمة التجارة الدولية شروط ثبات عملية الإغراق ,حيث تشترط المنظمة توفر 3 شروط أساسيّة مجمّعة لتأكيد عمليّة الإغراق وتبرير فرض إجراءات مكافحة الإغراق وهي, الإغراق, وجود ضرر, ووجود علاقة سببية .

ولقد عللت وزارة التجارة قرارها بفرض رسوم الإغراق بحجة تضرر المنتجين المحليين من صادرات الكراس التونسي التي شهدت إرتفاعا مهما خلال الفترة الأخيرة مقارنة بحجم الإنتاج المحلي وقد كان لهذا الارتفاع أثر واضح في أسعار الكراس المنتج محليا من ناحية التكلفة ،وقد ذكرت وزارة التجارة المغربية أن الإنتاج الوطني للكراس المغربي قد تدهور بشكل لافت ،حيث تدهور الإنتاج والمبيعات والأسعار خاصة خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2017.

ولقد رأت المغرب أن اتخاذها لهذا الإجراء هو من باب حماية مؤسساتها، ولقد بدأت المغرب تعتاد على خوض مثل هذه التجارب لحماية أنشطتها التجارية وليست هي المرة الأولى التي يفرض فيها المغرب رسوماً من هذا النوع، فقد أقرت السلطات قبل أشهر رسوماً مماثلة على واردات النسيج من تركيا في الوقت الذي تجمعها معها إتفاقية التبادل الحر بعد شكاية قدمها مصنعون محليون تفيد بتضررهم كما قامت المغرب بفرض رسوم جمركية على ورادات الصلب التركي المدرفل بالحرارة سنة 2014، لتقوم على إثرها تركيا برفع شكوى لدى منظمة التجارة العالمية في 2016 ترفض فيها رسوم الإغراق المقدرة بـ 11 %، شكوى انتهت بقرار أصدرته المنظمة بتاريخ 31 أكتوبر 2018 تحث فيه المغرب على إلغاء الرسوم الجمركية التي فرضتها على وارداتها من الصلب التركي، وقال تقرير المنظمة الدولية إن المغرب تصرف بشكل غير متسق مع بعض بنود اتفاقية مكافحة الإغراق»، موضحا أن المغرب لم يقدم جميع الحقائق المتعلقة بالموضوع إلى الأطراف المعنية، واكتفت المنظمة الدولية باقتراح إلغاء الإجراءات، دون مطالبة المغرب بإلغاء التدابير فورا، كما طالبت بذلك تركيا مما يعني ان المنظمة لم تستجب لطلب تركيا بدعوة المغرب إلى إلغاء تلك الرسوم فورا كما أنها لم توافق المغرب في إجرائها الوقائي ضد تركيا.

ماذا ينتظر الشركات التونسية بعد رسوم الإغراق؟
يعد سيناريو رفع «المظلمة» إلى منظمة التجارة العالمية من السيناريوهات المطروحة أمام تونس في حال استنفاد جميع الحلول بمختلف أشكالها، فالشركات التونسية المصدرة للكراس نحو المغرب دقت ناقوس الخطر وطالبت وزارة التجارة التونسية والحكومة بالتدخل وقد وقع ذلك وفقا لما يقتضيه القانون وتم عقد جلسات استماع وبعث مراسلات و لكنها لم تكن مجدية بالشكل المطلوب بإعتبار الإبقاء على الرسوم الجمركية مع إجراء تعديل في النسبة إلى النصف تقريبا ،فالشركات التونسية المقصودة تقوم بتصدير حوالي 7 أطنان من الكرّاسات باتجاه المغرب وتمثل 87 % من الواردات الجمليّة المغربيّة للكرّاسات مع العلم أن الشركات المقصودة هما اثنتان بالأساس وتعتبر ان من أكبر العلامات التجارية الموجودة في تونس.
وبفرض هذه الرسوم ستكون هذه الشركات في وضعية صعبة ، حيث نبه الصناعيون التونسيون في وقت سابق خلال ندوة صحفية من أن تطبيق إجراءات مكافحة الإغراق سيؤدي إلى حرمان المصنعين من الوصول إلى سوق كبيرة وإستراتيجيّة كما سيرغم المصنعين على اتخاذ جملة من الإجراءات التي قد تؤدّي إلى نتائج سلبيّة على مستوى الاستثمار والشغل في تونس .

