لم يعد تأخر حسم موضوع الزيادة في تسعيرة الحليب في صالح المستهلك الذي وقع مجددا ضحية المحتكرين والمضاربين ,فوقفا لعدة شهادات من الشارع التونسي ,فإن مادة الحليب تكاد تكون غائبة في عدد كبير من المحلات التجارية والمساحات الكبرى على الرغم من تأكيد كل من وزارة التجارة والمصنعين بأن الحليب متوفر وحلقة الإنتاج متواصلة وبكميات كبيرة تغطي جميع الحاجيات.
ولد الحديث عن ارتفاع أسعار الحليب في الأسابيع الأخيرة حالة من الاستياء لدى العامة جراء النقص الحاصل في مادة الحليب على مستوى الأسواق, ومهما يكن السيناريو الذي يقف وراء «اختفاء» الحليب وليس «النقص», فإنه من الضروري أن يتم الحسم في الموضوع والوصول إلى إتفاق نهائي, فمادة الحليب ليست مادة ثانوية وهامشية لدى المستهلك التونسي وكل تأخير في حسم المفاوضات سيكون فرصة للمستكرشين للتمعش وفرض قوانين السوق الموازية ,وهو ما أكده رئيس الغرفة الوطنيّة لصناعة الحليب أبو بكر المهري في تصريح لـ«المغرب» مبينا أن «عدم الحسم في موضوع التسعيرة هو فسح مجال للاحتكار وللسوق الموازية» مؤكدا توفر الحليب بالكميات اللازمة حتى أن المخزون التعديلي المتوفر حاليا يتجاوز المخزون التعديلي لشهر رمضان.
وأضاف المتحدث أن حجم الإنتاج حاليا قد زاد مقارنة بالفترات السابقة على حد تعبيره,غير أن العديد من التجار يتعمدون إخفاء الحليب لبيعه بالسعر الجديد على أمل أن يتمكنوا من أرباح إضافية .
وبذلك يكون إحتمال أن تكون منظومة الإنتاج قد انتهجت سياسة الانتهازية في تقليص حجم الإنتاج أو تزويد الأسواق من الحليب وجعل من تخبئة الحليب ورقة ضغط لإجبار الحكومة على الحسم في ملف الزيادة.
كما نفى المهري أن يكون هناك ارتفاع في تسعيرة الحليب في الوقت الحالي مشيرا إلى أن أي زيادة في تسعيرة الحليب تعتبر خرقا للقانون وعلى الحريف أن يتصل بالمراقبة الاقتصادية, كما دعا محدثنا المستهلك إلى تجنب اللهفة على الاقتناء التي تجعل من أخيه المستهلك فريسة للمحتكرين .
زيادة في حدود 260 مليم /اللتر
من الجلي أن مسألة الزيادة في تسعيرة الحليب في الوقت الراهن ستكون لها تداعيات كبيرة على المقدرة الشرائية وهو ما يبرر تململ الطرف الحكومي في إقرار الزيادة بعد ما كانت قد قبلت في 21 أفريل المنقضي بمبدأ الزيادة في التسعيرة لفائدة الأطراف المنتجة والمصنعة للحليب, فالزيادة التي يتمسك بها منتجو الألبان من مربّي أبقار وصناعيين والتي هي في حدود 260 مي لايمكن للمستهلك أن يتحملها في ظل موجات ارتفاع الأسعار المتواصلة للمواد الغذائية ,كما أن الظروف الصعبة للمالية العمومية لاتسمح بتحمل صندوق التعويض هذه الزيادة على إعتبار أنها ستخل بما ورد في قانون المالية 2018.
وللتذكير, فقد تمت زيادة بـ60 مليما في سعر الحليب بتاريخ غرة افريل 2017 وزعت مناصفة بين الفلاح و المصنع تحملها الصندوق العام للتعويض .
وزير التجارة عمر الباهي أفاد في تصريح لـ«المغرب» أنه لا توجد زيادة في تسعيرة الحليب في الوقت الحالي, نافيا أن يكون الحليب مفقودا في الأسواق,غير أن لهفة المستهلك هي السبب الرئيسي في نقص الحليب على مستوى الأسواق, مبينا أن التعريفة الجديدة المتداولة والتي لم تقرها وزارة التجارة بعد تدفع المستهلك إلى مضاعفة حجم مقتنياته خوفا من نفاد الكميات في الأسواق.
المبيعات تتطور بمليون و500 ألف لتر في اليوم
وأضاف الوزير أن حجم المبيعات وصل إلى مليون و500 لتر في اليوم,متجاوزا بذلك حجم المبيعات المعتادة والمقدرة بمليون و300 لتر في اليوم.
ولم ينف وزير التجارة وجود المحتكرين مشددا على أن فرق المراقبة ستتصدى لكل عمليات الاحتكار مشيرا إلى أن عمليات المراقبة متواصلة على مدار الأسبوع لوضع حد لتجاوزات الاحتكار والغش .
يذكر أن الأطراف المهنية من اتحاد الفلاحين واتحاد الصناعة والتجارة تطالب بزيادة في تسعيرة الحليب في حدود 260 مليم, تنقسم على المربي ب184 مليم و50 مليّم لمراكز تجميع الحليب و76 مليّم للمصنّع.
وتبدي الأطراف المهنية مخاوف من انهيار منظومة الألبان جراء الصعوبات التي مست جميع حلقات إنتاج الحليب والمتعلقة بغلاء ثمن الأبقار الحلوب والأعلاف وبالرعاية الصحية الحيوانية من جهة والمحروقات والأجور وغيرها وانزلاق الدينار بالنسبة للأعلاف والأدوية والعلب المستوردة من جهة ثانية, وستؤدي هذه الصعوبات إلى اللجوء إلى التوريد بما يعني انتهاء منظومة الحليب المحلي في تونس .
أحلام الباشا