المواطن وجيبه ليزداد الفقير فقرا والغني غني في حين ان البعض الاخر ذهب الى اعتبار مشروع قانون المالية الجديد حلقة من ضمن مشروع يقوم على اهداف في افق سنة 2020 اعلنها الشاهد خلال خطاب منح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد فماهي هذه الاهداف كيف سطرتها الحكومة وهل يمكن عزل قانون المالية عن برنامج دعم النمو وانعاش الاقتصاد والاصلاحات الكبرى ؟؟
لا يمكن لهذه المؤشرات ان تأخذ الطريق نحو اللون الاخضر الا في اطار برنامج لدعم النمو وانعاش الاقتصاد ويقوم هذا البرنامج على انجاز مشاريع عمومية عن طريق الشراكة بين القطاعين العام والخاص واحداث صندوق لإعادة هيكلة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وقانون جديد للصرف ودعم التصدير وتنويع القاعدة الاقتصادية لتحسين مناخ جاذبية الاعمال .
المحاور الكبرى لمشروع قانون المالية الجديد ترتكز بالأساس على اجراءات لدفع الاستثمار وتشجيع الادخار والمؤسسات الصغرى والمتوسطة واجراءات اخرى لدعم الموارد الذاتية في اطار تكريس العدالة الجبائية وفي مناسبة ثالثة اجراءات اجتماعية لتحسين الخدمات وضمان الخدمة للمواطن وايضا اجراءات تمكن من التصدي للتهرب الجبائي ومكافحة التحيل والغش في الميدان المالي والجبائي
500 الف أسرة ذات التشغيل الهش
سيمكن قانون المالية الجديد قرابة 500 الف اسرة تونسية من الدخول في اطار المنظومة البنكية للحصول على قروض السكن والمشاركة في الدورة الاقتصادية لتكريس مبدا العدالة الاجتماعية حيث ان هذه العائلات لا تنضوي تحت نظام الضمان الاجتماعي واغلبها تمارس نشاطات تجارية مهمشة لا تخضع للإحاطة الاجتماعية وسيتم ذلك من خلال ادراجهم في المنظومة البنكية بمنحهم قروض سكن خاصة وان التجارب المقارنة في دول الجوار مثلا بينت ان هذه الشريحة قادرة على سداد قروضها لفائدة البنوك وقد سبقت هذه التجربة تجربة المسكن الاول التي بدأت ترى النور عمليا ولو انها شهدت بطءا من حيث التطبيق وذلك راجع الى المنظومة البنكية التي لم تنخرط بالشكل الكافي في هذا المشروع لتنطلق منذ شهر جويلية فيه بسرعة مرجوة ، علاوة على مواصلة تجربة عقد الكرامة الذي مكن 16 الف عاطل عن العمل من حاملي الشهائد العليا من الحصول على شغل من اصل 25 الف عاطل والذي من المفترض ان تستكمل كلها قبل دخول قانون المالية الجديد حيز التطبيق اي تقريبا خلال شهر ديسمبر القادم.
توزيع جديد للنظام التقديري حسب مؤشر التنمية المحلية
400 الف شخص معنوي تحت طائلة النظام التقديري يمارسون نشاطات تجارية وصناعية سيشملهم نظام تقديري جديد اكثر عدالة جبائية وشفافية حسب ما يتم تأكيده ضمن مصالح وزارة المالية وسيخضعون الى نظام تقديري يقوم على مكان ممارسة النشاط حسب مؤشرات التنمية المحلية لتقسم الجمهورية الى اربع مناطق حسب مكان النشاط فعلى سبيل المثال تجارة المواد الغذائية تتمتع بهامش ربح ضعيف مقارنة بنشاط الاستهلاك على عين المكان كالمقاهي والمطاعم الراقية وغيرها مما سيمكن من تجاوز محدودية النظام التقديري الحالي والذي يوفر للدولة 28 مليون دينار فقط ل 400 الف شخص معنوي اي بمعدل 70 دينار لنشاط الشخص المعنوي الواحد.
متابعة كل عقود الأكرية والعقارات
من المحاور الاساسية التي يقوم عليها قانون المالية الجديد التصدي للتهرب الجبائي ومكافحة التحيل والغش وتمثل عقود الاكرية والعقارات مجالا خصبا للتهرب الجبائي ومن بين الاجراءات التي تضمنها قانون المالية الجديد متابعة كل عقود الاكرية والعقارات عند الامضاء بإحالة نسخة وبصورة فورية الى القباضات المالية وهو ما سيوفر للدولة مدخولا هاما يمكن من التصدي للتهرب الجبائي .
كيف يمكن قراءة هذه الاجراءات الجديدة وهل فعلا هي اجراءات ستمكن من فرض عدالة اجتماعية وجبائيه حقيقية تعود بالنفع على البلاد؟ هل ان قانون المالية الجديد يمثل حلقة اولى لبرنامج دعم النمو وانعاش الاقتصاد ومرور المؤشرات الاقتصادية الى اللون الاخضر ؟
قانون المالية لسنة 2018 تتم صياغته وفق منهجية تشاركية في حكومة مكونة من احزاب سياسية ومدعومة من منظمات امضت على وثيقة قرطاج وايضا شاركت في ابداء رايها بخصوص البرنامج الاقتصادي والاجتماعي في افق 2020 ولكن هل سيدفع هذا القانون حقيقة بالنمو وهل سيبقىضمن معادلة جبائيه بدون روح اقتصادية او بالأحرى سياسة اقتصادية للبلاد
حتى يكون هذا القانون نافذا وفعالا لابد من الخروج من المنطق المحاسب الى حزمة من المشاريع والقرارات في قطاعات الصناعة والتجارة والفلاحة والطاقة في شكل مشاريع كبرى تحتاجها البلاد وتمثل محركات حقيقية للنمو وايضا مشاريع اجتماعية مثل اعادة تأهيل الاقسام الاستعجالية بالمستشفيات وصيانة المدارس وتطوير منظومة النقل وايضا اعادة رسم خارطة الفقر في تونس
وقد علمت «المغرب» ان الحكومة بصدد تنفيذ برنامج جديد لإعادة رسم خارطة الفقر في تونس يسهر عليه اكثر من الفي عون واطار هم الان بصدد تجميع المعطيات حول نسبة الفقر في تونس وعدد العائلات الفقيرة وفق قواعد جديدة لاحتساب مؤشر الفقر وهو ما سيفتح افاقا للمشروع الجديد الذي طالما انتظرته الدولة وهو المعرف الوحيد الذي سيمكن بدوره من تنفيذ الاصلاحات الكبرى فيما يتعلق بمنظومة الدعم خاصة