أزمة مصنع الإسمنت الأبيض بفريانة: فشل الجلسات الصلحية وتواصل غلق المصنع للأسبوع الرابع على التوالي ..ووزارة الصناعة تتدخل وتسمح بتوريد حاجيات السوق لمدة 3 أشهر

بعد فشل الجلسات الصلحية بين إدارة المصنع الاسمنت الأبيض بفريانة والهيكل النقابي بالمصنع ذاته والذي نتج عنه تواصل توقف

نشاط المصنع للأسبوع الرابع على التوالي , وعلى الرغم من تواصل المساعي لحل أزمة المصنع الوحيد الذي يوفر مادة الاسمنت الأبيض في تونس ,فإن الصناعيين أطلقوا مؤخرا صيحة فزع عبروا فيها عن مخاوفهم من تواصل الأزمة بما قد يهدد مؤسسات عديدة بالإحالة على البطالة الفنية على اعتبار أن مادة الاسمنت الأبيض تعد مادة أولية بالنسبة إلى مصانع الجليز ومنتجات الخزف والبعث العقاري.

تعود أزمة مصنع الاسمنت الأبيض إلى الأشهر الأخيرة من العام المنقضي وذلك بعد تنصيب مدير مركزي للمصنع بإيعاز من النقابة الأساسية لمصنع فريانة والذي كان يتقلد إدارة مصنع الاسمنت بالقيروان وقد تمكنت الشركة بمجيئه وبالتعاون مع الإطار المهني والنقابي من تقليص عجز الشركة الذي بلغته بعد 2010 من 18 مليون دينار إلى 6 مليون دنيار في موازنة 2016 وفقا لتصريح عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل بالقصرين محمد الصغير السائحـي لــ «المغرب» .

وأضاف السائحي أنه بعد التضحيات التي قدمها أبناء المصنع والدعم الذي تلقاه المدير الجديد, فإن الإدارة الجديدة سرعان مابدأت في ضرب النشاط النقابي حيث لم تعد تعترف بالبعد الاجتماعي ولا تراعي الأوضاع العملة الاجتماعية للعملة, ولفت المتحدث إلى أن العامل الذي يتعرض إلى حادث الشغل أصبح يخفي تعرضه كي لا يتأثر رصيده. وقال عضو المكتب التنفيذي انه تمت مراسلة رئاسة الادراة العامة وهي مصرية منذ 5 أشهر قصد تحسين أداء المدير الجديد مع الإطار النقابي والعملة.

وبين المصدر ذاته أن توتر العلاقة بين الإدارة والهيكل النقابي تزامن مع استعدادات النقابة للمؤتمر يوم 17 نوفمبر 2017 وقد تعمد مدير المصنع تأليب العمال على الإطاحة بالنقابة غير أن جهوده باءت بالفشل ونجح المؤتمر. وقد اصدر المؤتمر لائحته ومن بين ما ورد فيها التخلي عن مدير مصنع «نمهل الإدارة العامة فترة وجيزة لإيجاد بديل كفء في التسيير ينهض بالشركة ويحسن المردود» وأضاف السائحي أن الادراة العامة اعتبرت ذلك تدخلا في التسيير ولا يمكن القبول بأية تعليمات من قبل العملة أو النقابة.

وأشار المصدر ذاته إلى نية الادراة ضرب العمل النقابي وذلك بعد تنظيم النقابة لاجتماع إعلامي عام بتاريخ 11 ديسمبر 2017 خارج أوقات العمل والذي سبقه إشعار من طرف النقابة, واعتبرت الإدارة الاجتماع غير قانوني وكل من يحضر الاجتماع يعرض لعقوبات.
وبخصوص مضمون لائحة المؤتمر, قال المصدر ذاته أنه تم حفظ 4 نقاط, منها نقطة المدير والهيكل التنظيمي وقد اعتبرت الإدارة الاتفاق المبرم مع الإدارة السابقة فيما يتعلق بالتشاور مع الهيكل النقابي في نقطة إحداث لجنة تعنى بتنظيم الهيكل التنظيمي اتفاقا ملغيا ,فضلا عن ملف التسريح الذي يبدو في المعلن تسريحا طوعيا أو في إطار مراعاة الظرف الاقتصادي للمصنع على حد قوله. وأمام توتر الأجواء دعت نقابة المصنع إلى الدخول في إضراب يوم 21 ديسمبر 2017.

وفاة 3 أعوان يشعل الفتيل
وقال السائحي أنه قبل تنفيذ الإضراب بأربعة أيام, تعرض 4 أعوان لحادث مرور وذلك على اثر تنقلهم للقيام بإصلاح عطب بعد منتصف الليل أسفر عن وفاة 3 أعوان مخلفين ثلاث عائلات وراءهم على حد قوله. وكانت حادثة الوفاة بمثابة الكارثة,وقد قام المدير العام بإيقاف الفرن صباح يوم غد (السبت) دون إعلام المهنيين لتعود الإدارة العامة وتطلب استئناف العمل يوم الأحد واتصلت بالكاتب العام للنقابة بالمصنع لكن حدوث أعطاب لم يُستأنف النشاط وهو الأمر الذي لم تقبله الإدارة العامة واعتبرته تعطيلا للعمل مع العلم إن التوقف خارج عن إطار العملة.
وقال المصدر ذاته أن العملة قرروا يوم الاثنين استئناف العمل و مضاعفة الجهد, لكن تم منع تشغيل الفرن و بالتالي عدم العمل... الإشكال انتهى بجلسة صلحية يوم 19 ديسمبر 2017 بحضورالسلط الجهوية بالقصرين والمدير العام للمصنع والنقابة الأساسية والاتحاد الجهوي للشغل ,جلسة قال عنها السائحي أنها فاشلة والتي قاطعها المدير العام قبل نهايتها بعد الحديث عن عدم قيام الإدارة بواجب العزاء.

