أسطول الصمود العالمي واحتجاز المشاركين فيه موجة من ردود الفعل المتتالية والمتصاعدة في تونس، بدأت من منظمات المجتمع المدني، مرورًا بالنقابات والأحزاب، ووصولًا إلى الشارع، الذين عبّروا عن رفضهم الواضح لما اعتُبروه "قرصنة بحرية عدوانية وانتهاكًا للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية"، داعين إلى التعجيل بالتنسيق لاتخاذ قرار نضالي داعم لأسطول الصمود والمطالبة بالإفراج الفوري عن أعضاء الأسطول وضمان سلامتهم، ردود لئن اختلفت أشكالها بين إصدار بيانات رسمية وتنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات والاعتصام المفتوح فإن أهدافها واحدة وهي دعم أسطول الصمود والتنديد بتواصل العدوان والحصار والتجويع من قبل الاحتلال على الشعب الفلسطيني، تحركات أدانت بشدة العدوان الصهيوني على الأسطول مع مطالبة السلطات التونسية بإعلان موقف واضح سيما وأن من بين المشاركين تونسيين وتونسيات.
أكدت اللجنة الوطنية لدعم المقاومة في فلسطين أن هذه الجريمة تندرج ضمن سلسلة الاعتداءات اليومية التي يرتكبها الكيان الصهيوني، في إطار حرب إبادة ممنهجة ضد غزة وضد عموم الشعب الفلسطيني، وهي خرق صارخ لكل المواثيق الدولية والإنسانية، وحملت الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة عن سلامة جميع النشطاء وطالبت بالإفراج الفوري عنهم دون قيد أو شرط، كما جددت التعبير عن رفضها القاطع لما يسمى بـ"صفقة ترامب" التي تمثّل محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وشرعنة بائسة للاحتلال، وجددت التأكيد على موقفها المبدئي والثابت الرافض لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، ودعت إلى الاستجابة لتطلعات أجيال كاملة من الشعب التونسي بسن قانون يجرم التطبيع مع هذا الكيان.
ندوة صحفية اليوم ومسيرة غدا في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة
حملت اللجنة الوطنية لدعم المقاومة في فلسطين السلطات التونسية مسؤولية حماية المواطنين التونسيين المشاركين في أسطول الصمود، ودعتها في بيان لها إلى التحرك الفوري على الصعيدين الدبلوماسي والقانوني، والمطالبة بالإفراج عن المختطفين واتخاذ مواقف واضحة وحازمة ضد هذا الاعتداء الصهيوني بما في ذلك إعلان الرأي العام بتطورات المسار القضائي المتعلق بالاعتداء على سفن أسطول الصمود بسيدي بوسعيد، كما دعت كل القوى الوطنية والمنظمات والأحزاب وأحرار هذا الوطن إلى تنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات شعبية داعمة لأسطول الصمود وضد التطبيع في كل الجهات وتوسيع حملات المقاطعة الشاملة للكيان الصهيوني. كما أعلنت اللجنة عن تنظيم ندوة صحفية لإعلان مستجدات عملية قرصنة- أسطول الصمود ووضع الأسرى التونسيين لدى الكيان الصهيوني وذلك اليوم الجمعة وتنظيم مسيرة وطنية يوم غد السبت 4 أكتوبر الجاري بداية من الساعة الثالثة انطلاقا من ساحة الباساج في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة .
فتح تحقيق دولي مستقل في ملابسات اعتراض الأسطول
بدورها أدانت نقابة الصحفيين اعتداء قوات الكيان الصهيوني على أسطول الصمود وحملت في المقابل المجتمع الدولي مسؤولية سلامة الصحفيين المشاركين في القافلة. وأكدت النقابة في بيان أن اعتقال الصحفيين أثناء أدائهم لمهامهم المهنية يشكّل انتهاكا صارخا للقانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان وجريمة ضد الإنسانية وطالبت بإطلاق سراحهم بشكل فوري . ودعت إلى فتح تحقيق دولي مستقل في ملابسات اعتراض الأسطول واعتقال من كانوا على متنه. اتحاد الشغل طالب أيضا في بيان صادر عن مكتبه التنفيذي الوطني بالإفراج الفوري عن أعضاء الأسطول وضمان سلامتهم، محمّلا السلطات التونسية مسؤوليتها للتحرّك من أجل الوقوف إلى جانب أسطول الصمود. وجدّد مطالبته المجتمع الدولي بوقف حرب الإبادة وفك الحصار على غزة وكل المدن الفلسطينية والإسراع بالإمدادات الغذائية والعلاجية الإنسانية .
