تعيش تونس موسما آخر على وقع نقص مياه السدود وتهديد بشح المياه وجفاف الأراضي كما أن الموسم الحالي يشهد أيضا انقطاعا في المياه الصالحة للشرب في عديد المناطق في الجمهورية من الشمال والجنوب وهو ما يعد مؤشرا على موسم صيفي صعب.
سجل مخزون السدود إلى حدود يوم أمس وفق ما ينشره المرصد الوطني للفلاحة 884.457 مليون متر مكعب مقابل معدل الفترة ذاتها خلال السنوات الثلاث الماضية ب 1.315.690 مليون متر مكعب بفارق 431.233 مليون متر مكعب. هذا التراجع المسجل لهذا العام يمكن وصفه بالحرج باعتبار أن العام الفارط وعلى الرغم من ان نسبة امتلاء السدود كانت أفضل إلا أن السلطات المعنية كانت قد دقت ناقوس الخطر نتيجة تراجع منسوب مياه السدود وبلوغها ادنى مستوياتها.
وتعد سدود ، ملاق وسيدي سالم وبوهرتمة وجومين وسجنان وسليانة وبئر مشارقة والحمى سيدي سعد والهوارب السدود المعنية بالحماية من الفيضانات وتبلغ أقصى نسبة امتلاء في سد بئر المشارقة بـ 46 % وأدناها في سد الهوارب بنسبة 0 %، وقد أكّد المرصد التونسي للمياه أن الايام القادمة ستشهد مشاكل التزود بمياه الري أمام التراجع الكبير الذي يشهده سد سيدي سالم اكبر السدود والمزود الأول لمياه الري مع تسجيل نقص كبير في التزود بمياه الري.
وكانت السنة الماضية قد بلغت أزمة نقص المياه ذروتها نتيجة تراجع مخزون السدود التونسية وانطلقت الإشكالية من شهر ماي 2016 وتواصلت إلى أواخر السنة وقد تأثرت عديد الغراسات خاصة الأشجار المثمرة والزياتين خاصة.
وكانت وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية قد أطلقت منذ شهر مارس حملة وطنية لترشيد استهلاك الماء بالإضافة إلى القيام بأيام تحسيسية في هذا الغرض.
وكان عبد الله الرابحي كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري قد اشرف يوم امس على جلسة عمل مع المديرين العامين للمصالح والهياكل المائية لتقييم الوضعية المائية والإشكاليات المطروحة خلال هذه الفترة المتزامنة مع ارتفاع درجات الحرارة وهو تقييم متكرر على الرغم من الازمة ذاتها كل سنة.
حيث أوصى كاتب الدولة بتحيين منظومة الأعطاب المائية والإعلان عنها والتسريع في إصلاحها ووضع خطة عمل مستقبلية لتسيير المجامع المائية للقضاء على أي شكل من أشكال الفساد والتصدي لعمليات سرقات الماء الى جانب تكثيف المتابعة والتدقيق وتقييم سير عمل اللجان المائية ومزيد إحكام التنسيق بين مختلف الهياكل المختصة في المياه لتفادي أي خلل أو عطب في المنظومة المائية ومراجعة المخزون المائي.
وعلى الرغم من تكرار السيناريو نفسه في عديد المواسم في السنوات الأخيرة الا ان تكرار نفس اليات التعامل مع المشكل يجعل منها وسائل غير فعالة باعتبارها لم تنجح سابقا. وتم اقتراح في عديد المناسبات انشاء سدود اخرى وتعويض السدود غير الصالحة للاستعمال.
ولئن تعد تحلية مياه البحر من الحلول المقترحة الا أن تكاليفها باهظة جدا.