العقبة التي أسقطت أغلب الحكومات السابقة: هل تنجح الحكومة الجديدة في حل الملف الاقتصادي ورفع التحدي الأكبر

تغريدات كثيرة دونت على مواقع التواصل الاجتماعي وآراء متعددة اختلفت وتباينت حول ملامح وتشكيلة

حكومة الشاهد التي نالت اصوات نواب الشعب و تمت المصادقة عليها. اغلب الاراء التي اختلفت في بدايتها سلمت لاحقا بان التركيبة الجديدة لحكومة الشاهد أمام امتحان صعب لتبرهن عن قدرتها على تجاوز الازمة والخروج بالبلاد من وضع اقتصادي صعب الى وضع اكثر استقرارا. تحديات كبرى تنتظر الباقة الجديدة من الوزراء وعلى رأسهم ربان السفينة الذي اعلن في مرحلة سابقة وتحديدا عقب تكليفه بمنصب رئيس الحكومة ، إن حكومته ستعمل وفق خمس أولويات أساسية تتمثل في كسب المعركة ضدّ الإرهاب والتصدّي للفساد، ورفع نسق النموّ،والتحكم في الموازنات المالية، والعناية بالنظافة والبيئة. مالجديد في اولويات حكومة الشاهد المصادق عليها وما الذي ينتظر التسريع والتنفيذ ؟؟وهل تنجح الحكومة الجديدة في رفع تحدي الملف الاقتصادي العقبة التي اسقطت كل الحكومات السابقة.

ثلاثة محاور كبرى ستعمل حكومة الشاهد على تنفيذها وتعزيز اليات تنفيذها وفق ما تم الاعلان عنه خلال جلسة منح الثقة للحكومة وهي التحكم في الاسعار وضرب الاحتكار ومقاومة الفساد وهي مطالب نادى بها الشعب منذ ثورة 14 جانفي ولم يجد كل من تناوبوا على سدة الحكم كلمة السر لتحقيقها وأغلق ملفها نهائيا . حكومة الشاهد الجديدة ستعمل وفق ما تم الحديث عنه على التحكم في نسبة التضخم الى حدود 5 بالمائة مع نهاية سنة 2019 فكيف سيتم ذلك ؟

التحكم في مسالك التوزيع
سيتم اعتماد استراتيجية عمل اساسها الضغط على الاسعار من خلال التحكم في مسالك التوزيع والتصدي للتجارة الموازية بتكثيف المراقبة على الطرقات الرابطة بين فضاءات الخزن ووحدات الانتاج وإعاقة نشاط الدخلاء والمضاربين والمحتكرين والضغط على منابع تزودهم بالإضافة الى القيام بزيارات ميدانية مكثفة ومتابعة تطور الاسعار في السوق بالإضافة الى التنسيق بكثافة مع مصالح وزارة الفلاحة لمتابعة مواسم الانتاج والمساحات المزروعة هذا بالإضافة الى متابعة اطوار مسالة المضاربة حول بعض المواد مثل الحليب والبيض واللحوم البيضاء من خلال تحيين برنامج المخزون الاستراتيجي لكل من هذه المواد الاستهلاكية الضرورية في قفة المواطن وكيفية تعديل السوق مع امكانية التدخل ظرفيا اذا لزم الامر لتحديد الاسعار وهوامش الربح.

نسلم بان الشاهد لم يواجه صعوبات كبيرة في تمرير تشكيلته أمام البرلمان، لكن هذه الحكومة الجديدة ستواجه كغيرها من الحكومات السابقة وهو ما اصبح مألوفا لدى الجميع صعوبات كبيرة في تنفيذ برامجها يتعلق اغلبها بالعقلية الراسخة منذ عقود لدى الاغلبية وهي عقلية العرقلة والانتقاد وقلة الانتاج وتعطيل المصالح وهي في الحقيقة موروث لم تتخلص اهم المصالح الادارية منه ولم ترتق بعد الى مرحلة التنفيذ السريع وتقصير الطرق بدل اطالتها وتسهيل المهام بدل تعقيدها وهذه العقلية سيكون لها ومما لا شك فيه اثر كبير على سرعة انجاز الخطط المقترحة ما لم يتم الضغط على انصارها والتصدي لها وتركيز رقابة مشددة على اليات التنفيذ في المؤسسات والادارات خاصة فيما يتعلق بملف تشجيع الشباب على الاستثمار وتقليص العراقيل الإدارية بإلغاء عدد من التراخيص غير الضرورية .

الملف الاقتصادي
الملف الاقتصادي هو أبرز التحديات التي تواجه حكومة الشاهد وهو ملف بقدر ما اجتمع حوله مكلفون ووزراء ومسؤولون فإنه ازداد تعقيدا واتسعت دائرة ضبابيته ولم يجد الطريق الى الحل النهائي ولعل من بين ابرز عناصره الميزان التجاري الذي يعرف معدل عجز شهري يقارب ال2 مليار دينار يتسبب في مشاكل بالجملة ابرزها نزيف العملة وتدهور سعر الدينار الذي ادى بدوره الى ارتفاع نسق التضخم خاصة المستورد من خلال توريد المواد الجاهزة والنصف جاهزة والذي تعمل الحكومة على مقاومته للحد من تدهور القدرة الشرائية لدى المواطن من خلال اليات ابرزها ترشيد الواردات والحد من التوريد العشوائي الذي اتخذت بشأنه عدة قرارات اعتبرت جريئة نفذ بعضها ومازال بعضها الاخر يتعثر.
عناصر اخرى يستوجب العمل عليها لمقاومة استنزاف العملة الصعبة وتدهور قيمة الدينار من اهمها تشجيع الصادرات والمحافظة على الحوافز الجبائية وحل المشاكل المتعلقة بالمناخ الاجتماعي و تسهيل المهام اللوجستية وتطوير البنية التحتية لنقل وتصدير البضائع خاصة بميناء رادس الذي يشهد ومنذ عقود تعقيدات كبيرة لم يتسن لأي من الذين تسلموا مهام الوزارة المشرفة عليه حلها نهائيا لعدة اعتبارات.

مراحل عديدة سبقت التحوير الوزاري الذي افرز التشكيلة الجديدة بمختلف عناصرها ومكوناتها وكان حسب المحللين للوضع من الخطر على الوضعية الاقتصادية تشكيل حكومة جديدة قبل الانتهاء من هذه المراحل بسلام وأهمها المفاوضات الاجتماعية مع الاتحاد العام التونسي للشغل ومراجعة صندوق النقد الدولي ومشاغل القسط الرابع من القرض والخروج الى السوق المالية بالإضافة الى الانتهاء من قانون المالية لسنة 2019 يليها تقييم اداء الحكومة السابقة وما تعهدت به ما انجز وما علق في الكواليس. هذه المراحل انتهت تباعا بتشكيل حكومة جديدة شرعت لمرحلة قادمة اتسمت ملامحها الأولية بالعديد من الاختلافات بعضها جوهري وبعضها شكلي.
وتبقى الايام القادمة وحدها ملعب المباريات الكبرى واللقاءات الضخمة وما ستفرزه من قرارات ونتائج.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115