منبر: الشعب يريد... وأنت ماذا تريد

اليوم، وانا اكتب هذا المقال، وقد صرح الرئيس قيس سعيد عن خارطة طريق في سبع نقاط…

مازلت لم اجب حقيقة عن سؤالنا المحوري هل سيذكر التاريخ قيس سعيد كمنقذ للديمقراطية ام كأوتوقراطي منفرد بالحكم؟
ذلك ما دفعني الى طرح اسئلة اخرى، انطلاقا من خارطة الطريق المعروضة، علها تقودنا الى اجابة.
للتذكير هذه هي القرارات :

• بقاء المجلس النيابي مجمدا إلى تاريخ تنظيم انتخابات جديدة

• تنظيم استشارة شعبية بداية من الأول من جانفي 2022 والاعداد للمنصات الالكترونية وبلورة أسئلة واضحة ومختصرة وتنظيم استشارات مباشرة بكل معتمدية على أن تنتهي هذه الاستشارة في 20 مارس 2022

• تتولى لجنة سيتم تحديد اعضائها وتنظيم اختصاصها التأليف بين مختلف المقترحات على أن تنهي أعمالها قبل موفى جوان 2022

• عرض مشاريع الاصلاحات الدستورية على الاستفتاء يوم 25 جويلية 2022 مع الانطلاق في اصلاحات قانون تنظيم الانتخابات والاشراف عليها

• تنظيم انتخابات تشريعية وفق القوانين الانتخابية الجديدة يوم 17 ديسمبر 2022

• وضع مرسوم خاص يتعلق بالصلح الجزائي وفق التصور الذي تم الاعلان عنه منذ 2012

• محاكمة كل الذين أجرموا في حق الدولة التونسية وشعبها

ما لذي يمكن ان نعترض عليه ؟ ولماذا؟
في الحقيقة يمكن ان نكون ضد هذه الاجراءات او القرارات او سمها ما شئت، او ان نساندها، في الآن ذاته.
فلا يختلف اثنان بعد هذه العشرية ان دستور ٢٠١٤ مليء بالتناقضات، انه صيغة في مناخ يسوده الخوف من الأخر، مع عديد الهواجس، فلا عودة للحكم الفردي مما يجعلنا نميل للنظام البرلماني، ولا مجال لأخونة الدولة وتغيير نمط عيش تونسي نحته التاريخ، مما يدفعنا لنظام برلماني. النتيجة؟ نظام «رأس

برلماني» او «بر لا رئاسي» هجين.
قانون انتخابي بتعلة تمثيل الجميع، دفعنا خوفا من الانفراد بالحكم الى منظومة اين الجميع يصرف الاعمال ولا أحد يحكم. يعني ان الكل منتخب لكن لا احد يتحمل المسؤولية امام الشعب.
الفساد نخر البلاد والعباد، مع فشل ذريع في ادارة و ارساء مصالحة حقيقة تطوي صفحة الماضي و تأسس لصفحة جديدة في تاريخ تونس ديمقراطية يكون فيها الوطن للجميع.
يعني ان فكرة المحاسبة تستهوي الجميع ولا يمكن لعاقلين الاختلاف على ان من اجرم في حق الشعب و الوطن عليه ان يكون عبرة لمن يعتبر.
أخيرا ان تكون كلمة الشعب هي العليا، دون تزييف لإرادته و دون استعمال للمال الفاسد و شراء الذمم.
ويبقى ذلك القرار الذي يطلب من اكبر فاسد الذهاب الى أفقر معتمدية و العكس بالعكس، لأنه اقل ما يقال عنه انه شعبوي بامتياز، فلا حاجة لنا بهذا. فليرجع الفاسد، ما نهب بفوائضه وليذهب الى الجحيم، او في حال سبيله، لا يهمنا.
تقنيا لا يمكن فعل هذا، على كل ليس هذا القرار الأهم.

المهم أن كل القرارات مقبولة، بل ومطلوبة، لكن ليتوقف الجميع معي لبرهة هاهنا… ماذا لو فرضنا الآن جدلا ان قيس سعيد لم يكن الرجل الفائز في الانتخابات، وان خصمه نبيل القروي هو الذي فاز… ولنغير اسم رئيس الجمهورية ولنعد جميعا قراءة كل القرارات، ولنقرأها بمصداقية… ماذا لو كان الممضي اسفلها هو نبيل القروي … هل كنا سنقبلها؟ هل كان أنصار الرئيس سيقبلونها؟
لماذا طرحت السؤال؟ لأنني بعد قراءة القرارات والتمعن فيها مرة اخرى مع تغيير اسم الممضي اسفلها، رأيت جميع الهنات.

