يبدو أن تداعيات الجفاف ونقص المياه وقرار تقسيط مياه الري بدأت تجنى ثمارها ,لتنعكس على مستوى الأسعار التي قفزت بشوط مخيف لترمي بثقلها على قفة المواطن ,ولئن بين المرصد الوطني الفلاحي في نشرية يوم الأحد تحسن مستوى التزود مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنقضي خاصة على مستوى الخضر ,إلا أن واقع التحسن لا يرتبط أساسا بالمنتجات الأساسية التي يستهلكها التونسي .
تشير وضعية التزود لسوق بئر القصعة إلى تحسن إيرادات الخضر من 686 طن في 2016الى 750 طن في 2017, وعلى الرغم من التحسن المسجل,فإن الخضراوات الأساسية والتي تمثل قوام قفة التونسي قد سجلت تراجعا وصل إلى 73 % في مادة البصل, ففي مقارنة بسيطة بين أسعار 2016 و2017 ,فإن النشرية تبرز أن أسعار الطماطم قفزت بـ567 % و%150 في ثمن سعر البصل و71 %في مادة الفلفل.
عموما ارتفعت أسعار مجموعة الخضر بحسب المصدر ذاته بواقع يتجاوز 4 دنانير على مستوى قفة المواطن , أما في ما يتعلق بمجموعة الغلال فهي لا تقل شأنا عن الخضر التي قفزت أسعارها بـ 3200 مليم مقارنة بالأسعار التي تم تداولها في الفترة ذاتها من السنة الفارطة و الذي يأتي تباعا لتراجع مستوى التزود بواقع 12 طن .
في هذا الإطار ,أبدى رئيس الغرفة الجهوية لتجار الخضر والغلال بتونس أكرم بوكراع في «تصريح للمغرب « تخوفه من موجة ارتفاع الأسعار ,مرجحا أن يتواصل ارتفاع الأسعار أمام ندرة العرض مقابل ازدياد الطلب , الأمر الذي سيغذي الاحتكار والذي سينتهي بمضاعفة الأسعار .
وتحدث المصدر ذاته عن مشكلة مياه الري وغياب بعض الزراعات التي سجلت نقصا فادحا في الأسواق جعلت التجار يخضعون لمبدإ البيع المشروط من قبل أسواق الجملة.
أسعار الخضر والغلال ليست لوحدها التي شهدت ارتفاعا, فقد شهدت الأسماك هي الأخرى ارتفاعا مقارنة بالسنة المنقضية بواقع 10 دنانير, فيما سجلت أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء ارتفاعا طفيفا مقارنة بالعام المنقضي.
يذكر أن منظمة الفلاحين قد حذرت من أن أسعار الخضر والغلال سترتفع في وقت سابق لأوانه بعد ما تأخر بداية الموسم الزراعي الشتوي ,فضلا عن تراجع المساحات المخصصة للزارعة .
توجهت الأعين في الفترة الأخيرة نحو المطاعم والمحلات الغذائية بعد ما تصاعدت وتيرة الغش وتجاهل قواعد السلامة الصحية من قبل أفراد يزعمون أنهم يقدمون خدمات غذائية للمستهلك,جندت فرقا من المراقبة لحماية المستهلك ,إلا أن الاهتمام بسلامة المواطن الصحية, جعل من المقدرة الشرائية للمواطن تأتي بدرجة ثانية لتقفز قفة التونسي في صمت إلى مستويات يعتقد أنها مبكرة عن أوانها المعتاد ,و قد يعد هذا الارتفاع الجنوني السابق لأوانه مؤشرا على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة كي لا تتكرر السيناريوهات المعتادة في كل سنة من فصل الشتاء مع تقاطع المواسم ,حيث لابد أن تصاحب قرارات مثل تقسيط مياه الري و فرض نظام الحصص على الفلاحين برمجة مدققة للإنتاج ,كي لا نستفيق يوما ونجد أن الكيلو الواحد من الطماطم ب 2800 مليم بصرف النظر عن الجودة.
أزمة ارتفاع الأسعار ليست بالجديدة ولا بالمستجدة, إنما أصبحت حالة يعيشها التونسي مع كل فترة, على من تلقى مسؤولية الارتفاع المشط الذي يحرم ألاف التونسيين غذاء متوازنا كل فترة ....و أين الحلول التي طالما سمعنا عنها والحال انه هذا المشهد أصبح بمثابة الواقع و ليس الاستثناء ؟