تجاوز عتبة الخمسة ملايين سائح، وهو رقم مهم في هذه المرحلة من الموسم الذي تعلق عليه البلاد أمالا كبيرة للرفع من حصيلة العملة الصعبة التي ما تزال دون ما كانت عليه قبل 2010، حيث كانت تساهم السياحة بنسبة 7 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر ما بين 18 و 20 % من موارد البلاد من العملة الأجنبية كل عام ، وتغطي 56 % من العجز التجاري.
تطور مجريات الموسم وإن تبدو مشجعة فهي في الواقع بالنظر إلى وضع الدينار اليوم ، دون المأمول فتطور المداخيل بالعملة الصعبة إلى غاية نهاية الشهر الماضي قدرت بـ 42 % بالقياس إلى نفس الفترة من العام المنصرم ، وهذا لا يعكس بالمرة حجم التطور في عدد الوافدين ، ذلك أن السياح في تونس يغلب عليهم سوقان هامان الأول مغاربي ممثلا في الأشقاء الجزائريين وهم ابرز سوق وافدة حيث يزيد عددهم عن مليوني زائر بالإضافة إلى الليبيين مما يجعل عددهم يتجاوز الثلاثة ملايين ، لا يضخون غير نسبة محدودة من العملة الصعبة في السوق التونسية بفعل تعامل جانب كبير منهم وفي وضح النهار مع السوق الموازية للعملة والتي يمكن تتبعها في كثير من انهج وأحياء العاصمة والمناطق التي يمرون منها. وبهذا تكون هذه السوق على أهميتها خارج الدائرة الاقتصادية للقطاع .
أما السوق الثانية فهي الأوروبية المحكومة بقبضة منظمي الأسفار الذين يغنمون الجانب الأوفر من عائدات الأوروبيين أولا بفعل بيع غرف النزل بالدينار التونسي بأسعار تعد «الأبخس» في المتوسط وثانيا بمحدودية إنفاق هؤلاء أولا لعدم توفر مجالات تجارية حقيقية وترفيهية قادرة على دفعهم على الاستهلاك، وأيضا بفعل أن الجانب الأعظم من الوافدين هم من السياح المحبذين للمنتوج الشامل «all inclusive» وهذا ما يجعل مردودية القطاع عامة محدودة. ولا يمكن أن نخفي ان وضع السياحة في تونس بقي محافظا على شكله ونمطه الأول الذي كان مصدره في ستينات القرن الماضي ورغم تخلي الدولة عن القطاع لفائدة الخواص فأن هؤلاء في مجملهم ظلوا محافظين على النمط الأول ولم يسعوا لتطويره وتجديده لتحسين المردودية والرفع من قدرته على استقطاب السياح المرفهين القادرين على الإنفاق بسخاء.
لا يخفى على أحد أن السوق الأوروبية للسياحة حققت تحسنا ملحوظا هذا الموسم خاصة السوق الفرنسية التي عاودت احتلال المرتبة الأولى تليها السوق الألمانية لكن النتائج المسجلة ما تزال بعيدة عما كانت عليه قبل 2009 على الأقل فجل الأسواق الأوروبية ما تزال محدودة الحركة على الوجهة التونسية، والوافدون منها لم يتعد عددهم رغم موسم الذروة، المليوني سائح خلال الأشهر السبعة الماضية والأمل معقود في بلوغ ثلاثة ملايين سائح أوروبي مع نهاية الموسم وهو ما يجعل إمكانية تجاوز عتبة الثمانية ملايين سائح واردة جدا خاصة وأن العديد من منظمي الأسفار الأوروبيين يؤكدون حسن الحجوزات لما بعد الموسم الصيفي، علما وأن أكثر من مليوني سائح فرنسي هم بصدد البحث عن وجهة لقضاء عطلهم التي تأخرت بفعل انشغالهم بكأس العالم.
سوق أخرى تبدو أصداؤها مشجعة رغم تعثرها حتى بعد أن قررت حكومتها رفع تحجير سفر رعاياها نحو الوجهة التونسية، ونعني بها السوق السياحية البريطانية التي تحدثت وسائل الإعلام هناك عن عودة قوية منتظرة في قادم الأسابيع لوجهات مصر وتركيا وتونس حيث أكد تحقيق أجراه مكتب متخصص حول نوايا السفر للبريطانيين بالنسبة للوجهات المتوسطية الثلاث أن الوجهة السياحية التونسية تعرف اقبالا كثيفا لدى البريطانيين بلغت نسبته 900 % مقارنة بالعام الماضي بحسب «Olivier Jager» المدير التنفيذي «fordwarkeys» في حديث لقناة «CNBC» فيما شهدت تركيا تطورا بأكثر من 66 % ومصر بـ50 %. وهذا ما يجعل انتظار موسم جيد في 2018. وقد بدأ عدد من منظمي الأسفار في أوروبا يتحدثون عن استعداداتهم للسنة القادمة خاصة في ألمانيا التي شرع ابرز منظمي الأسفار هناك في إعداد وبرمجة الرحلات الجوية إلى المطارات التونسية من عدد من المطارات في ألمانيا .