فبعجز المستهلك عن اقتناء اللحوم الحمراء في ظل استقرارها عند أسعار مرتفعة من جهة ومخاوف من التجاوزات التي تحدث على مستوى حلقات بيع اللحوم من جهة ثانية ,يضطر المستهلك إلى اللجوء إلى اللحوم البيضاء, غير أن هذا اللجوء بات صعبا أمام زحف الارتفاع إلى اللحوم البيضاء والتي بلغت مستويات مرتفعة لم تصلها حتى في شهر رمضان .
يبدو أن معضلة ارتفاع الأسعار باتت أمرا واقعا, أحيانا يفسر بنقص في مياه الري وأحيانا بتقاطع المواسم, وأحيانا بسبب المحتكرين...وفي بعض الأحيان يكون مدفوعا بزيادة في الطلب سيما في بعض المناسبات, لكن الأسعار لا تهدأ وإن انطفأت في عدد منها تشتعل في عدد آخر مع الحفاظ على طابع أن تكون هذه المواد أساسية ,فلأي منطق باتت تخضع الأسعار ؟
كانت قد أطلقت حملات مراقبة وتجميد لأسعار بعض المنتجات والتخفيض في بعضها ,لكنها بقيت دون المأمول حيث يتواصل تذمر المستهلك من غلاء الأسعار ,خاصة وإن هناك عددا من المواد الاستهلاكية الأساسية ماتزال أسعارها مرتفعة, فبغض النظر عن الغلال والخضر والأسماك واللحوم الحمراء التي عادت إلى مستويات 24 دينار للكلغ الواحد ,تصعد أسعار اللحوم البيضاء فالدواجن المعدة للطبخ تراوحت أسعارها بين 6600 مليم كحد أدنى و7000 كحد أقصى للمستهلك ببعض الأسواق في الوقت الذي كانت في حدود 4900 في شهر سبتمبر, فيما يتباين ثمن الكيلوغرام من “السكالوب” من 10500 إلى 12000 .
وأمام هذا الارتفاع الذي يرجحه البعض إلى تحرك المحتكرين وذلك تزامنا مع اقتراب رأس السنة الإدارية وذلك لأجل التحكم في الأسعار, لتتجدد الدعوة إلى آلية المقاطعة كحل لإغلاق المنافذ على المحتكرين,حيث أطلقت مؤخرا حملة لمقاطعة شراء الدجاج استئناسا بالتجربة الناجحة لمقاطعة مادة «الزقوقو»,حيث تأمل منظمة إرشاد المستهلك في أن تكون مقاطعة استهلاك اللحوم البيضاء كفيلة بضرب المحتكرين والنزول بالأسعار عند مستويات متواضعة.
أكد نزار مسدي المكلف بقطاع الدواجن بنقابة الفلاحين في تصريح «للمغرب» أن الارتفاع الحاصل في أسعار الدواجن يعود إلى تقلص في الإنتاج بواقع 10 في المائة, مشيرا إلى أن الأسعار التي يتم تداولها خلال هذه الأيام هي الأسعار التي تحقق هامش الربح الحقيقي للمنتج أمام ارتفاع تكاليف الإنتاج لا سيما المواد العلفية .
وأكد المصدر ذاته أن قطاع الدواجن منذ نحو عامين يقاوم الإفلاس أمام تراكم الخسائر نتيجة تراجع الاستهلاك من جهة ووفرة الإنتاج من جهة ثانية الأمر الذي ضاعف مديونية الفلاحين والتي دفعت البعض إلى إشهار إفلاسهم لا سيما صغار المنتجين منهم.
وأشار مسدي إلى أن الارتفاع المسجل كفيل بتحقيق هامش ربح للمنتجين غير أنه من المنتظر إن تعود الأسعار إلى نسقها الطبيعي مع نهاية الشهر حيث أن الطقس اثر سلبا على نسق الإنتاج وأدى إلى تأخر نمو الدواجن بالنسق المعتاد .
كما نفى مسدي وجود احتكار في مادة اللحوم البيضاء مؤكدا أن الارتفاع ظرفي وسيكون الإنتاج متوفرا بالكم المطلوب مع رأس السنة الإدارية.
وفي السياق ذاته , قال الكاتب العام السابق لمربي الدواجن التابع للاتحاد الوطني الفلاحي والصيد البحري فتحي بن خليفة في تصريح لـ«المغرب» إن ارتفاع أسعار الدواجن جاء مدفوعا بجملة من العوامل منها خروج عدد من صغار الفلاحين من دائرة الإنتاج وتوقف عمليات التهريب المتأتية من الجزائر إلى جانب ارتفاع أسعار الأعلاف ,نافيا في الآن ذاته ارتباط ارتفاع اسعار اللحوم البيضاء بالاحتكار.