وزارة التجارة التونسية تقول أنها ماتزال بصدد دراسة موقفها إزاء التدابير التي اتخذتها المغرب ضد واردات الكراس التونسي ،حيث بينت مديرة إدارة الإجراءات الوقائية عند التوريد بوزارة التجارة درة البرجي في تصريح لـ «المغرب» أن الوزارة عملت والأطراف الحكومية المتدخلة على حلحلة الأمر مشيرة إلى أن تدخل الدولة أدى إلى تقليص نسبة الإغراق التي تم إصدارها في بادئ الأمر والتي كانت في حدود 80 % إلى 50 % قبل يقع التعاون مع الصناعيين ليقع مزيد التخفيض في رسوم الإغراق إلى 27 %.

وشددت المتحدثة على أن الوزارة تعمل مع مختلف الأطراف الحكومية والصناعيين على دراسة موقف للدفاع عن مصالح الشركات التونسية خاصة وان عناصر الإغراق الضرورية لم يقع إثباتها من طرف الجانب المغربي في نتائج التحقيق.

كما بينت البرجي أن تحرك الوزارة سيكون بعد صدور قرار الرسوم الجمركية رسميا عن طريق أمر أو مرسوم بوزارة المالية يصبح من خلاله تطبيق الرسوم الجمركية ساري المفعول وفي حال تطبيقها فإن تونس ستطلب مشاورات جديدة مع المغرب على أمل التوصل إلى حل توافقي يرضي جميع الأطراف ،خاصة مع وجود نوايا مشتركة بتعزيز المبادلات التجارية ،مضيفة انه في حال لم يتم التوصل إلى حل , فإن الأمر سيرفع إلى لجنة من خبراء تابعة لجهاز تسوية النزاعات بالمنظمة العالمية للتجارة.

اتفاقية أغادير تتيح إمكانية فرض رسوم جمركية
على الرغم من اتفاقية أغادير التي تجمع بين تونس والمغرب والتي تنص على «إعفاء كامل من الرسوم الجمركيّة والرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل للسلع الصناعيّة المتبادلة بين الدول الأعضاء» فإن الاتفاقية ذاتها تبيحها في فصلها الرابع وفي المادة السابعة عشرة تقول «إذا واجهت أي دولة طرف حالة دعم أو إغراق في وارداتها من الأطراف الأخرى، فإنه يمكن إتخاذ الإجراءات الملائمة لمواجهة مثل هذه الحالات وفقا لأحكام اتفاقيتي الدعم و الرسوم التعويضية وإجراءات مكافحة الإغراق الملحقتين بإتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية ،وذلك طبقا للقوانين و التشريعات المطبقة في كل من الدول الأطراف في الاتفاقية».

فكيف سيكون صنيع تونس اليوم في وقت تشير إلى وجود نوايا من المغرب إلى تذليل العجز التجاري الذي يشهد اتساعا مع الوقت ،حيث تبرز بيانات مكتب الصرف المغربي ارتفاع في نسبة العجز التجاري للمبادلات الخارجية للمغرب بنسبة 8,2 في المائة نتيجة زيادة في وارداتها بنسبة 9.7 في المائة في 9 أشهر من 2018 وهو ما قد يجعل المغرب تبرر لجوءها إلى آلية رسوم الإغراق للضغط على التوريد وقد لايكون من باب استهداف للقطاعات التصديرية التونسية نحو المغرب خاصة و أن سفيرة المغرب بتونس لطيفة أخرباش قد نفت في تصريح سابق لـ«المغرب» وجود نية لضرب قطاع الكراس المدرسي التونسي أوإتخاذ إجراءات مماثلة لقطاعات ثانية.
فالمبادلات التجارية بين تونس والمغرب لصالح تونس بفائض قدره 269.7 مليون دينار حسب المعهد الوطني للإحصاء وهو ماقد يدفع المغرب إلى آلية تحقيق الإغراق لمداواة عجزها التجاري مع تونس لكن هل قيمة العجز المسجلة كفيلة بإتخاذ إجراءات ضد قطاع الكراس التونسي؟ ...فماذا إذا عن العجز التجاري الذي تعاني منه تونس تجاه الصين وتركيا...فهل

يمكن اللجوء إلى هذه الآلية خاصة وأن الإجراءات التي تم اتخاذها في وقت سابق من طرف البنك المركزي ووزارة التجارة لوقف نزيف الواردات وتقليص العجز التجاري لم تعط أكلها بدليل تسجيل رقم قياسي للعجز التجاري خلال 10 أشهر لم يقع تسجيله خلال سنة كاملة لسنة 2017.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115