ولا وقت نضيعه في فلسفة المصطلحات و إلا عدنا على مفاهيم الديمقراطية و الحرية و الدستورية و الإسلامية والتونسيانية...أجدر بنا ألا نخطئ المعركة.
أما و قد حصل ما حصل و لم تعد هناك جدوى في الجدل حول صيغة و أسلوب ما حصل خاصة بعد الإبتهاج الجماهيري لقرارات 25 جويلية في ما بدى كأنه مصادقة غير مبالية على هذه القرارات الرئاسية يجدر الإنكباب الفوري على ممارسة اليقظة والتحفز إلى ما ينتظرنا من مخاطر وانزلاقات.
الحقيقة أن تونس مبدعة في فن الإنقلابات الحديثة. بورقيبة قام بإنقلاب مدني جمهوري على حكم البايات، بن علي قام بإنقلاب مدني طبي على بورقيبة، قيس سعيد لم يشذ عن هذه السنة السياسية وقام بإنقلاب رئاسي دستوري مع إضافة نقطة استفهام على كلمة دستوري التي أصيبت هي أيضا بإهتراء واضح و تأثرت بثقافة التأويل و التفسير و الإستنباط.
خطاب رئيس الدولة، حاكم تونس بعد أن كان حاكم قرطاج، الذي ألقاه في26 جويلية بحضور ممثلي الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف واتحاد الفلاحين واتحاد المرأة التونسية وجمعية النساء الديمقراطيات يبرر إلى حد بعيد القول ان ما حدث انقلاب لنقل بنوايا حسنة مع التذكير بأن ويلات الإنقلابات عموما وما يليها من إستفراد بالسلطة خاصة إذا طالت الفترة الإستثنائية وصاحبتها عقلية السوبرمان والتي تجعل النوايا الحسنة لا تكفي للإطمئنان إلى الخطب والوعود مهما كان مصدرها.
انقلاب تحت حراسة المجتمع المدني
مقابلة رئيس الدولة مع الهيئات الفاعلة في المجتمع المدني و على رأسها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة الصحافيين، إذا أضفنا إلى ذلك ترسخ حرية التعبير والإصرار على ممارستها رغم الصعوبات المتكررة يدفع نحو التفاؤل بألا تكون أيادى رئاسة الدولة و المؤسسة العسكرية طليقة و أن يكون الإنقلاب تحت حراسة المجتمع المدني خاصة وإذا كانت المشاورات المعلنة مع هذه المنظمات تشاركية. عسى أن تكون هذه الحراسة الفاعلة سدا أمام سلوكيات الأنظمة السابقة، بن علي أيضا أتى بنوايا حسنة باركتها الكثير من القوى الديمقراطية و بيان السابع من نوفمبر درس في المغالطة الحقوقية والانفتاح الديمقراطي ثم إن الانقلاب على الاسلاميين رافقه دائما إنقلاب على الحريا ت والديمقراطية.
نعم الإنقلابات مهما كانت صيغها ومدى «تحضرها» مخيفة و محفوفة بالمخاطر ولكن هل أن التوافق كان أفضل لخدمة تونس وتحقيق الانتقال الديمقراطي وتحقيق رفاهية التونسيين؟ الاكتواء بنار الانقلاب يحفز على اليقظة خاصة إذ يجيرنا من النار الباردة للتوافق وحكم الفاسدين ويجعل الأمل ممكنا في تحرير الدولة و المجتمع من قبضة حزب النهضة و أحلافه و الفساد السياسي والأخلاقي المتستر بالإسلام أو المتملق لإستقوائه على الدولة و مؤسساتها. رهان صعب وخطير في زمن الكورونا و صيف قائض لا ينتهي.
إنقلاب بنوايا حسنة ! بقلم: كلثوم السعفي
- بقلم المغرب
- 09:25 28/07/2021
- 1918 عدد المشاهدات
شخصيا أفضل الإبتعاد عن فقه المسميات، لم تجن الثورة التونسية شيئا من هذه الرياضة الفكرية النظرية في خضم فوضى المفاهيم،