مسؤولي اغلب المؤسسات المالية الدولية والإقليمية وبنوك الأعمال والصناديق الاستثمارية وعدد كبير جدا من كبار المستثمرين الوطنيين والدوليين و ممثلي الإدارة التونسية والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني اضافة الى خبراء دوليين مختصون في الشان المالي والاقتصادي واكثر من الف مشارك اغلبهم ممثلون لمجمعات وشركات دولية ضخمة. 33 مشروعا بتكلفة 13 الف مليون دينار تم تقديمها للتمويل والتنفيذ فتحت بابا لتساؤلات كبيرة واستفهامات عميقة طرحت خلال المنتدى ؟لماذا تأخرت تونس كثيرا في مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص هل هي القوانين او البيروقراطية والتعقيدات الادارية وعدم توفر الارضية التشريعية ام هي التجاذبات وعدم توفر المسار التنفيذي الصحيح لهذه الالية التي نجحت كثيرا في الدول المتقدمة والسائرة في طريق النمو؟؟
حازت الية الشراكة بين القطاعين العام والخاص منذ مطلع التسعينات اهتماما بالغا في مختلف أنحاء العالم. من قبل الحكومات والمجتمعات والمراكز البحثية وارتفع نسق الاهتمام بهذه المسالة بعد أن اتّضح بأنّ عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعتمد على حشد جميع إمكانات المجتمع، بما فيها من طاقات وموارد وخبرات لتنظيم مؤسسات ضخمة تتولى تنفيذ المشاريع الكبرى التي تتطلب استثمارات ضخمة تعجز الحكومات على توفيرها دون الالتجاء الى التداين والاقتراض خاصة في خضم مسار العولمة والانفتاح الاقتصادي اين اصبح للقطاع الخاص دور كبير في بناء الاقتصاديات الكبرى لا فقط في القطاعات التقليدية بل ايضا في القطاعات المتجددة والحيوية. وامام كل هذه التحديات المطروحة انكبت الحكومة على اعداد الملفات والدراسات الفنية بشكل تقني ودقيق لتسهيل عملية التنفيذ بالنسبة للمستثمر بالإضافة الى اعداد رؤية متوسطة وبعيدة المدى في المشاريع التي تخلق مواطن الشغل مع تحديد الاولويات لكل فترة زمنية.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
لئن سعت العديد من الحكومات إلى خلق التنظيمات التشاركية والمؤسساتية والتشريعات التي تسهم فيها قطاعات المجتمع في توجيه المشاريع والأعمال وإدارتها والقوانين المنظمة الا ان مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تونس بقي رهين الوقت ولم ياخذ حيزا هاما في سياسات الدولة التنموية السابقة ماعدا بعض الاستثمارات البسيطة في وقت ما على
غرار مشروع بحيرة تونس الشمالية وغيرها من المشاريع الاخرى وهي مشاريع تعتبر صغيرة في حجمها وعددها مقارنة بما تمتلكه تونس من امكانيات استثمارية كبيرة. ولئن توجهت تونس حاليا الى مثل هذه المشاريع التي من شانها ان تساهم في القفزة الاقتصادية المنتظرة من خلال توجيه الاستثمارات الخاصة الى مشاريع اكبر على غرار البنية التحتية والطاقة وشبكات الاتصالات ومحطات الصرف الصّحي والطرق والجسور والمياه وغيرها فان هذه المشاريع ايضا من شانها ان تساهم في تحفيز نموّ الناتج المحلي وتطوير الاقتصاد.
نعلم ان تراكم حجم الديون وارتفاع وتيرتها ساهم في تعميق العجز المتواصل للدولة عن تحمّل أعباء الإنفاق الاستثماري اللازم وهو ما انعكس سلبًا على قدرة الدولة في تنفيذ المشاريع الكبرى التي تتطلب تمويلات ضخمة ومن هنا كان الالتجاء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل مشاريع بنى تحتية ذات مصلحة عامة، وتنفيذها وإدارتها، ومن هنا كان
انتباه العديد من الدول الى اهمية هذه الالية ولعل من بينها تركيا والاردن التي بلغ حجم استثماراتها في مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص نحو 10 مليار دينار مقابل لا شيء في تونس وهو ما تسعى الحكومة الى تغييره نحو ارقام اكثر اهمية ونسب مرتفعة تساهم في تطوير المشهد الاقتصادي وتخفيف العبء الاستثماري على الدولة التي تعاني بطبيعتها من تراكم حجم المديونية وغيرها من الصعوبات الاخرى التي تتواتر حدتها
كان التجاء الحكومة الى مشاريع الشراكة بين القطاعين اختيارا وعن قناعة بدور هذه الالية في الخروج من الوضع الاقتصادي الراهن وتغيير بوصلة الاستثمار الخاص من القطاعات التقليدية الى قطاعات اكثر عمقا ونجاعة وفاعلية و دقت ساعة تنفيذ المشاريع الضخمة وبسرعة أقوى وهو ما تمت الاشارة اليه في العديد من المناسبات والعديد من المداخلات ورغم رفض بعض مكونات المجتمع المدني لهذه الالية فان الحكومة تعتبرها جسر العبور الى ضفة الاستقرار الاقتصادي في جزء كبير منه بانتظار ما ستحققه المشاريع ال 33 المقترحة امس.