الاقتصاد التونسي وخيارات الانفتاح على السوق الكندية

ارتهان الاقتصاد التونسي للأسواق التقليدية الأوروبية لم يمكIن الاقتصاد الوطني من تحقيق تطور حقيقي له طوال عقود طويلة مضت من ولوج أسواق أخرى جديدة تفتح له أفاقا مهمة تساعده على تجاوز نكساته المتكررة بفعل ما يعرفه الاقتصاد العالمي هنا وهناك من مصاعب .

ورغم أن أسواقا مهمة متوفرة منذ سنوات كبديل لما تعيشه السوق الأوروبية من وضع متأزم فإن الاقتصاد التونسي لم يحاول طرق هذه السواق الجديدة وإن كانت بعيدة وتتطلب أكثر بحث عن وسائل لبلوغها خاصة في النقل الذي يمثل وحده نسبة عالية من كلفة المبادلات التجارية مع هذه الأسواق الكبيرة والقادرة على أن تكون حقيقة بدائل لتصريف الإنتاج التجاري التونسي على اختلاف أنواعه وبخاصة الفلاحي.

مشاكل النقل مع الأسواق البعيدة تبقى اليوم أهم عوائق تطوير المبادلات التجارة والاقتصادية التونسية خارج الاتحاد الأوروبي فغياب النقل البحري وكذلك النقل الجوي مع أمريكا وكندا ومع أفريقيا كان له الأثر السيئ على تطوير المبادلات مع العديد من البلدان التي دخلت إليها البضاعة التونسية باحتشام كبير على غرار زيت الزيتون والتمور والتي تحظى بسمعة كبيرة في هذه الأسواق لكن هذا المنتوج لا يشكل وحده قوة تجارية واقتصادية لبلادنا في هذه الأسواق خاصة وأن لتونس علاقات سياسية مميزة معها .

وهو ما أكده سفير تونس في كندا في اللقاء الذي جمع بدار المصدر عددا من الفاعلين الاقتصاديين لمناقشة سبل تطوير التبادل التجاري مع هذا البلد الهام والذي تربطه بتونس علاقات وثيقة ومميزة لتونس مشيرا إلى أن الميزان التجاري بين البلدين يميل إلى صالح كندا حيث سجلت العام الماضي 314 مليون دينار أي بزيادة قدرت نسبتها بـ 46 % مقارنة مع سنة 2014 . وهذا ما يجعل كندا الحريف 32 لتونس وأيضا المزود 22 في حين تبقى كندا بالنسبة لتونس سادس مزود لها بالتمور والرابع بزيت الزيتون عام 2015. ولم تتجاوز الصادرات التونسية لهذا البلد الكبير 46 مليون دينار العام الماضي حيث شكلت الصادرات الغذائية منها نسبة 71 %.

تطوير المبادلات التجارية مع هذا البلد ومع عموم أفريقيا يمر حتما عبر توفر النقل الجوي والبحري وغياب هذا العامل الحيوي سيجعل اقتصادنا مرتبطا أكبر بأجوارنا شمال المتوسط ونتحمل معه جزءا غير هين من مشاكله الهيكلية والتنظيمية .فالمبادرة بتطوير التعاون الاقتصادي خارج الاتحاد الأوروبي وأن مكن تونس من صفة الشريك المتميز هو اليوم بحاجة ملحة إلى فتح خطوط بحرية وإن بالتعاون والشراكة مع بعض الدول الهامة في علاقاتها مع إفريقيا وأمريكا فبمثل هذا التعاون سيجد الفاعلون الاقتصاديون في تونس منافذ أخرى لهم تقيهم مخاطر المشاكل الناشئة عن مصاعب الاتحاد الأوروبي الذي توسع كثيرا على حساب دول جنوب المتوسط وهو ما جعل قطاعات عديدة في هذه البلاد ومن أهمها تونس تعرف خسائر ومصاعب حادة بعد أن تم بناؤها على اعتبارها مزودا رئيسا لهذه الأسواق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115