وخاصة عودة الأخيرة إلى الجامعة العربية، فالعالم العربي وفي القلب منه القاهرة تقود تكتلاً مهما ًلإقناع المجتمع الدولي بضرورة التدخل السريع لإيجاد حل سلمى للأزمة السورية يأتي هذا ضمن تطورات سريعة تعيد تشكيل الساحة الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
تسارعت في الأيام الأخيرة وتيرة التحركات المصرية الداعمة لسورية والتي اتخذت نسقاً إنسانياً منذ ضربَ الزلزال الأراضي السورية، إذ أرسلت مصر فرقاً للإغاثة ومساعدات، وبدأت مؤسسات جمع تبرعات لدعم السوريين، كما أطلقت مؤسسات حقوقية نداءات للتضامن الدولي، فضلاً عن اتصالات لمسؤولين مصريين كسرت صمتاً بين القاهرة ودمشق.
مع التذكير أن الرئيس السيسي، التقى الأسد، قبيل انطلاق القمة العربية الـ 32 في مدنية جدة بالمملكة العربية السعودية. وبدأ أول لقاء بين الرئيسين خلال التقاط الصورة التذكارية للقمة العربية، بسلام حار قبل أن يتبادلا الحديث لأول مرة بشكل مباشر.
فالسؤال الذي يتردد بقوة في عدد كبير من العواصم المؤثرة عالميا بشكل عام، والعربية بشكل خاص هل يزور الرئيس السيسي دمشق قريبا ؟
هناك تأكيدات على أن الزيارة باتت قريبة جداً،.ولعل هذه الزيارة ستمثل التحدي الأكبر للأنظمة المعادية لسورية، إذ ستحدث ما يمكن تسميته مفاجأة دولية وضربة سياسية كبيرة تعكس جدية المواقف المصرية تجاه سورية، ورسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن القاهرة ثابتة في مواقفها بالنسبة لسورية، وأنها جادة فعلاً في حماية المنطقة من الإرهاب بعد توسعه في المنطقة وعدم قدرة أمريكا والمجتمع الدولي على الحد منه.
مع اندلاع الأزمة السورية، برز موقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يقود البلاد داعماً لوحدة التراب السوري وتماسك مؤسسات الدولة السورية، انطلاقاً من عقيدة القوات المسلحة المصرية بأن سورية تمثّل عمقاً استراتيجياً لمصر، كما أنهما يرتبطان باتفاقية للدفاع المشترك.
وهذا يفسر موقف الفريق عبد الفتاح السيسي، حين كان وزيراً للدفاع أنذاك، الرافض إعلان الرئيس الأسبق محمد مرسي دعمه للمعارضة المسلحة السورية، وموقفه المتماهي مع الموقف الغربي المطالب برحيل الرئيس الأسد ، داعياً إلى احترام وحدة الأراضي السورية، ومؤكداً ارتباط الأمن القومي المصري بوحدة الدولة السورية، وعدم تقسيمها أو تفتيتها وأن القاهرة تدعم الجيش السوري والدولة الوطنية السورية لمحاربة الارهاب ، وهذا الموقف كان ينسجم مع موقف المؤسسات العميقة للدولة المصرية ، وقال الرئيس الأسد حينها إن “هناك تعاوناً بين مصر وسورية على الصعيد الأمني والعسكري، ولقاءات بين مسؤولين سوريين ومصريين”، معتبراً أن سورية ومصر في خندق واحد في محاربة الإرهابيين وتحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة.
في إطار ذلك ما من شك إن كلا البلدين لهما وزنهما وأهميتهما في المنطقة العربية، إذ أكدت دروس التاريخ أنه كلما كانت سورية ومصر في خندق واحد، وموقع واحد متضامنتين فإن ذلك يحقق الأمن والاستقرار للإقليم العربي، وعلى النقيض من ذلك فإنه كلما فترت هذه العلاقة فإن المردود السلبي لن يقتصر على الشعبين السوري والمصري وإنما ليشمل دول المنطقة، وبالتالي فإن سورية ومصر هما الأكثر مسؤولية في إيقاظ الصحوة القومية المنشودة والحفاظ على ثوابتهما، وأنهما الأكثر قدرة وجرأة على جذب بل دفع الآخرين نحو هذا الطريق، بعد أن أثبت تاريخ العرب الطويل بأن محور القاهرة دمشق كان وما زال هو الفاعل المؤثر.
مجملاً…. أن العالم العربي والمحافل الدولية على موعد مع (دهشة كبرى) تتمثل في زيارة الرئيس السيسي لدمشق أو العكس زيارة الرئيس الأسد للقاهرة، لأهمية العلاقة السورية المصرية بالنسبة للوضع العربي بشكل عام، وهذه الزيارة ستعطي رسالة واضحة لدول العالم بضرورة الإتحاد من أجل وضع حد لخطر الإرهاب كما تؤكد بأن سورية قادرة على تخطي الصعوبات التي تواجهها، وأن القاهرة مع دمشق في خندق واحد، وبالنتيجة فإن عودة هذه العلاقات إلى وضعها الطبيعي سيؤدي إلى إثارة غضب أعداء سورية، الذين رحبوا سابقاً بضعف العلاقات بين الجهتين من أجل تحقيق مشروعهما في المنطقة.
وباختصار شديد، أصبح لزاماً على مصر أن تعيد حساباتها وتحالفاتها الدولية والإقليمية وأن تشرع لإعادة علاقاتها بشكل كامل مع سورية وقوى المقاومة في المنطقة لإعادة إستنهاض المنطقة للتصدي لكل محاولات إعادة ترسيم المنطقة بما يخدم أهداف المشروع الأمريكي الغربي ومحصلته تحقيق أمن إسرائيل الإرهابية، لذا لا بد من صحوة عربية تقود لعملية التغيير الإستراتيجي للوقوف في وجه الإرهاب الذي يستهدف الأمن القومي العربي وركيزته مصر وسورية.