مزيد الضغط السياسي والدبلوماسي
ودعا اتحاد الشغل أحرار العالم إلى مزيد الضغط السياسي والدبلوماسي على الدول الداعمة للكيان الصهيوني من أجل حملها على وقف العربدة الصهيونية ووقف الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي يمارسها الكيان المحتل وإحباط تخطيطه للقضاء على أي محاولة لعزله من خلال محاولة ضرب أسطول الصمود أو اغتيال بعض المناضلات والمناضلين أو أسرهم والتنكيل بهم. كما حيا اتحاد الشغل قرار النقابات الإيطالية بشن إضراب يوم الجمعة 3 أكتوبر ردّا على الانتهاكات المسلّطة على أسطول الصمود، وداعيا الاتحاد الدولي للنقابات إلى اتخاذ قرار نضالي عالمي ضدّ الكيان الغاصب. وأهاب بالشغّالين وعموم الشعب التونسي إلى الخروج والتظاهر في كلّ الجهات دعما لأسطول الصمود، ودعا المنظّمات والقوى الوطنية إلى التعجيل بالتنسيق لاتخاذ قرار نضالي داعم لأسطول الصمود. هذا ودعا الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس كافة الهياكل النقابية والعمال في الجهة إلى تنفيذ وقفة تضامنية اليوم الجمعة 3 أكتوبر الجاري، من الساعة العاشرة إلى الحادية عشرة صباحًا، وذلك بمقرات العمل.
دعوات إلى الالتحاق بالتحركات
رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان، عبرت أيضا عن مساندتها المطلقة وغير المشروطة لجميع المشاركين في أسطول الصمود، وطالبت المجتمع الدولي بإدانة العدوان الصهيوني والتحرك الفوري لضمان سلامة الجميع والإفراج عنهم دون أي تأخير كما طالبت بوقف الحصار والانتهاكات عن غزة فوراً، وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب الفلسطيني، ووقف جميع أعمال العنف وجرائم الحرب المرتكبة بحقه. ودعت المجتمع الدولي إلى تكثيف الضغط السياسي والدبلوماسي على سلطات الاحتلال لوقف الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها وفق القانون الدولي. ودعت جميع المواطنين والمنظمات الوطنية إلى الالتحاق بالتحركات لدعم أسطول الصمود، والتنسيق بين الهيئات المعنية لاتخاذ خطوات عملية لضمان حماية المشاركين والمساهمة في إنهاء الحصار المفروض على غزة.
تكثيف التعبئة الشعبية وعدم الصمت
منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية دعا أيضا إلى تكثيف التعبئة الشعبية في الشوارع والساحات حتى يُفرَج عن المعتقلين. كما دعا السلطات التونسية إلى تعبئة كل الوسائل الدبلوماسية لضمان سلامة أبنائنا وبناتنا والى الانخراط في كل الجهود العالمية لمحاصرة الكيان ومسائلته. من جهتها نددت الهيئة الوطنية للمحامين بتونس بشدة، بالاعتداء السافر واعتبرته يمثل خرقا خطيرا لأحكام القانون الدولي العام ولأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 وانتهاكا صارخا لمواثيق حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية ذات الصلة واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية، وحملت الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني كامل المسؤولية القانونية والجنائية عن هذه الجريمة التي قالت إنها ترقى إلى أعمال قرصنة بحرية، ودعت المجتمع المدني والمنظمات الوطنية والدولية إلى عدم الصمت أمام هذا السلوك والوقوف صفا واحدا إلى جانب أسطول الصمود والشعب الفلسطيني غبر الضغط على الحكومات والمنظمات الأممية لتحمل مسؤولياتها في حماية المدنيين ورفع الحصار غير الإنساني المفروض على غزة.
دعوة الحكومة التونسية إلى التحرك العاجل
هذا وعبر عدد من نواب مجلس نواب الشعب عن إدانتهم الشديدة واستنكارهم العميق لعملية الاختطاف الإجرامية التي استهدفت النائب محمد علي ورفاقه ضمن أسطول الصمود، من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، وحملوا الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عن سلامة المواطنين التونسيين المختطفين، واعتبار هذا العمل العدواني استفزازًا موجهًا ضد الشعب التونسي بأسره. ودعوا الحكومة التونسية إلى التحرّك العاجل والفاعل واتخاذ موقف وطني حازم تجاه هذا الاعتداء السافر. وناشدوا المجتمع الدولي، والبرلمانات الحرّة، ومنظمات حقوق الإنسان، للتصدي لهذه الممارسات العدوانية، والعمل على محاسبة مرتكبيها، والمطالبة برفع الحصار غير الإنساني عن غزة. كما دعوا إلى عقد جلسة طارئة لمجلس نواب الشعب، يتضمن جدول أعمالها إصدار بيان رسمي باسم البرلمان، وتكليف لجنة طوارئ للتنسيق مع السلطات الوطنية والمنظمات الدولية من أجل ضمان سلامة النائب والمواطنين التونسيين، والإفراج عنهم في أقرب الآجال.