وبحسب المصدر ذاته, تم تنفيذ الإضراب في 21 ديسمبر بعد تمسك ممثلي النقابة برحيل المدير ورفض التنازل عن أي مطلب واعتبرت الإدارة العامة ذلك طردا للمدير وقامت على اثر ذلك بإيقاف 7 أعضاء من النقابة من بينهم الكاتب العام للنقابة الأساسية عن العمل وإحالتهم على مجلس التأديب يوم 19 جانفي, غير أن قرار الإيقاف عزز مبدأ التضامن بين الزملاء واعتبروا أن استئناف العمل يشترط رفع العقوبات عن زملائهم على حد قوله, وأضاف السائحي أن الإدارة العامة اعتبرت ذلك إضرابا مفتوحا وقامت بعد يومين بطرد 30 عونا من بينهم 20 عونا متعاقدا. كما قامت الإدارة العامة ببعث إعلام إلى النقابة بإغلاق المصنع معللة دخول العملة في إضراب غير قانوني بداية من 26 ديسمبر وهو ما سيضطر يوم 19 جانفي إلى غلق المصنع. وفقا للمصدر ذاته.

الإشكال تم رفعه إلى الأمانة العامة للمنظمة الشغيلة واتحاد الأعراف وتم تنظيم لقاء بين جميع الأطراف المتدخلة ولكن اللقاء فشل أيضا ولم يوفق تدخل الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في حل الأزمة, ليواصل المصنع توقفه عن العمل.
تواصل الأزمة لمؤسسة تنعش جهة داخلية مثل القصرين ستكون له تداعيات وخيمة, ولذلك تؤكد النقابة بالجهة ضرورة تدخل الدولة لإيجاد حل للازمة خاصة وان الدولة تمتلك 33 % من الشركة وفقا للمصدر ذاته.

وزارة الصناعة تفتح باب التوريد
في الإطار ذاته أكد فتحي السهلاوي مدير عام الصناعة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة في تصريح لــ «المغرب» أن وزارة الصناعة تبذل مساعيها لإيجاد حل للازمة مع حرص كبير على إعادة المصنع لسالف نشاطه خاصة وأن نشاط مصنع الاسمنت يرتبط بمؤسسات متعددة الأمر الذي يجعل من إيجاد حل توافق بين الطرفين أولوية .
وأضاف السهلاوي أنه لتفادي تسجيل أي نقص في كميات مادة الاسمنت بالأسواق, قررت وزارة الصناعة السماح بتوريد حاجيات الصناعيين المستعجلة لمدة ثلاثة أشهر تصل إلى 40 ألف طن من الاسمنت الأبيض, والسماح للمزودين بالجملة بتوريد 13 ألف طن من مادة الاسمنت الأبيض .
ويذكر أن الغرفة النقابية الوطنية لمصانع الجليز التابعة إلى الجامعة الوطنية لمواد البناء بمنظمة الأعراف دعت الحكومة والسلطات المعنية الى تعجيل السماح بتوريد مادة الاسمنت الأبيض بعد توقف المصنع عن إمداد مصانع الجليز بهذه المادة الأساسية مما وضعها على عتبة الدخول في بطالة فنية, فأزمة مصنع الإسمنت الأبيض مع توقف الإنتاج فيه يهدّد أكثر من 50 مصنعا للجليز بالغلق و2800 عاملا بالبطالة.

من جهته أكد نائب رئيس الجامعة الوطنية لمواد البناء التابعة لمنظمة الأعراف محمد علي لخضر في تصريح لــ «المغرب» أن إشكالية إغلاق مصنع الاسمنت الأبيض بفريانة تتجه إلى الانفراج وذلك بعد تلقي الجامعة لتطمينات من الأطراف الفاعلة في الموضوع.
هذا وقد حاولنا الاتصال بالإدارة العامة للمصنع لكن تعذر ذلك, وبحسب برقية للشركة التونسية الأندلسية للاسمنت الأبيض توجهت بها إلى كل من والي القصرين والهياكل النقابية بالجهة, فإنها أقرت وقف الإنتاج لمدة 6 أشهر والصد عن العمل بداية من 19/ 01/ 2018 معللة ذلك بحالة تعكر المناخ الاجتماعي نتيجة تدخل النقابة في كل ما يتعلق بتسيير المؤسسة والحياد عن طبيعة العمل النقابي ومطالبها الخارجة عن اطر العمل النقابي والدخول في إضراب غير قانوني بداية من 26 ديسمبر وهو ما تسبب في قطع العلاقة الشغلية من طرف العملة وصد حرية العمل وتوقف البيوعات والإنتاج وكامل نشاط المصنع و قد قررت إدارة المصنع تبعا لذلك رفض كل طلبات النقابة التي تتعلق بتسيير المؤسسة وتتبع ومعاقبة كل من تسبب في الفوضى ودعا إلى طرد المدير الإداري ومدير المصنع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115