وانتظرها ودعاه اليها وبين من تساءل عن سببها وتوقيتها ومحلها في هذا الوضع بالذات وعلاقتها بالقضية التي رفعت ضده، وتداعياتها على المحيط المالي والاقتصادي في البلاد ..
استقال الوزير وأغلق الملف.. استقال الوزير وانتهى موضوع الوزير بالنيابة او الوزير التكنوقراط او الوزير الاكاديمي المحنك استقال وانتهى الامر ومهما كانت الاسباب الحقيقية التي دفعته الى الاستقالة فالموضوع في غاية الاهمية على اعتبار ان الاستقالة في حد ذاتها وان كانت ضرورية واسبابها موجبة فان ما سيخلفه الوزير المستقال من ملفات قيد الدرس ومشاريع وخطط في هذا الوضع الاقتصادي الصعب هي التي تثير الحيرة والتساؤل. كيف ومن سيتولى مهمة ادارة حقيبتين من اهم وأدق وأصعب الحقائب الوزارية في الحكومة من سيخلفه في وضعية البلاد الراهنة ومن له الشجاعة لتحمل المسؤولية في هذا التوقيت الاستثنائي؟
استقالة وزير المالية ولأسباب منطقية او خاصة تحدث فيها سابقا بعد أن لوح بها خلال جلسة استماع بمجلس نواب الشعب ولدوافع اخرى مختلفة عن قراره بالاستقالة النهائي وقد رسم خلال الاستماع اليه لوحة قاتمة حالكة للوضع الاقتصادي ووجه اللوم إلى الطبقة السياسية وبعض النواب.
استقالة الوزير في هذه المرحلة الاستثنائية قبلها رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي يبدو انه يبعث برسائل ايجابية للوزير المستقيل من خلال قبوله لاستقالته على اعتبار ان البروتوكلات السياسية وتقاليد الجمهورية الثانية تستدعي أن يقف الوزير أمام القضاء كمواطن عادي وتقضي بضرورة مثول كل من تعلقت به احكام قضائية امام القضاء دون ان يكون متقلدا لمهام وزارية او حاملا لحقيبة وزارية ما وقال ان الوزير يبقى كفاءة وطنية في خدمة تونس وهو ما نلمح من خلفه فتح افاق لما قد يؤول اليه الملف او موضوع الوزير بعد البت في القضية والاستقالة كانت واجبة لأن خصم الوزير في القضية المرفوعة ضده هي الديوانة التونسية الراجعة له بالنظر وأخلاقيا يكون من الصعب ان يلعب الوزير دور الشاكي والمشتكى به.
بقطع النظر عن اسباب وأطوار القضية التي رفعت ضد الوزير والتي دفعته الى الاستقالة وبقطع النظر عن حيثياتها نحن امام حقيقة مفادها اننا امام شغور وزارتين من اكبر وأثقل الحقائب في الحكومة وتتطلب تركيزا واهتماما بالغين خاصة في ظروف مماثلة تتميز بوضعية مالية صعبة تعيشها البلاد وتواجهها تحديات تقتضى اعادة توازنات المالية العمومية من خلال اعداد ميزانية 2018 والتي ستكون أيضا صعبة جدا على المستوى المالي والاقتصادي في البلاد وتقتضى اصلاحات كبرى على مستوى الصناديق الاجتماعية والإدارة والمؤسسات العمومية والبنوك وتعرف بأعلى نسب خدمة الدين واسترجاع اقساط مما اقترضته البلاد في السنوات الماضية بعد ان اصبحت غير قادرة على الايفاء بالتزاماتها المختلفة إلا عن طريق الاقتراض. .
استقالة الوزير تحيلنا الى قراءة في الوضع الاقتصادي في البلاد التي تعاني من ضغوطات كبيرة وهو ما يحتم التفكير في حلول توافقية تنخرط فيها الحكومة والأحزاب المشاركة وتنطلق بقانون مالية توافقي انطلقت الحكومة في الاعداد له من خلال لقاءاتها المتواترة مع اتحاد الشغل وبعض الاحزاب المشاركة في الحكم ومنظمة الاعراف لتشريكهم في اتخاذ القرارات المتعلقة بالميزانية لتجنب قانون ميزانية تكميلي اعتادت عليه البلاد منذ سنوات، وهذا المسار يتطلب توافقا على جميع المستويات لا تعيقه استقالات او تجاذبات سياسية .
دعا امس الجمعة 18 أوت 2017 فاضل عبد الكافي الوزير المستقيل من حكومة الشاهد خلال استضافته في برنامج ميدي شو بان من سيخلفه على راس وزارة المالية يجب أن يتحلى بالصبر والشجاعة خصوصا في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به بلادنا ودقة وضعية المالية العمومية، معتبرا ان الوزارة ليست هدية، وخروج وزير المالية الذي على اختلاف الرؤى حول شخصه لا يختلف إثنان في كونه محنكا وقادرا على الاضافة في توقيت مثل هذا يطرح سؤال ماذا بعد الاستقالة من سيتولى المنصب الجديد ؟؟ ومن سيتحلى بالشجاعة و«صبر أيوب» ليتحمل مسؤولية وزارة المالية التي تشهد غليانا منقطعا على اعتبار ثقل ملفاتها المطروحة ودقتها؟