أحزب تدين وتطالب بإطلاق سراح المشاركين
في ذات السياق، أدانت عدة أحزاب في بيانات لها قرصنة أسطول الصمود العالمي من طرف الكيان المحتل واعتقال المشاركين فيه مطالبة بإطلاق سراحهم. ودعت حركة الشعب أحرار العالم وكل الشعوب الحرّة إلى الخروج في مسيرات وتحركات شعبية دفاعاً عن الحق والعدالة وحرية غزة وكل فلسطين، في حين طالب الحزب الجمهوري السلطات التونسية بإعلان موقف واضح من هذه العملية العدوانية على أسطول الحرية وكسر الحصار على غزة وبذل كل ما يمكن بذله لدى أصدقاء تونس للتدخل وضمان سلامة وكرامة التونسيين الأسرى. بدوره عبر حزب التيار الديمقراطي عن استغرابه " صمت السلطات التونسية عن اعتقال تونسيين و تونسيات من المشاركين في "أسطول الصمود"، و دعاها إلى التفعيل السريع لكل الإجراءات القانونية و الدبلوماسية من أجل إطلاق سراحهم و ضمان سلامتهم و مصارحة الشعب التونسي و الكشف عن الأطراف التي انتهكت السيادة التونسية باستهداف "أسطول الصمود" قبل إبحاره من المياه التونسيّة، حسب ما ورد في بيانه.
تنسيق الجهد والتحرك
من جانبه شدد المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد على ضرورة ممارسة كلّ أشكال الضغط من اجل الإفراج الفوريّ عن كلّ الناشطين ومحاسبة الكيان الصهيونيّ على هذه الجريمة، داعيا الشعب وكلّ القوى الوطنيّة السياسيّة والمدنيّة إلى تنسيق الجهد والتحرك من أجل وقف الحرب والإبادة والتصدّي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر مبادرة ترامب المشبوهة. أما حزب العمال فقد دعا كذلك الشعب التونسي وقواه التقدمية إلى التحرك احتجاجا على هذا العدوان واستنكارا لملازمة السلطة الصمت تجاهه ومطالبة بتجريم التطبيع مع الكيان النازي. وجدد إدانته للعدوان الصهيوني على أسطول الصمود، من جانبها، حذرت حركة تونس إلى الأمام من مخاطر الإيهام بحلّ التفاوض من أجل سلام وهمي، إذ أنّ كيانا يواجه مدنيّين سلاحهم غذاء أطفال وأدوية وبعض الأغذية بالقرصنة والاعتقال ضاربا عرض الحائط مرّة أخرى بكل المواثيق والمعاهدات الدولية لا يمكن أن يكون الصراع معه إلّا صراع وجود وليس صراع حدود، ودعت كل القوى الوطنية والتقدمية وشعوب العالم إلى التحرّك تضامنا مع أسطول الصمود وتنديدا بالجرائم التي ما انفك الكيان الصهيوني يرتكبها في حقّ شعبنا في فلسطين.
وقفات ومسيرات متعددة
هذا وشهدت عدة جهات من ولايات الجمهورية أمس على غرار سوسة وصفاقس والمهدية وقفصة وغيرها من الجهات وقفات ومسيرات مساندة للمشتركين في أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة وأيضا مطالبة بإطلاق سراحهم بعد أن احتجزتهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي على بُعد أميال من شواطئ غزة. كما نفذ أساتذة وطلبة معهد الصحافة وعلوم الأخبار أمس وقفة تضامنية مع نشطاء أسطول الصمود في طريقهم لكسر الحصار على غزة، وتنديدا بالقرصنة الصهيونية للأسطول، واعتراض السفن السلمية في البحار وإيقاف واعتقال النشطاء السلميين الساعين إلى إدخال المساعدات إلي القطاع المحاصر في ظلّ الإبادة الجماعية القائمة. وطالبوا بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهما، وعن جميع المشاركين في أسطول الصمود، داعين وزارة الخارجية وكافة الهياكل المهنية والنقابية والجامعية والحقوقية، في تونس وخارجها، إلى التحرك السريع للضغط على سلطات الاحتلال للإفراج عنهما وعن كافة المعتقلين، ومحاسبة الكيان الصهيوني وملاحقته في كافة الدوائر الإقليمية والدولية على جريمة القرصنة.