اثر موجة الاحتجاجات التي انطلقت في عديد البلدان وأبرزها تونس قام صندوق النقد الدولي أول أمس بتقديم ورقة استعرض فيها التحديات التي تواجهها المنطقة وتونس بالأخص وثمن ما يقوم به من برامج إصلاح.
أكّد التقرير أن تصاعد التوترات والاحتجاجات الاجتماعية في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمثل إشارةً واضحة لعدم تحقق تطلعات شعوب المنطقة – للحصول على الفرص والرخاء والعدالة حتى الآن. ورغم أن هذا الشعور بالإحباط أمر مفهوم، فسيكون من الخطأ التراجع عن العملية الجارية للإصلاح الاقتصادي باعتبار انه يضر بالأجيال القادمة.
برر النقد الدولي نهج الإصلاح في تونس بالمستوى المرتفع والمتصاعد للدين العام فيها لافتا الى أن الصندوق، قدم التمويل حتى تتمكن البلاد من إجراء الإصلاح المالي المطلوب بصورة أكثر تدرجا مقارنة بما يقتضيه الحال في غياب هذا التمويل وبسعر فائدة أقل مما يمكن الحصول عليه من مصادر أخرى. في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن تونس تحصلت في ماي 2016 على قرض ب 2.9 مليار دولار بنسبة فائدة ب 2%،وأشار التقرير إلى انه حتى تكون برامج الإصلاح فعالة، ينبغي أن تُصمَّم بما يتلاءم مع ظروف كل بلد وأن تتبناها الحكومة بشكل كامل. داعيا المقرضين الى اتاحة متنفس اكبر من خلال التمويل بشروط مواتية، ويفضل أن يكون في صورة منح. وفسر النقد الدولي انه قام بتخفيض هدف المالية العامة، رغم تكلفة ذلك من حيث الدين والتضخم وذلك مراعاة للظروف الاجتماعية/السياسية.
تونس مثال في حماية الفئات الضعيفة
ضرب النقد الدولي مثل برنامجه مع تونس بالاهتمام بالفئات الاقل دخلا لحمايتهم من اثار الرفع في الضرائب حيث قال أن الحكومة في تونس قامت بالترفيع في عدد الأسر المستفيدة من الجرايات مؤكدا مرة اخرى أن الإصلاحات هي مفتاح معالجة المشكلات الجوهرية التي تثقل كاهل الكثير من بلدان المنطقة منذ وقت طويل - وهي النمو المنخفض والبطالة المرتفعة والفساد. ولكن على الحكومات، وهي بصدد تنفيذ الإصلاحات، أن تتأكد من أنها متوازنة اجتماعياً وتسير في تسلسل ملائم؛ والأهم من ذلك أن عليها تحقيق الحياة الأفضل التي ينشدها الجميع، وخاصة الفقراء ومحدودي الدخل.
متابعا انه دون شك أن معالجة مسألة الاستدامة المالية لا تقتصر على تخفيض عجز الموازنة، بل ترتبط أيضا بالطريقة التي تختارها الحكومة لتحقيق الهدف. ويعتبر النظام الضريبي آلية بالغة الأهمية سواء لزيادة الإيرادات (بما في ذلك الإيرادات المطلوبة لتمويل النفقات الاجتماعية) أو لضمان توزيع العبء المالي توزيعا عادلا على مختلف شرائح السكان.
وقد شكل هذا الأمر مشكلة بالنسبة لكثير من بلدان المنطقة، وهو ما يرجع جزئيا إلى الإيرادات المحلية شديدة الانخفاض حوالي 10 % من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط – والاقتصار في تحصيلها على قلة من دافعي الضرائب.
نماذج سابقة فاشلة
بين الصندوق أن النماذج التي كانت قائمة في بلدان المنطقة حالت دون تحسين جودة الخدمات العامة كالصحة والتعليم وقلص قدرة الحكومات على تمويل البرامج الاجتماعية والاستثمارات والبنى التحتية
واستعرض النقد الدولي اولويات الاصلاح التي تقوم اساسا على الحد من الفساد ودفع المنافسة المتكافئة وحسن تمويل الشركات الصغيرة، الى جانب الاستثمار في الكفاءات من الشباب للاستجابة الى حاجيات الاقتصاد وضمان الفرص للجميع عن طريق الإنفاق المتكافئ والداعم للنمو والنظام الضريبي العادل وتعزيز حقوق المرأة القانونية
ولا يوجد خيار أمام كثير من البلدان سوى تحقيق ميزانيات متوازنة؛ فلا يمكن الاستمرار في مراكمة الدين العام لتمويل نفقات غالبا ما تكون غير منتجة. وقد جاءت خدمة هذه الديون على حساب الإنفاق الحيوي على الصحة والتعليم، مما يعني أن عبء هذه الفاتورة سيقع على الأجيال القادمة. وقد اكد التقرير أن الصندوق حث وبقوة على تجنب تخفيض الدعم الغذائي، كدعم الخبز في تونس.