انطلاقا مما أعلنتم عنه في خطابكم بمناسبة تأدية حكومتكم لليمين الدستورية و من هدفكم الرامي إلى العمل على تحقيق مصلحة تونس وشعبها وبمقتضى اولويات عمل الحكومة المعلن عنها والتي من بين ابرز محاورها استرجاع ثقة المواطن في الدولة وفي نفسه وكذلك في الادارة والمرافق العامة وفي العمل الحكومي عموما .
وحيث أن هذه الثقة لا تتحقق إلا إذا ما شعر التونسيات و التونسيون أنهم. كاملي الحقوق، فإننا كمجموعة من الناشطات و الناشطين في المجتمع المدني والتي تتكون من مجموعة من الخبراء وعديد الجمعيات البيئية و التي نمثل نفس المجموعة التي تصدت لقرار السماح باستعمال الأكياس البلاستيكية في تعليب الاسمنت والتي تتابع منذ سنة الملف الخطير المتعلق بقضية النفايات الايطالية والتي تساند التحركات المجتمعية في علاقة بمصبي النفايات ببرج شاكير و الڤنة بعڤارب نتوجه إليكم بهذه الرسالة.
سيدتي رئيسة الحكومة،
لا شك وأنكم على دراية تامة بتدهور منظومة التصرف في النفايات خلال العشرية الأخيرة مما جعل بلادنا تعيش على وقع أزمات متعاقبة مثلت تهديدا للوضع الصحي والاجتماعي و البيئي للمواطنات و المواطنين وذلك نظرا لتفاقم العديد من العوامل التي ساهمت في هذا الانهيار و جعلته يتحول إلى كارثة ترتقي إلى الخطر الداهم.
و لعل أبرز هذه الأسباب هو عدم تطور الإطار القانوني المنظم لهذا القطاع من ناحية و عدم تطوير التقنيات المعتمدة على مستوى جمع ومعالجة النفايات من ناحية أخرى بالرغم من تواجد عديد التقنيات الحديثة و النظيفة حيث بقيت آليات جمع النفايات المنزلية تقليدية على مستوى أغلب مناطق البلاد في ظل نقص الإمكانيات وضعفها إضافة إلى اقتصار عملية المعالجة على ردم النفايات دون فرزها أو تثمينها وهو ما يمثل خسارة بيئية واجتماعية واقتصادية للمجموعة الوطنية.
وقد أدى غياب حوكمة القطاع إلى تعقيد الوضع نظرا لوجود أكثر من طرف مسؤول عن عملية التصرف في النفايات حيث كلفت الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات بالإشراف على منشآت التصرف في النفايات بناء على قانون تجاوزه الزمن منذ سنة 1996 و ذلك في انتظار إحالتها لإشراف البلديات والتي يقتصر دورها على جمع النفايات و نقلها للمصبات دون ان يتم فرزها مسبقا مما يثقل طاقة استيعاب هذه المصبات .
كما واجهت البلديات اشكالية نقل النفايات من وسط المدن الى هذه المصبات وهو ما يمثل في حد ذاته تهديدا لصحة وسلامة وامن المواطنين (مثال المصبات المراقبة بعڤارب وبرج شاكير) في ظل غياب رقابة على عملية النقل للمصبات ورقابة داخل المصبات نفسها.
و أمام غياب إسترتيجية واضحة للدولة بخصوص تطوير عملية التصرف في النفايات لاسيما الطبية تفاقمت معضلة المصبات سواء كانت مراقبة أو عشوائية و تمثل قضية النفايات الطبية بصفاقس دليلا إضافيا على قصور المنظومة القانونية على ايجاد حلول ناجعة حيث وبالرغم من وجود أمر منذ سنة 2008 يتعلق بتنظيم هذا القطاع و في غياب رقابة على مدى إحترام المؤسسات الإستشفائية العمومية والخاصة لشروط السلامة الصحية والبيئية تم ايداع اطنان من النفايات الخطرة و القاتلة في مستودع على مقربة من حي سكني.
كما تعتبر فضيحة النفايات الإيطالية والتي لاتزال قابعة على أرض تونس منذ سنة خير دليل على فشل المنظومة القانونية الحالية على مجابهة هذه الآفة التي تهدد حياة التونسيات والتونسيين وترتهن حق الأجيال القادمة في العيش الكريم وفي بيئة سليمة.
سيدتي رئيسة الحكومة،
ان الوضع البيئي الكارثي الذي تعيشه البلاد اليوم صار يتطلب تدخلا عاجلا وحازما من حكومتكم و ذلك بطريقة متجانسة و متناسقة بين كل الوزارات لحلحلته باعتباره احد أوجه الخطر الداهم الذي تعيش على وقعه البلاد منذ مدة، و إذ نثمن إفراد وزارة البيئة بوزارة خاصة بها فإننا نستغل هذه اللحظة الفارقة لنطالب ب:
* الغلق الفوري والنهائي لمصبي برج شاكير و عقارب و ذلك استجابة لحق سكان المنطقتين في حياة كريمة و في بيئة نظيفة، ووضع خطة عمل لمرحلة ما بعد غلق المصبات ،
* اخذ الوضعية الاجتماعية للعاملين بالمصبات بعين الاعتبار حتى لا يتم توظيف قضيتهم من قبل المستفيدين من استمرارية الوضع البيئي الحالي،
* التدخل الفوري لوضع حد للكارثة البيئية التي تعيش على وقعها مدينة صفاقس منذ اكثر من اسبوعين،
* إيجاد حلول عاجلة لتلوث الشريط الساحلي جراء مختلف مصادر التلوث خاصة تلك التي يتسبب فيها الديوان الوطني للتطهير والتي تزيد من تعرضه لمخاطر التغيرات المناخية و لعل أبرزها ما يحدث في شريط الضاحية الجنوبية ،
• ترؤس لجنة وزارية تشمل مختلف المتدخلين و المعنيين بملف النفايات الإطالية قصد التنسيق بينهم لللإسراع في عملية إرجاعها إلى مصدرها،
• ضرورة حل كل ملفات الفساد البيئي ومحاسبة كل من يثبت تورطه ومساهمته في الوصول للوضعية الراهنة،
• تغيير استراتيجية الدولة في مجال التصرف في النفايات من خلال إعتماد مبدأ الوقاية من المصدر،
• تحويل صلاحيات كل منظومة التصرف في النفايات من جمع و فرز و رسكلة و تثمين و نقل للمصب والتصرف فيه إلى البلديات مع ضرورة تحويل الموارد اللازمة لها حتى تقوم بهذه المهمة على أكمل وجه مع تمكين القطاع الخاص من المشاركة في هذه العملية لاسيما من الناحية التقنية،
• ضرورة سنّ استراتيجية وطنية شاملة وتشاركية عبر حوار وطني يكون هدفه تحقيق الانتقال البيئي المنشود وانتشال البلاد من هذا الوضع البيئي المتردي الذي بات يشكل تهديدا جدّيا لصحة التونسيين و التونسيات و لحقوق الأجيال القادمة في بيئة سليمة.
سيدتي رئيسة الحكومة لنعمل معا حتى تكون تونس فعلا خضراء
شبكة تونس الخضراء
رسالة مفتوحة إلى السيدة رئيسة الحكومة: مسؤوليتكم في التصدي إلى الخطر البيئي الدّاهم
- بقلم المغرب
- 11:27 16/10/2021
- 1218 عدد المشاهدات
إلى السيّدة رئيسة الحكومة
الموضوع: مسؤوليتكم في التصدي إلى الخطر البيئي الدّاهم
سيدتي رئيسة الحكومة،