لم يبق للشعب ما يضحي به غير أجرته فاعتقوها

بقلم :زمردة دلهومي

لم يبق للاجراء من المال ما يضحى به غير الملاليم القليلة التي يتقاضونها كل نهاية شهر في شكل «راتب معاق» يتقاسمونه مع الدائنين والبنوك والقروض وما يغرق كاهلهم من مستلزمات كل نهاية شهر. لم يبق لهم ايضا من جهود يبذلونها غير العمل المتواصل والاذرع

التي انهكتها اشرعة القوارب القديمة وطواحين الريح العاتية وامواج البحر الغادرة في صراعهم اليومي مع لقمة العيش.. لم يبق للمواطن ما يضحي به غير غمضة عين اثناء النوم فهل يبحثون عنها هي ايضا ليقف المواطن التونسي لبلاده ليلا ونهار؟؟؟ ماذا سيقدم الاجراء غير انتظارات واوهام يعيشونها كل يوم وعلى مدى خمس سنوات منذ «كذبة» الحرية والكرامة التي نزلت بردا وسلاما على البعض ممن اعتقتهم السجون واعيد اقحامهم في عجلة الانتاج والعمل وغيرهم من المنتفعين من الثورة ماعدا المواطن البسيط الذي زاد فقره وتعمقت ازمته؟؟ ماذا يمكن ان يقدم الفقير والعاطل عن العمل والمهمش ومن يعيش تحت الكفاف؟؟ ماذا يمكن ان يقدم الذي يتقاضى اجرا لا يسمن ولا يغنى من جوع؟؟ عن اي تضحيات يمكن ان نتحدث؟؟ بماذا سيضحى العاطل؟؟ بعمله ؟ بسنوات انتظاره؟؟ بعمره الذي يتقدم سنة بعد

سنة وكلها اعداد تضاف الى سيرته الذاتية التي تحتوى على تجربته في البطالة والضياع؟؟ بماذا سيضحى رب الاسرة الذي لم يعد قادرا حتى على الضروريات وسط عالم يتغير في كل دقيقة ومطالب تزداد وتيرتها ارتفاعا كل يوم؟؟ بماذا يمكن ان يضحي هؤلاء ؟؟
لنتفق اولا على نوعية التضحية ونتفق ايضا على تقاسمها ثم نقرر التضحية الجماعية ونسير الى افق غير محدد ربما نستقر على ارض اليابسة ونستقيم في الوقفة المطالبين بها جميعا او نغرق في بحر عميق ينجو منه من يحسن التجديف والسباحة ويغرق ضعيف البنية ...
نختلف احيانا مع الاتحاد العام التونسي للشغل في مواضيع متعددة ونتفق في مواضيع أخرى نطرح عدة اشكاليات ونناقش طريقة التعامل معها والخروج منها وايجاد الحلول اللازمة نلومه في بعض مواقفه مع بعض القطاعات وعدم قدرته احيانا على مسك العصى من الوسط وذلك لا يغير من حقيقة مفادها ان منظمة الشغالين اقدم واعرق قوة في البلاد وهي صوت الشغالين الصادح والتي تقول كلمتها مهما اختلفت المواقف والمواقع والاتحاد قال ان» الشغالين مستعدون للتضحية كما ضحوا طوال المراحل التي مرت بها البلاد في صورة رأوا خطوات إيجابية»

نعم نضحي ولكن نضحى جميعا نعم نتحمل مسؤوليتنا ولكن نتقاسمها مع الجميع حكومة وشعبا اذا ما تم اتخاذ إجراءات جريئة تصلح البلاد دون ان تضر بالفئات الاجتماعية الضعيفة وقد طالبت الهيئة الادارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل امس الأربعاء 12 أكتوبر، بتدقيق المالية العمومية ونشر المعطيات وتمكين المواطنين وجميع المعنيين بها حتّى يتمّ توحيد المعلومات والتشخيص وضبط السبل الكفيلة للخروج من الأزمة، وإعتبرت أن الإجراءات التي تعدّ لها الحكومة سواء في الميزانية التكميلية لسنة 2016 أو لميزانية 2017، ضرب لحقوق العمّال والفئات الضعيفة وإثقالا لكاهلهم بأعباء جديدة تدفع شرائح واسعة منهم إلى التفقير.

في واقع الامر ومهما اختلفت المشاكل والحلول فلطالما لم تجد الحكومة حلا للمشاكل الاجتماعية فانها لن تقدر على الخروج من الحلقة المغلقة التي تفرضها معطيات وظروف سيئة يعيشها المواطن، هناك من يقول حسب غليان الشارع والتجاذبات السياسية التي ساهمت بصورة كبيرة في فقدان الثقة بان بوادر ازمة جديدة تلوح في الافق او ثورة جديدة قادمة على مهل ولكن هذه المرة ستكون ثورة الجوع والقهر وقودها الياس والخوف واللامبالاة.

ثورة 14 جانفي اجج قبسها وقود حب الوطن والالتفاف حول المصلحة العامة والأمل في غد مشرق تلوح شمسه من بعيد وستأتي عما قريب غير ان الشمس اشرقت على جزء معين من البلاد فيما تهاطل البرد والثلج على مناطق أخرى فازدادا فقرا وتهميشا وخصاصة ... تعب الشعب من الوهم وبيع سياسة الحديث والوعود الواهية وأصبح اذكى بكثير، ويطالب بالكثير وبالملموس لا الوعود الواهية وبالتالي ولا قدر الله اذا حدث و اندلعت ثورة الجياع التي يتحدثون عنها فستكون الثورة الاخطر والأطول والأعنف لأنها مست جيوب المواطنين مباشرة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115