هل أضحى الحجّ سببا في اشتداد المعركة من أجل احتكار النفوذ الديني ودافعا نحو إيقاد «الحرب الباردة» من أجل غنيمة السياحة الدينية ؟
كلّها أسئلة تطرح في الآونة الأخيرة ونحن نعيش مع المسلمين في أيام آدائهم لمناسكم ...
هذه الفريضة التعبّدية الخامسة ابتعدت بشكل كبير عن الروحانيات العالية والإيمان الصادق. وكادت العادة تفسد العبادة فقد تعوّد الناس على اختتام مشوار حياتهم بفريضة الحج، فتجد الأغلبية الساحقة من الحجاج شيوخا وعجائز ومرضى، كما جرت العادة أن يلّقب الإنسان الذي يؤدي فريضة الحج ويعود سالما، باسم الحاج أو الحاجة، مما أدى بالبعض إلى أن يتّخذ من هذا اللقب هدفا أساسيا بدل رضا الله تعالى، مما يجعل الحاج يحسب نفسه في رحلة ترفيهية لا علاقة لها بالشعائر التعبّدية.
وقد يعتبر البعض الحجّ محطة للتسوّق واقتناء أفخر الثياب والهدايا والمصوغ ..والملاحظ بصدق ومع الأسف أن المناسك تحوّلت إلى طقوس جوفاء لا روح فيها ولا معنى لها، وقلّ عدد من يؤدي المناسك في أجمل صورة، وبنظام وتؤدة...؛ فالقيم العلياء التي انبنى الحجّ عليها تراها تتساقط وتغلغلت سلوكات مشينة وأضحى من النادر من تراهم متمثلين تلك المعاني الجميلة لمناسك الحج وذلك الفهم السليم والسديد للدين، وذلك مما تراه من تزاحم وفوضى وأنانية وسلوكات يأباها العقلاء ..
هذا الجانب هام جدّا وينبئ بحال من الضعف في أداء هذه العبادة ..
أمّا الأخطر منه فتلك الحرب المستعرة بشكل متواصل منذ موسم الحجّ الماضي بين السعودية وإيران إثر حادثة التدافع وآلاف الأرواح التي أزهقت وما خلّفته من تبادل للتهم .....
لا تزال الحادثة إلى اليوم تسيل الحبر وتشعل الحرب الإعلامية فتيل أزمة دولية كبرى ..وكأنّها إعلان عن حرب منتظرة بين «الوهابية» و «الشيعة» ولا نقول منتظرة فقد اندلعت بتغذيات خفيّة
وازدادت حدتها - بامتناع أو بمنع - الحجيج الإيرانيين عن أداء المناسك هذا العام 2016 ....
هل هذه الحرب دينية مذهبية تسعى كلّ من الوهابية السعودية والشيعة الإيرانية إلى افتكاك النفوذ الديني في العالم ؟
هل هذه الحرب شعوبية بين العرب والفرس وهي إعادة النعرات القديمة ؟
هل هذه الحرب اقتصادية ترغب السعودية في بسط نفوذها المالي عبر ملايين المليارات التي تغنمها في موسم الحجّ والعمرة أم ترغب إيران في المشاركة في هذه العملية عبر تحويل مكة والمدينة إلى مناطق مشتركة التسيير ؟
هل هذه الحرب سياحية تريد كلّ دولة بسط نفوذها للإستثمار في السياحة الدينية صراع بين مكة و قم ؟
لا نحسب أن هذه الحرب سينزع فتيلها بسهولة بل هي مستمرّة في خضم ّ كلّ التحوّلات التي يشهدها العالم ولا نحسب أن ّ تصريحات أو بالأحرى النداء الذي ....