• كيف لنا ان نعطي قاعدة بيانات معلوماتية بهذا الاتساع لاي كان؟؟؟ من يضمن انه لن يتم استعمالها في الانتخابات القادمة؟

• كيف يمكن ان يكون رئيسا على دستورين اثنين في مدة نيابية واحدة؟ و كيف يمكن ان يغير دستورا برمته بمفرده، عبر لجنة لا نعلم كيفها وكمها؟

• كيف يمكن لكل الفاعلين السياسيين والاحزاب ان تشارك في انتخابات، من ينظمها وهو الذي لا يعترف بحقها في الوجود اصلا؟

• كيف يمكن للسلطة التنفيذية ان تقرر محاسبة من اجرم في تعد صارخ على مبدإ براءة المتهم حتى تثبت ادانته، و في تعدي صارخ على صلاحيات السلطة القضائية، الوحيدة القادرة والمسؤولة على تحديد من اجرم من غيره ؟؟؟

الاسئلة عديدة، و الخلاصة سادتي ان قبول القرارات من عدمها لا يفصل بينهما سوى خيط رفيع، الا وهو الثقة في الرئيس .
إذن إذا كنت تثق في ان الرئيس منقذ ستقبل، وان كنت تعتقد ان الرئيس اوتوقراطي سترفض.
لذلك اجد نفسي اليوم وأياكم نرهن مستقبل وطن بأسره، بحسن نية الاستاذ من عدمه.
ما لا اقبله شخصيا بغض النظر عن الشخص.

مبدئيا أرفض ان يرتهن غدي بأي كان، فما بالك بغد اجيال من التونسيات و التونسيين.
ولكن يبقى الواقع هو الواقع، والواقع هو اننا مرتهنون لنية الرئيس. «فماذا نحن فاعلون»؟
دعونا نعود اذا إلى مبدإ، لان المبادئ ثابتة.
المبدأ هو انه لا يمكن لك أن تكون الخصم والحكم.

و عملا بحكمة الأجداد في حل مثل هذه المجادلات…» قالو حصاني يصف السدرة… قالو يا سيدي هاو الحصان… وهاي السدرة».
اذا كان الرئيس يريد ان يكون لاعبا، اي انه يريد اعادة الترشح، و يريد ان يكون انصاره جسما انتخابيا… له ذلك و هذا حقه مثل ما هو معمول به في كل الديمقراطيات…
ولكنه في هذه الحالة لا يمكن ان يكون هو من يضع قواعد اللعبة بمفرده، و لا يمكنه استعمال نفوذه و قاعدة المعلومات، و امكانيات الدولة… للفوز من جديد، و لا يمكنه تمرير تنقيح دستوري الا اذا تم انتخاب البرلمان الجديد بعد عرض قانون انتخابي جديد على استفتاء شعبي و بعد تشريك كل مكونات الطيف السياسي.
و ان كان الرئيس يريد لعب دور الحكم. فليعلن ذلك.

وليقدم تصوره لقواعد اللعبة على الاستفتاء، وليكن مؤسسا لديمقراطية جديدة، ولدولة القانون والمؤسسات، وليفتح المجال لمن يقدمون أنفسهم كأصحاب افكار وحلول اقتصادية واجتماعية ليقدموها للشعب التونسي، وليختر الشعب، ولنتعلم جميعا تحمل مسؤولية اختياراتنا. وليدخل الرئيس التاريخ من ابوابه الواسعة.

يعني وباختصار شديد الحل بيد الاستاذ قيس سعيد…
على الرئيس ان يختار هو هذه المرة ماذا يريد، لنعلم نحن الشعب ما نريد.
على الرئيس ان يختار… هل يريد ان يكون لاعب ام حكم.
الخيار اليوم بيد الرئيس اما ان ينهي الواقع او ان يكتب التاريخ.

الخيار امام الرئيس، اما ان يواصل إدارة المعنويات الى الأعلى او ان يضطر إلى إدارة التوحش.
تونس لن تتحمل سنة اخرى من الضبابية السياسية، لان الضبابية السياسية تؤدي الى الضبابية الاقتصادية، و الضبابية الاقتصادية تؤدي الى عدم الاستثمار، و عدم الاستثمار يؤدي الى عدم خلق الثروة، و عدم خلق الثروة يؤدي الى عدم التنمية و عدم توزيع عادل لهذه الثروة، وعدم التنمية و العدل يؤدي الى

عدم الاستقرار الاجتماعي وعدم الاستقرار الاجتماعي يؤدي الى التوحش والتوحش سيدي يؤدي الى العدم.
«الكل سيمر ويمضي والدولة يجب أن تستمر وتبقى، الدولة التونسية بكل مرافقها هي دولة الجميع على قدم المساواة وأولى المبادئ التي تقوم عليها المرافق العمومية هي الحياد. الكل حر في قناعاته وخياراته لكن مرافق الدولة يجب أن تبقى خارج حسابات السياسة».

من خطاب رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيد الأربعاء 23 أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٩، عند أدائه اليمين الدستورية امام البرلمان التونسي.
عندما رفع الاستاذ قيس سعيد شعار الشعب يريد… أراده الشعب… اما اليوم عليه هو ان يعلم ما يريد.

والنزاهة ليست فقط مالية، بل النزاهة الفكرية هي الأهم… وجب إذا على الاستاذ قيس سعيد ان يصارح الشعب.
فهو اليوم رئيس للجمهورية التونسية، ورئيس لكل التونسيين…

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115