البلاد دوامة اخرى من «الغصرات» والصعوبات التي كانت قد بدBت تتعافى تدريجيا من مخلفات سابقاتها، اليوم يغلق هرم الـ 120 سنة انتاج وتاريخ لبلاد بأكملها يتهاوى صرح شركة فسفاط قفصة التي استهلت وبكل ثقل ومرارة سنتها الجديدة بخسائر كبيرة وموجعة تضرب الاقتصاد الوطني في مقتل وتعيق حركته البطيئة وهو لم يستفق بعد من الازمات المتلاحقة ومخلفاتها.
نضالات وسواعد رجال احترقت اجسادهم بلهيب التعب والعناء وتقاطرت سيول من العرق من جبينهم لتقدم البلاد ذات تاريخ في احسن صورة لها رجالات وقفت في الطابور الخلفي من وراء الشمس لتقدم لهذه البلاد اجمل ما يمكن ان يقدمه ابن بلد لوطنه قدمت لها انتاج ذهب اسود بريقه اعفاها ولسنوات طويلة عناء الفقر والخصاصة ولم يمنح اهل المنطقة غير الحرمان والتهميش وتوزيع غير عادل للثروات التي تصنعها هذه السواعد المحترقة وهذا الموروث الاقتصادي والاجتماعي وهذا التهميش الذي تواصل عقودا طويلة كبر معه حجم الحقد والكراهية والنقمة ليتطور إلى رفض لمبدإ التفرقة والتمييز السلبي بين الجهات والمطالبة بحق التشغيل والكرامة وهي أبسط الحقوق في مقابل ذلك ماذا قدم الوطن لهؤلاء المتقاطرين عرقا والملتهبين بوجع الدواميس وخوف العائلات من هاجس اللاعودة غير فوضى الانتباه .... وفراغ المعنى ومن المسؤول هل هي مسؤولية مشتركة ام هي نتيجة سياسات متلاحقة .
اليوم يتوقف انتاج الفسفاط ويصيب هذا الساعد القوي والعصب النابض شلل كلي في الوقت الذي ارتفع فيه حجم الصادرات التونسية وخلال الأسابيع الثلاثة الأولى من السنة الجديدة بنسبة 49 .7 % محققة ثلاثة مليارات و25 مليون دينار وللسنة الثامنة على التوالي تتواصل الاحتجاجات بالمنطقة ومع كل اعلان عن نتائج مناظرات شركة فسفاط قفصة يضرب شباب
المنطقة موعدا مع الاحتجاجات والاعتصامات والرفض وايقاف الانتاج من المسؤول عنها من يحركها ومن يتحمل مسؤولية تداعياتها؟؟
اليوم ومرة أخرى تشهد المنطقة احتجاجات وشللا يصيب مراكز الانتاج الاربعة بكل من المتلوي وام العرايس والرديف والمظيلة بسبب الاعلان عن القسط الرابع من مناظرة شركة فسفاط قفصة، اجواء متوترة واعتصامات ارتفعت وتيرتها ليتوقف الانتاج كليا وتعود المنطقة الى مربع الصفر والمجمع إلى آلية الصفر انتاج. من يتحمل مسؤولية هذه الكارثة من يتحمل مسؤولية صرح يتهاوى ليخلف ثقبا في خارطة الانتاج وعطبا خطيرا في محركات النمو وعجلة الاقتصاد المعطلة؟؟ من يتحمل مسؤولية سياسة لي الذراع؟ هل هي الحكومة التي اعتادت على التنازلات ام المعتصمون الذين استسهلوا عقلية ايقاف الانتاج وخطورتها على التفاوض وعلى البلاد بأكملها ؟ كيف يمكن ان تعود المنطقة الى هدوئها حتى وان كان حذرا؟؟ كيف ذلك في ظل صعوبات اقتصادية كبيرة جدا تزداد حدتها كلما ارتفعت وتيرة احتجاجات في منطقة ما ؟
ليكن الجميع منتبهين لخطورة ما يصيب المنطقة من تعطل وشلل اذ كلما تراجع انتاج عنصر من عناصر النمو الا وارتفعت حاجة البلاد الى التمويلات وسد الثغرات التي يخلفها وتمتد يدها من جديد وبوتيرة اعلى إلى التداين والاقتراض الخارجي والتنازلات المتفاوتة .. كيف سيكون الحل إذا تكبدت البلاد خسائر اضافية بسبب هذا التعطيل وأصبحت مطالبة بتعويض عائداته من جوانب أخرى هل سنكون على ابواب مؤشرات اكثر سلبية وسياسة اكثر تقشفا وأسعار اكثر ارتفاعا خاصة والبلاد تعيش حالة غليان خلفها قانون المالية الجديد الذي اثار جدلا واسعا ولم تغلق بعد اقواس النقاش حولها..
البلاد ستواجه ظرفا آخر أكثر تعقيدا واكثر صعوبة ربما سيكون من بين اسباب انتفاء الحلول وربما سيؤدي الى قتامة اكثر وبالتالي فالحذر مطلوب..