بسبب تغلغله في مفاصل الدولة: اخطبوط الفساد غول حكم على اقتصاد تونس بالضعف وعدم التوازن

اكد صندوق النقد الدولي خلال لقاءات الربيع المنعقدة بالعاصمة الأمريكية

واشنطن ان الدين العالمي ارتفع إلى مستويات تاريخية، مسجلاً ذروة غير مسبوقة قدرها 164 تريليون دولار أمريكي في عام 2016، أي ما يعادل 225 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
مقابل ما أكده الصندوق نلاحظ أن وتيرة الفساد تتصاعد تدريجيا من سنة الى اخرى في العديد من الدول مما يساهم مباشرة في انخفاض النمو وتراجع الاستثمارات والعائدات الجبائية وهو ما من شانه ان يضعف قدرة الدولة على التحكم في مسارات الانتاج والنمو و بالتالي عدم القدرة على سداد ديونها وتراكمها لسد النفقات، بدل الاستثمارات والتنمية المستدامة وتونس لم تكن بمعزل عن اخطبوط الفساد الذي ضرب مفاصلها.

طيلة فترة اجتماعات الربيع التي يعقدها كل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بالعاصمة الأمريكية واشنطن كانت اغلب اللقاءات الهامشية وأكثر المسائل التي تثير الانتباه هو التخوف الكبير من تواصل ارتفاع حجم الفساد الذي بدا عائقا أمام تطور نمو دول المنطقة ككل و من بينها تونس التي وعلى صغر تموقعها الجغرافي في خريطة أعضاء صندوق النقد الدولي تثير اهتماما بالغا وتعتبر نقطة ضوء امام العديد من المسارات الثورية وبلد انموذج تسعى الأقطاب المالية المانحة إلى مساعدتها على تخطي أزمتها الاقتصادية التي عقبت الثورة ومساعدتها تقنيا وماليا للخروج من الوضع السيئ لتكون نموذجا ناجحا يحتسب لكل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وخاصة صندوق النقد الذي حسب كل ما قدمه من تقارير يشير الى القرارات الجريئة وأهمية تواصل الإصلاحات الهيكلية التي يجب اعتمادها وضرورة معالجة الاختلالات الاقتصادية لإبقاء التعافي على مساره الصحيح وتدعيم الأسس اللازمة للنمو الاقتصادي العادل في المستقبل لتحسين المناخ الاقتصادي العام لا فقط في تونس بل في كل دول المنطقة التي تعاني من صعوبات اقتصادية وازمة دين.

لا تزال تونس تواجه كثيرا من مواطن الضعف الاقتصادية الكلية كما يزداد ملف البطالة تعقيدا مع ارتفاع نسبة الدين لاكثر من 70 بالمائة وتسارَع معدل التضخم تسعى الحكومة في كل الأحوال الى التوصل الى حلول تمكنها من تنفيذ بقية اطوار الاصلاحات الهيكلية المتفق بشأنها ومهما كانت مصادر ونوعية هذه الاصلاحات مسقطة ام مبرمجة ليس هناك امام

الحكومة الا ان تنفذها بعد الالتزام والتعهد الكبيرين مع صندوق النقد ولئن تحاول الحكومة في سياستها السير تدريجيا للايفاء بتعهداتها الا ان الحبال التي تجذب الى الوراء و تسرب اخطبوط الفساد اقوى بكثير من محاولات النهوض من جديد مما يزيد في تعقيد مسارها وصعوبته.

الفساد هذه الكلمة التي أثير حولها غبار كثيف وجدل واسعا أقسى بكثير على الدولة من اتهامها أو مواجهتها بأي ضعف آخر في حوكمتها أو سياستها الفساد أخطبوط يثير مخاوف المستثمرين الذين تخيفهم الايادي الممتدة للرشاوى ويخيفهم مستقبل استثماراتهم التي بنت اولى أحجارها بالرشوة والفساد ويجعلهم يعيشون حالة شك وعدم يقين تجرهم الى الوراء وهو ايضا يضعف قدرة الحكومة على تنفيذ برامج التنمية المستدامة، وهي مسالة من بين العديد من المسائل الاخرى التي تلعب دورا كبيرا في عدم استقرار الصورة العامة للاقتصاد التونسي الذي يفيد صندوق النقد الدولي في اخر تقرير له انه مازال والى حدود مطلع السنة الحالية 2018 يتميز بالاتجاهات المتعارضة. فمقابل تواصل تحسن النمو الاقتصادي بفعل جودة الموسم الفلاحي، وزيادة الاستثمار، والتعافي المبكر الذي تشهده الصادرات، ترتفع المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد الكلي حيث يرتفع التضخم ليسجل 7.6 % في شهر مارس، وتغطية الاحتياطيات الدولية لا تزال أقل من 90 يوماً من الواردات، والدين العام والخارجي بلغا 71 % و 80 % من إجمالي الناتج المحلي، على التوالي، وهذه العوامل المتضاربة اذا ما تزامنت مع الفساد وسوء الحوكمة من شانها ان تضعف الاقتصاد وتكون عناصر عرقلة وجذب حقيقية الى الوراء .

في اطار مكافحة الفساد تؤكد كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي انه ولكي تصبح استراتيجيات مكافحة الفساد فعالة ، يتعين أن تتجاوز مجرد إلقاء الفاسدين في السجون، إذ أنها تتطلب إصلاحات تنظيمية ومؤسسية أوسع نطاقاً. فالمؤسسات القوية والشفافة والمسؤولة هي، في نهاية المطاف، «العلاج» الأكثر استمرارية للفساد مستشهدة بكلمات لوي برانديس الشهيرة، «يقال إن ضوء الشمس أفضل مطهر؛ ونور الكهرباء أكفأ شرطي.»

وتقول لاغارد «انه وكخطوة أولى، يعمل الصندوق حالياً على وضع منهجية واضحة وشفافة لتقييم طبيعة أوجه الضعف في الحوكمة ودرجة حدتها. وسيتم النظر في مجموعة واسعة من المؤشرات – جودة مؤسسات الميزانية التي تُستخدم في فرض الضرائب والإنفاق؛ وسلامة الرقابة على القطاع المالي؛ ونزاهة البنوك المركزية؛ وشفافية تنظيم السوق وحياديته؛ والوضوح المسبق للجوانب التي تنطوي عليها سيادة القانون وتتطلبها سلامة الاقتصاد، وخاصة إنفاذ العقود؛ وملاءمة الأطر الموضوعة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبالطبع، سيتم اجراء تقييم مباشر لمدى حدة الفساد أيضاً.

تبين المؤشرات أنه رغم كل محاولات الدولة الخروج من أزمة الدين والاقتصاد المتعثر وتنفيذ التزاماتها تجاه المؤسسات المالية المقرضة الا ان اخطبوط الفساد غول حكم على اقتصاد بلادنا بالضعف وعدم التوازن وهي صورة مشوشة ترسمها ايادي ملوثة كلما برزت محاولة لتلميعها الا وبرزت عناصر جديدة تشرع لبقائها مشوشة ومضطربة كيف يستقيم الظل والعود اعوج كيف تخرج بلادنا من اختناق الممر وقتامته والايادي ممتدة للرشوة والفساد سموم تجهض محاولات الاستثمار وتضعف الدولة وتجعلها غير قادرة على غلق منافذ تسربها لكثرة مساراتها وتعدد أشكالها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115