وكان تراجع الاستهلاك مدفوعا بما ترصده أجهزة المراقبة الاقتصادية والصحية من مخالفات يومية ترتكب في حق التونسي وسلامة صحته.
لئن خفتت الأضواء على ملف اللحوم الحمراء خلال الفترة الأخيرة أمام تركيز أجهزة الرقابة اهتمامها الى المواد المدعمة والتلاعب بالأسعار, فإن المهنيين يبدون تخوفهم من نقص كميات اللحوم الحمراء الموجودة بالسوق لاسيما أمام تزايد وتيرة التهريب.
أكد رئيس الغرفة الوطنيّة لتجار الجملة للحوم الحمراء صلاح الدين فيرشيو في تصريح لـ«المغرب» أنه رغم استرجاع اللحوم الحمراء لجودتها المطلوبة و تراجع نسق الاستهلاك بشكل عادي, فإن المخاوف المرتبطة بتوفير كميات كافية تلبي حاجيات السوق ماتزال قائمة لاسيما وأن الأشهر المقبلة ستكون أشهرا استهلاكية وذلك تزامنا مع شهر رمضان والموسم الصيفي,معتبرا أن تضافر كل من التهريب وضعف الإنتاج وضعف الكميات الموردة جميعها عوامل تشير إلى حدوث أزمة في الأفق .
وفسر فيرشيو أن الكميات التي توردها شركة اللحوم لا تغطي جميع الجهات ولاتصل إلى جميع نقاط البيع ,حتى أن الكميات التي يتم توفيرها على مستوى نقاط البيع في المغازات الكبرى يتم نفادها في غضون يومين على أقصى تقدير, وأضاف المتحدث أن شركة اللحوم لا يمكنها توريد كميات كبيرة على اعتبار أن التوريد سيثقل كاهل الشركة خاصة إذا كانت عملية الشراء والبيع غير متكافئة .
وفي رده عما إذا كانت شركات اللحوم الخاصة ماتزال ترغب في توريد اللحوم الحمراء, قال فيرشيو أن أمام تراجع قيمة الدينار بهذا الشكل فإن عملية التوريد ستكون مكلفة في الوقت الذي لا يتحمل السوق أن تكون الأسعار ارفع خاصة وأنه يتم تداول الكيلو غرام من اللحوم الحمراء بــ 23 دينار و24 دينار .
وفي ما يتعلق بالتهريب, فقد قال المصدر ذاته أن الغرفة تتابع الموضوع مشيرا إلى أن المعطيات المتوفرة منذ شهر أكتوبر تشير إلى تهريب حوالي 600 رأس في الأسبوع.
وتجدر الإشارة في هذا الباب ,إلى أن موضوع تهريب العجول كان من بين المسائل التي تم التطرق إليها خلال المؤتمر الانتخابي الـ16 لاتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية, حيث اشتكى المهنيون من التهريب خاصة بالنسبة للعجول والتي بلغ فيها التهريب نسبة خطيرة ناهزت 80 % واعتبر أن أسعار اللحوم الحمراء سترتفع في منتصف العام المقبل إذا تواصل نزيف التهريب وسيصل الكيلوغرام من اللحوم الحمراء إلى 40 دينار .
كما أشار المهنيون إلى أن كميات اللحوم المستوردة من قبل شركة اللحوم لا تغطي سوى حاجيات تونس وولاية بنزرت و بينوا أن النقص في الإنتاج سيفتح المجال للغش في المعاملات ودعم المسالك الموازية التي لا تخضع للرقابة البيطرية.
وعن الحلول المقترحة من طرف المهنيين ,قال فيرشيو أن الغرفة طالبت بعقد لقاء مع الهياكل المعنية ( وزارة الفلاحة والتجارة ) قصد البحث في مختلف الحلول التي يمكن اعتمادها على المدى المتوسط والبعيد .
يذكر أن ارتفاع وتيرة المراقبة الاقتصادية منذ صيف العام الماضي وإلقاء الضوء على التجاوزات الحاصلة في قطاع اللحوم الحمراء وأشهرها ملف «اللّحوم الفاسدة» بسوسة, ملف الفساد تعلّق بإحدى الشركات الكبرى المسؤولة عن توزيع اللحوم إلى مختلف المؤسسات العمومية والخاصّة ,حيث كانت الشركة تستغل لحوم أبقار غير صالحة للاستهلاك تكون في اغلب الأحيان لـ«جيفة»، يتم نقلها إلى المسلخ وبعد تنظيفها يقوم الطبيب البيطري محلّ الاتهام بختمها، ليتمّ بعد ذلك توزيعها على المؤسسات العمومية والخاصّة التي تقوم الشركة بتزويدها وأبرزها المبيتات الجامعيّة والنزل.. وعلى الرغم من الجهود التي تبذل في مقاومة مثل هذه التجاوزات, فإن حصاد الرقابة الذي تصدره أجهزة الرقابة يكشف عن تمادي التجاوزات وممارسات الغش والتلاعب بصحة المستهلك.