العالم وخاصة في المناطق الحارة عامة . إلا أن الوضع بدأ يتغير منذ أواسط القرن الماضي بعد ما قرر الإنسان التوجه للبحر لإيجاد بدائل عبر صياغة هذه المياه وتنقيتها من ترسبات الأملاح العالية فيها مما جعلها مستساغة على نطاق واسع وقابلة للاستهلاك البشري خاصة وأن الجانب الاكبر من سكان العالم يعيشون بالقرب من سواحل البحار والمحيطات.
وقد مكنت عدة تكنولوجيات حديثة من تحلية مياه البحر لتصبح مصدرا جديدا للمياه العذبة.وتمثل تكنولوجيا التقطير أكثر الوسائل استخداما لكنها تبقى باهظة الثمن واشد استهلاكا للطاقة.
وقد وعت تونس منذ عدة عقود حاجتها إلى مياه بديلة نظرا لافتقارها لمخزون استراتيجي من المياه قادر على أن يشكل ضمانة للأجيال من العطش ، ورغم الوعي بخطر ندرة المياه إلا أن المخططات ظلت محتشمة وتراوح مكانها بفعل الكلفة العالية لهذه البرامج البديلة .
وخلال السنوات القليلة الماضية مع ما تعرفه البلاد من جفاف وتقلص واضح في التساقطات التي أثرت في المخزون الوطني من المياه مع عدم توفر سياسة ترشيدية عامة للحفاظ على الماء واشتداد الطلب عليه ، قامت الدولة ممثلة في الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه بإعداد مخطط طموح في هذا المجال لإنتاج في مرحلة قريبة ما يزيد عن 110 ألاف م/3 يوميا من المياه البحرية المحلات لتلبية حاجيات السكــان خاصة في الجنوب منها 57 % منها موجهة للشرب .
وقد وضع للغرض مخطط أولي لانجاز أربع محطات لتحلية المياه بواسطة التناضح العكسي في كل من جزيرة قرقنة بطاقة يومية 3300 م 3 وفي منطقة الزارات من ولاية قابس بطاقة 30 ألف / م 3 وفي جربة 50 ألف / م 3 على أن يتم تطويرها لاحقا لإنتاج 75 ألف /متر3 يوميا لتغطية حاجيات الجزيرة وولايتي مدنين وتطاوين في أفق 2035. والرابعة في جرجيس ستنتج 15 ألف / م 3 مما سيوفر حوالي 4 % من إجمالي موارد البلاد.
وتتنزل الاتفاقية الموقعة قبل أيام بين تونس واليابان لانجاز محطة تحلية مياه البحر بصفاقس بواسطة قرض ميسر بقيمة 780 مليون دينار.
وسيساهم هذا المشروع، الذي من المتوقع استكماله في غضون سنة 2020، في دعم قدرة وجودة توزيع مياه الشرب حيث سيمكن الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه من إنتاج، في مرحلة أولى، 100 ألف طن من المياه المحلات الصالحة للشرب يوميا إضافية لولاية صفاقس الكبرى.و سيستفيد من المشروع ما لا يقل عن مليون ساكن من الولاية وضواحيها.على أن يكون المخطط المائي 2017 و 2030 لبنة مهمة في مشاريع إستراتيجية قيد الانجاز ستمكن من تحقيق موازنة مائية إيجابية في البلاد.
وكان الخبراء في تونس قد دعوا خلال ندوة انتظمت بمركز تكنولوجيا البيئة إلى مراجعة كاملة للإستراتيجية الوطنية للإنعاش موارد المياه بهدف تحقيق التوزيع العادل للمياه بين جميع المناطق.