فهل فعلا ستنطلق المملكة المغربية في اعتماد نظام صرف مرن من خلال هذا الاجراء وماذا يعني التعويم؟ وكيف تستفيد الحكومات من التجربة المصرية؟ وماهي تداعياتها على الاقتصاد المحلي؟؟
سوق الصرف
لئن صرح البنك المركزي المغربي في بيان له أن الظروف مواتية نسبياً لتعويم الدرهم اوتحرير سوق الصرف محذرا من أن التنفيذ لا يخلو من المخاطر، مشيرا الى أن نجاح التعويم يشترط ثلاثة اسس من بينها الانضباط المالي والتوفر على مستوى كاف من احتياطيات الصرف و استمرار تعبئة جميع الأطراف المعنية، فان هذه الاشارة الضمنية الى الاستعدادات لتعويم العملة يقابله تأجيل حكومة الرباط في الشهر السابق لهذه المسالة بعد جدل واسع اثارته في الاوساط المالية والاقتصادية وحتى السياسية في الحكومة المغربية.
ويتوقع الخبراء الماليون والاقتصاديون في المغرب الانطلاق في نظام الصرف الجديد بداية من سنة 2018 وإدراجه في قانون المالية الجديد،ومن توقع أيضا أن يتم العمل بهذا النظام بالتزامن مع انطلاق البنوك التشاركية التي ستساهم، في توفير السيولة الكافية لتجريب فعالية النظام الجديد الذي سيبدأ بخطوات بسيطة بالتوازي مع تنفيذ العديد من التغييرات و الإصلاحات الأخرى.
آلية العرض والطلب
ماذا يعني تعويم العملة؟ حسب ما يتم تحديده في المصطلحات المالية فإن التعويم هو عدم تدخل البنك المركزي في تحديد سعر الصرف وترك مسألة تحديدها وفقا لآلية العرض والطلب على العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية وتتخذ عملية التعويم صيغتين فإما ان تكون مدارة ويعني ذلك ان يتحدد سعر الصرف وفقاً للعرض والطلب مع لجوء البنوك المركزية لأي دولة تعتمد هذا النظام النقدي إلى التدخل كلما دعت الحاجة إلى التعديل مقابل بقية العملات. او يكون تعويم حر حيث تتكفل قوى السوق بتغير وتحديد قيمة الصرف.
يتوقع البنك المركزي المغربي حسب ما ورد بموقعه الرسمي أن يتباطأ التضخم إلى 1 %، ، قبل أن يعود إلى 1,5 % سنة 2018 وسينتقل المغرب من نظام صرف ثابت نحو نظام صرف جديد سيتميز خلال مراحله الاولى بنطاق أوسع و سيحدد فيه السوق قيمة الدرهم من خلال العرض والطلب على العملات حسب الأسعار..
و« يستجيب هذا الإصلاح، الذي سيمتد على فترة طويلة، الى عدة متطلبات، لاسيما من حيث صلابة الأسس الماكرو اقتصادية، وملاءمة مستوى احتياطيات الصرف، ومتانة النظام البنكي وقدرته على الصمود، وأخيرا ملاءمة إطار السياسة النقدية مع استهداف التضخم،... ». ويبدو ان الحكومة المغربية اجلت انطلاق العمل بهذه المنظومة لفترة قصيرة دون الافصاح عن الأسباب.
انفتاح السوق
رغم التطمينات التي تقدمها الحكومات باستمرار حول مسالة التعويم واعتباره اختيارا لا اضطرارا يهدف الى انفتاح السوق وجلب استثمارات اجنبية ضخمة خاصة اذا كان تدريجيا ومدارا يسمح بسيطرة البنوك المركزية على العملة المحلية من خلال تحديد سعر الصرف والقيمة العليا والدنيا، فقد أثار هذا المصطلح جدلًا واسعا ليس فقط على مستوى المملكة المغربية وخبرائها الماليين بل ايضا على مستوى العديد من الدول الاخرى على غرار تونس التي تتخوف اوساطها الاجتماعية من الاضطرار الى نهج نفس السبيل تنفيذا لتوجهات صندوق النقد الدولي الذي يعتبر انه من بين الاصلاحات الاقتصادية الكبرى لأي دولة تعيش ضغوطات اقتصادية حرجة هو اعتماد نظام صرف مرن وتحرير عملتها تدريجيا او كليا،.
هناك من يعتبر ان اتخاذ هذه الخطوة سيفتح آفاقًا كبيرة للاقتصاد مما يسمح بالانفتاح في تداول العملة، وهناك من يبدي تخوفا من تداعيات القرار على الاقتصاد والقدرة الشرائية للمواطنين، وتعميق عجز الميزان التجاري خصوصًا في ظل التجربة التي مرت بها العديد من دول العالم عمومًا وآخرها مصر التي اورد اخر تقرير بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية حول تداعيات تعويم الجنيه على الشركات المصرية ان هذا القرار له مفعول السحر على الشركات التي كانت تبحث عن العملة في السوق المحلية ليصبح توفيرها مهمة سهلة بعد مرور حوالي 8 أشهر من القرار غير أن تعويم الجنيه أثار مجموعة جديدة من التحديات أمام رجال الأعمال تتمثل في ارتفاع التضخم، وارتفاع تكاليف القروض وتراجع اغلب الشركات عن التفكير في برامجها التوسعية والاستثمارية