كثيرا وبصورة مباشرة بتداعيات العملية الارهابية الاخيرة وفق ما علمت به «المغرب» من مصدر مسؤول بالفندق حيث تسببت العملية في خسارة للنزل تقدر بنحو 800 الف دينار في برنامج حجز لأسبوعين فقط مشيرا ان ادارة النزل تلقت ضربة موجعة بتتالي اتصالات الغاء الحجوزات والسبب المباشر ان الوضع حاليا لا يشجع على عقد مؤتمرات ولقاءات مهنية ضخمة وعلى مستوى دولي رغم كل ما تم التسويق له بان العملية الانتحارية التي جدت مؤخرا بالعاصمة لم يكن لها اي تاثير على المستوى الاقتصادي.
مرة اخرى يعجز قطاع السياحة عن ادارة ازمته التي انطلقت منذ 2012 بداية اول الاحداث الارهابية في تونس وهي فترة كانت نظريا كافية لصياغة تصور او خارطة طريق وخطة عمل للتصرف في مثل هذه الحالات اي كيف تتحرك الفنادق ووكالات الاسفار والمهنيين للحد من تداعيات اية عملية ارهابية على القطاع وكيف يمكن ادارة هذه الازمات بذكاء ووفق برنامج عمل يخفف من حدة الازمة على قطاع يعد عصب الاقتصاد النابض وأهم محرك للنمو ومصدر أساسي وأولي للعملة الصعبة التي بدأت تتقلص عائداتها منذ فترة بسبب عدة عوامل.
رغم تسجيل ارتفاع في عدد الوافدين الذي تجاوز 6 ملايين سائح ورغم تطوّر مداخيل تونس من القطاع السياحي، خلال 2018، بنسبة 24.4 % باليورو، و39.5 % بالدولار، و39.5 % بالدينار التونسي، ورغم ما حققه من نتائج ايجابية في عائداته مازال القطاع يبحث عن طريق التوجه الصحيح نحو الاستقرار مازال القطاع السياحي في تونس يبحث عن طريق التوجه الصحيح نحو الاستقرار حيث ان جزءا كبيرا من هذه النتائج التي لم تنتجها استراتيجيات عمل ضخمة او عمليات اشهارية كبيرة ولا خارطة عمل محددة ولا برنامج تسويق ضخم لمواجهة الارهاب بل كان الفضل فيها للمناخ المستقر لتونس ولموقعها الاستراتيجي الذي يجعل منها الوجهة المفضلة خاصة لسياح حوض البحر الابيض المتوسط علاوة على احتوائها على أكثر من 40 ألف موقع تاريخي، وهو ما يجب العمل عليه وتدعيمه بحملات ضخمة واستراتيجية عمل وتسويق كبيرة تتزامن مع برامج تكوين وتهيئة لاسباب ومناخ عام لادارة الازمات خاصة تلك التي تتسبب فيها العمليات الارهابية والفكر الاجرامي المتطرف.
في واقع الامر هناك اشياء يمكن التحكم فيها وأشياء اخرى تتجاوز قدرات الجميع فإما تلك التي يمكن التصرف فيها فتتعلق بقدرة اصحاب النزل والمهنيين في قطاع السياحة على التصرف السريع في الازمات والتدخل باليات عمل دقيقة هدفها اقناع حرفائهم وطمأنتهم وبعث رسائل ايجابية تقلل من حدة الضربة على نفوسهم وتخفض من وتيرة تخوفاتهم وهناك مسائل اخرى لا يمكن التحكم فيها تتعلق بتبعات العملية من خسائر مادية انية يتم حلها بوسائل اخرى.
يؤدي ارتفاع وتيرة الارهاب في الغالب إلى تراجع معدلات الحجز على الوجهة المقصودة وبالتالي يؤدي إلى تراجع في عائدات قطاع السياحة أو ما يعرف بـ«تاثر الدخل»على اعتبار انها مصدر حيوي في تنشيط الحركة الاقتصادية وعصبه النابض بكل ما تقدمه من خدمات وما توفره من عملة صعبة على مدار السنة و تحاول السياحة التونسية وعلى مرور السنوات التي لحقت الثورة ان تتخطى العديد من الحواجز الصعبة والتضييقات وان تنجح في كسب ثقة اسواقها التقليدية وتنجح ايضا في اقتحام اسواق جديدة للوجهة التي خفت بريقها لفترة ما ورغم ما حققته من نتائج ايجابية تبقى الضربات الارهابية السيف القاطع الذي يهدد الاقتصاد الوطني الذي يعاني من العديد من الصعوبات عززها عجز الميزان التجاري بسبب تعثر الصادرات رغم تسجيلها تطورا في الثمانية اشهر الاولى من العام الحالي 19.8% وتراجع حجم الانتاج الخالق للنمو وارتفاع المديونية باكثر من 70 بالمائة يبقى القطاع عاجز على ادارة الازمات التي خلفتها العمليات الارهابية .
ولئن تعرضت تونس وعلى مدار سنوات الى العديد من العمليات الارهابية والمحاولات المدمرة بعضها نجح مخططوها في تنفيذها مستهدفين رجال الامن والقوات العسكرية وبعض المنشات السياحية و تلاحقت الضحايا في العديد من المناسبات وبعضها الاخر تصدت له القوات الامنية بمختلف اجهزتها واحبطتها بنجاح وبذلك سلمت البلاد من كوارث كبيرة وخسائر بشرية ومادية كانت ستهز البلاد والرأي العام. ولئن تواترت هذه العمليات بين صراع المجتمع المدني وكل القوى الفكرية والحضارية التقدمية في البلاد والتي تناضل من اجل اقتلاع بذرة الارهاب ومواجهة ظاهرة الإرهاب وكافة أشكال العنف والتطرف في تونس فان الفكر التقدمي في تونس والقوى المناهضة للإرهاب تتظافر جهودها لاقتلاع بذرته وبناء تونس حداثية معافاة وقادرة على تصدر المشاهد السياحية في العالم شريطة تركيز سياسات قوية تقاوم الارهاب وتتصدى للازمات وتحسن ادارتها.