هجرة الكفاءات: أوروبا تستقطب %84 من الكفاءات المهاجرة

دعا مركز المسيرين الشبان بتونس صباح أمس ثلة من الخبراء والمجتمع المدني إلى لقاء حول تفاقم

هجرة الشباب والكفاءات التونسية بحثا عن أمل وغد أفضل لم يجدوهما في بلادهم التي تمزقها المشاحنات السياسية لطبقة استطاعت في غفلة من كل التونسيين الذين انتشوا بما اعتبروه ثورة ولما أفاقوا من غفوتهم وجدوا البلاد قد انسابت من بين أيديهم مثل حبات الرمل.

ودعا رئيس المركز معز الغالي إلى تناول الموضوع بعيدا عن العواطف والسفسطائية السياسية فالكفاءات التونسية التي اختارت أن تغادر الوطن بحثا عن «وطن « أخر تجد فيه لا فقط نفسها بل عيشا رغدا بعيدا عن الضبابية المستمرة اليوم ، مع عدم تحميل هذه الكفاءات المسؤولية في اختيار الهجرة والهرب مبرزا وجوب النظر إلى الظاهرة بإيجابية، حيث أنها ستمكن أصحابها من اكتساب خبرات مهمة يمكن أن تستفيد منها تونس بعودتهم، داعيا إلى النظر للقضية بعقلانية لما ستعود به على هذه الكفاءات من معرفة وثراء.

مدير مركز «أديناور» بتونس «هولجار ديكس» أشار هو الآخر إلى ما تعانيه كثير من البلدان بما في ذلك ألمانيا التي يغادرها اليوم العديد من خيرة شبابها نحو كندا، ونفس الشئ شباب بريطانيا ، الذي يزحف على ألمانيا اليوم مؤكدا أن تونس اليوم هي بلد عصري وديمقراطي عليه أيضا استقطاب الكفاءات من بلدان أخرى عبر دعم بعث المؤسسات الناشئة والمجددة مع العمل على توفير كل ما يمكن لشد الشباب والكفاءات عامة عبر مجموعة من الحوافز المادية والمعنوية.

الدكتور مروان بلوذنين لم يغفل أهمية هذه الظاهرة على المستوى الوطني وخطورتها لكن في المقابل دعا إلى وجوب تفعيلها على نطاق الجنوب جنوب ورغم أنها شر لابد منه فلا بد من حسن التعامل معها عبر شد هذه الكفاءات إلى وطنها وحثها على التفكير فيه خاصة عبر العمل الجمعياتي الذي يستطيع أن يربط الصلة بين البلد وكفاءاته مبرزا تجربته الناجحة في خلق نسيج من العلاقات مكنت من الاستفادة من الخبرات العالمية والتونسية .

الحديث عن الأرقام المتوفرة عن هجرة الكفاءات ليست محينة بالشكل الكافي وأكد مختار الكافي أن اوروبا تستقطب اليوم 84 % من مجمل الكفاءات التونسية المهاجرة في 12 بلدا من مجموعة الدول الأوروبية والمقدر عددها بـ 94 ألف، مبرزا إحصائية لعمادة الأطباء التي تؤكد أن 40 % من مجمل العاملين في القطاع الصحي هم اليوم مهاجرون أغلبهم في فرنسا بالنسبة للأطباء وإيطاليا وبلجيكا بالنسبة للممرضين والإطارات شبه الطبية مع بروز ألمانيا كوجهة جديدة للأطباء التونسيين، كما تؤكد الوكالة التونسية للتعاون الفني أن 74 % من المهاجرين التونسيين لم تزد غبرتهم عن عشر سنوات. كما أن هناك طلبا متزايدا على أساتذة اللغة الانجليزية من فرنسا.

لا شك أن دول شمال المتوسط تشجع على هجرة هذه الكفاءات، وتستقطب عددا كبيرا من أبنائنا، فما السبيل لإيقاف هذا النزيف، وهو السؤال المحوري الذي حاول الجميع الإجابة عليه أولا بفهم أسباب تفاقم الظاهرة وثانيا الوسائل الفعالة للحد منها حفاظا على كفاءات البلاد من الفرار والهجرة التي عدت نعمة ذات بعد اجتماعي وثقافي وفرصة للمهاجر لتكوين نفسه علميا من خلال الخبرات المكتسبة والتي ستكون مردوديتها مستقبلا على البلاد كبيرة ومعنويا كذلك على الشاب الذي يحقق من ورائها مكاسب مادية مهمة تدفع به لتحسين أوضاعه عامة، ذلك ان الظاهرة ليست منحصرة بتونس بل هي عامة وتكاد تكون هدفا في بعض البلدان لتطوير مكتسباتها ومشاركتها في تثمين التبادل الثقافي والحضاري بين الامم.

إن المهارات التونسية في الخارج لا يجب النظر إليها كحالة مثيرة للقلق أو الخوف ليس فقط لدى الأهل ومن ثمة أصحاب المصلحة بل لابد من النظر إليها استراتيجيا في إطار رؤية موضوعية تدفع إلى الاستفادة منها على المستويين المتوسط والبعيد لبناء وطن قادر على المساهمة لا فقط في نقل المعارف بل في الاستفادة منها بعيدا عن الخشية من تحولها إلى تهديد لكيان الدولة بإفراغها من كفاءاتها التي أنفقت من أجلها موارد عظيمة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115