ويجعل من لجوء تونس إلى السوق الدولية للاقتراض أمرا حتميا لمواجهة التزاماتها المتعلقة بالتداين.
ذكرت وكالة فيتش في بيان الأسبوع المنقضي عقبه يوم أمس تقرير مفصل ، أن تأجيل صرف الدفعة جاء نتيجة التأخير في الإصلاحات المتعلقة أساسا بالوظيفة العمومية والإنفاق الحكومي والنظام الضريبي.
وكان من المتوقع أن يتم صرف القسط الثاني ، في إطار اتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي يتعلق ب»تسهيل الصندوق الممدد» المصادق عليه في ماي 2016 (يتم بمقتضاه إقراض تونس 2،9 مليار دولار)، منذ نوفمبر2016.
وكانت الوكالة قد خفضت تصنيف تونس من BB-» الى «B +» في شهر فيفري بسبب ضعف النمو الاقتصادي وسط ازدياد المخاطر الأمنية والآثار المالية العامة والخارجية.
وتقول فيتش، أن المعارضة السياسية كانت قد أيدت سحب الإجراءات المتعلقة بتجميد الأجور في الوظيفة العمومية التي تم التنصيص عليها في القطاع العام في الميزانية المقترحة لعام 2017.
وأضافت وكالة التصنيف أن السلطات التونسية عمدت منذ ذلك الحين على اعتماد نظام التقاعد الاختياري ومن خلاله إلى تسريح 10 الالف موظف على الأقل مع موفى 2020 مثلما تدرس الحكومة بيع أسهم بما في ذلك في البنوك العمومية .
وتوقعت فيتش رايتنغ أن يصل عجز الميزانية إلى 6 بالمائة خلال 2017، ولمواجهة التزاماتها المتعلقة بالتداين،سيكون على تونس اللجوء إلى السوق الدولية لاقتراض ما يعادل 7 بالمائة من ناتجها الداخلي الخام بالعملة الصعبة والى السوق الداخلية لتوفير قيمة إضافية من التمويلات توازي 2 بالمائة من نفس الناتج.
وتعتمد تونس في ذلك أساسا على تمويلات متعددة الأطراف لتغطية نقص التمويل، منها صندوق النقد الدولي (حوالي 640 مليون دولار) والبنك العالمي (حوالي 500 مليون دولار) والبنك الإفريقي للتنمية (حوالي 300 مليون دولار) والاتحاد الأوروبي (500 مليون أورو).
وقالت فيتش رايتنغ في البلاغ ذاته ، أن مخاطر التمويل المتعلقة بتأخر صرف القرض لا يمكن استبعادها مما يجعل «تونس تخضع إلى تمويلات تتأتى من سوق غير مضمونة أو ذات فوائد أرفع».
وفي هذا الإطار قال الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي في تصريح لـ «المغرب» أن اتخاذ صندوق النقد الدولي لخطوة تأجيل صرف القسط المتفق عليه نظرا لعدم وجود إجراءات ملموسة تتعلق أساسا بالوظيفة العمومية وبنسب النمو ,خطوة سيكون لها بالغ الأثر سوى لدى المؤسسات الدولية المانحة كالبنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي أوالسوق الدولية والتي ستفرض ضمانات اكبر لتقليص نسبة المخاطر على اعتبار ان تراجع ترقيم تونس السيادي من BB-» الى «B +» يترجم عدم قدرتها على الإيفاء بتعهداتها .
ولفت الشكندالي إلى أن الدخول في تعهد مع صندوق النقد كان مبنيا على فرضيات لم تأخذ بعين الاعتبارالمناخ الاجتماعي والسياسي للبلاد وتبعا لذلك لم يبق أمام تونس من خيارات إلا التفويت في بعض المؤسسات العمومية من اجل دعم رصيدها من العملات الأجنبية و توفير موارد مالية لسد العجز و تدعيم فرص الحصول على قروض بأقل فوائد ممكنة .
وأكدت الوكالة أن موقف صندوق النقد الدولي وقراره القادم سيؤثر في قرارات هؤلاء المقرضين وتوجيه دعمهم المالي الى تونس.
وأضافت أن نجاح المراجعة بعد الزيارة المنتظرة لبعثة الصندوق النقد الدولي لتونس، والتي تتوقعها الحكومة موفى مارس 2017، سيترجم إلى صرف القسط الثاني من القرض قبل نهاية الثلاثي الأول من نفس السنة.
كما أكدت الوكالة أنه تم تخفيف المخاطر المتعلقة بالتمويل قصير الأجل بفعل طرح تونس سندات بقيمة 850 مليون يورو على مستوى السوق الدولية في فيفري.