لكن كيف يبدو القطاع السياحي في سنتنا هذه التي تلملم أيامها الأخيرة ، وهو الذي كان ولا يزال يمثل قطاعا حيويا بكل المقاييس فهو قطاع يشغل أكثر من 400 ألف عامل ، وهو أيضا قطاع يوفر للبلاد موارد مهمة من العملة الصعبة تغطي ما نسبته 56 % من عجز الميزان التجاري للبلاد بحسب تقديرات 2008، التي سجلت أكثر من سبعة ملايين سائح وثلاثة فاصل خمسة مليار دينار تقريبا من العائدات .
لا شك أن هذه السنة من الناحية الكمية أفضل من سنة 2015 التي شهدت سلسلة جرائم إرهابية استهدفت القطاع مما كان له الأثر البالغ على الوجهة التي تهاوت مؤشراتها بشكل غير مسبوق خاصة في الأسواق الأوروبية التي استهدفها الإرهاب حيث بلغت نسبة تراجع العائدات مقارنة بسنة 2014 أكثر من 35 % ونسبة 2.33 % مقارنة مع سنة 2010 التي تعد سنة مرجعية .
أما بالنسبة لعدد الوافدين الذين كان عددهم سنة 2010 سبعة ملاين و800 ألف سائح وفي سنة 2014 سبعة ملايين ومائة ألف سائح فهو رقم صعب الوصول إليه هذه السنة حيث ينتظر أن لا يزيد العدد عن الخمسة ملايين سائح وثلاثة مائة ألف سائح في أحسن الأحوال وهو رقم قريب جدا من نتائج السنة الماضية . أما عائدات الموسم فسوف لن تزيد هي الأخرى عن مليارين و250 مليون دينار أي نحو مليار ومائة مليون يورو تقريبا وهو ما يجعل قدرة هذه العائدات عاجزة على تغطية عجز الميزان التجاري في حدود النسب السابقة أي أنها سوف لن تزيد عن 32 % في أحسن الأحوال بعد أن كانت تتراوح بين 57 % و56 % قبل2010 .
تراجع مؤشرات الموسم الحالي بينة من ذلك مؤشر الليالي المقضاة الذي سيكون في ختام السنة الحالية في حدود 20 مليون ليلة وهو رقم دون مؤشر سنة 2010 الذي كان قرابة 36 مليون ليلة . أيضا نسبة إنفاق السائح تقلصت هي الأخرى بفعل تراجع وفود السياح ذوي الإنفاق العالي مثل الألمان والسويسريين و الإيطاليين وإلإسكندنافيين وبدرجة أقل الفرنسيين والأسبان وهو ما لم يستطع السياح الروس تحقيقه لا فقط على مستوى الإنفاق خارج النزل بل أيضا لطبيعة العملة «الروبل « الذي تعرض إلى تراجع هام في القيمة بفعل الأزمة الاقتصادية في روسيا والحصار الاقتصادي . هذا ما جعل العائدات السياحية تحوم حول مليارين ونصف المليار دينار أي مليار ومائة مليون يورو تقريبا وهي تقريبا نفس العائدات في سنة 2004.
اليوم وموسم سياحي يطوى بانتظار موسم آخر أفضل سيقبل ، لابد أن تتوحد جهود كل من الإدارة والمهنة في عمل منسق يهدف إلى بلورة صورة جديدة للوجهة ليس البحر وحده عنوانها بقدر ما هو هام بل أيضا عبر تقديم منتوجات سياحية مبتكرة تكون الثقافة والتاريخ والصحة ابرز علاماتها مع القيام بمبادرات اتصالية ذات أفق كبير في الأسواق التي استهدف سياحها الإرهاب الأعمى مع التأكيد على أن ما حصل في السابق في تونس ليس خاصا بها ذلك أن أوروبا وغيرها من بلاد العالم كانت هي الاخرى عرضة لهذه الجرائم التي يصنعها التطرف هنا وهناك.