معها من غرور وكاريزما نرجسية واحلام لذيذة تزداد وضعية البلاد الاقتصادية دقة وتعقيدا ويتغلب هاجس الانا الاعظم عند اغلب رؤوس السلطة والحكم على واجب الامانة التي اوكلت إليهم والتي تفترض ان يكون الجميع يدا واحدة في خدمة البلاد والشعب وما انتخبوا لأجله ووسط املاءات وصراعات وقواعد مخروقة تبرز مؤشرات اقتصادية موجعة تزيد المشهد السياسي ضبابية والجوانب الاجتماعية تعقيدا لعل اهمها العجز التجاري المسجل خلال العشرة أشهر الماضية من السنة الحالية والذي تجاوز المعدل الجملي لكامل سنة 2017 والمقدر ب 15.6 مليار دينار ليبلغ 16 مليار دينار مع توقعات مؤكدة ببلوغه نحو ال 20 مليار دينار مع نهاية السنة الحالية، ويبدو ان المؤشرات القادمة ستكون اكثر خطورة ما لم يتم الحد من غلبة النرجسية والوقوف جنبا لجنب للحد من سيل الطوفان الذي قد يجرف البلاد ومن فيها اذا تواصلت لعبة الكراسي بلا هوادة.
ترتفع يوما بعد يوم في بلادنا عقلية التواكل وتتراجع نسب الانتاجية وتتعطل محركاتها لسبب أو لآخر وسط ما يقدم يوميا من مؤشرات سالبة توحي بوضعيات اقتصادية واجتماعية اكثر صعوبة قادمة على مهل وترتفع مقابل ذلك وتدريجيا وتيرة الأسعار ونسبة التضخم لتستقر في مستوى 7.4% دون اعتبار ارتفاع حجم المديونية وخدمة الدين ودون اعتبار توقعات خبراء المال والأعمال بصعوبة الخروج الى الاسواق المالية لاحقا اذا تواصلت الازمة الاقتصادية والصراعات السياسية.
وسط صراعات التموقع على راس السلطة وهاجس من يقود القطيع تزداد المؤشرات الاقتصادية قتامة ومعها يتوجس الشعب خيفة من ظلال ستلقيها الازمات على معيشتهم التي تزداد غلاء يوما بعد يوم وما سيتكبده من خسارة بسبب سوء التصرف وانتشار عقلية الفساد هنا وهناك وبدل ان يتماسك المشهد السياسي ليقدم تونس في ابهى الصور وأجملها ويوفر مناخا سياسيا واجتماعيا مستقرا يشجع المستثمرين خاصة الاجانب على الاستثمار في تونس وفتح باب العملة الصعبة التي تنفع في زمن القحط هم يتناحرون ويطلون على الشعب بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها غير الاشهار المقنع لبلد بدأ عقد سياساته ينفرط تباعا ولا احد بإمكانه ان يتنبأ بما قد تحمله قادم الايام من مفاجات.
انخرام لم تشهده البلاد منذ استقلالها في مجال التجارة الخارجية تسببت فيه العديد من العوامل الرئيسية ادى الى عجز تجاري اعلن عنه المعهد الوطني للإحصاء واصبح هاجسا يقض مضجع المشرفين على الملفات المالية والنقدية في البلاد تسبب فيه العجز المسجل مع بعض الدول كالصين الشعبية 4.5 مليار دينار وسط غياب أية سياسة لحماية السوق من السلع المقلدة والبضائع غير المطابقة للمعايير وإيطاليا 2.4 مليار دينار وتركيا 1.8 مليار دينار والجزائر 1.2 مليار دينار وروسيا 1.2 مليار دينار مقابل صادرات ضعيفة لهذه الدول ومقابل انتاج محلي محتشم لسلع يمكن لأصحاب رؤوس الاموال انتاجها في تونس اذا ما كان المناخ الاستثماري في البلاد اكثر استقرارا لو كان الساسة والمتهافتون على سدة الحكم ابعد رؤية وأكثر حنكة في التعامل مع الوضعية الاقتصادية الحالية وما تقتضيه من ذكاء وفطنة.
يتحدث بعض المسؤولين بكثير من التفاؤل والأمل عن ارتفاع صادرات قطاع المنتوجات الفلاحية والغذائية وهم في الواقع يتناسون ان مرد هذا الارتفاع المسجل يأتي اساسا من ارتفاع مبيعات زيت الزيتون والذي يعتبر استثناء في بعض السنوات ويتراجع في سنوات اخرى وبالتالي لن يكون محركا دائما لا للصادرات ولا لنسب النمو وكذلك ارتفاع صادرات التمور التي على اهميتها تعاني من اشكاليات كبيرة سواء على مستوى الانتاج او المتابعة بسبب العديد من الصعوبات التي يعانيها فلاحو التمور والنقائص التي تهدده باستمرار وتحدث عنها المهنيون في العديد من المناسبات التي واكبناها .
ومقابل ما يتم التسويق اليه والتأكيد عليه من ان الصادرات عرفت انتعاشة هناك تراجع كبير وملحوظ مازالت انعكاساته تؤثر سلبا على الوضعية الاقتصادية في البلاد وهو قطاع الفسفاط ومشتقاته الذي تراجع كثيرا وفقد القه وأسواقه التقليدية وبدل ان ينكب اصحاب القرار على ايجاد حلول جذرية لقطاع كان يمثل احد اهم ركائز الاقتصاد الوطني نفاجأ كل يوم بمستجدات تزيد المسائل تعقيدا وتحيد عن المواضيع الاكثر حيوية والملفات الحارقة رغم التحذيرات الصادرة عن الفاعلين السياسيين والاقتصاديين حول خطورة تفاقم عجز الميزان التجاري وتداعياته الوخيمة على المنظومة الاقتصادية وما تنذر به من تعثر مالي ومخاطر اقتصادية كبرى.