الحرب مستمرّة ولا زالت مستعرة. وكلّ من يعتقد أننا قدّمنا خطوة واحدة في محاربة الإرهاب فهو واهم.وكلّ من يظنّ أنّ المقاربة الأمنية بمفردها كافية فهو قاصر.
إننّا اليوم بدل محاربة الإرهاب فنحن من حيث نشعر ولا نشعر نصدّر الإرهاب... ونستورد الإرهاب. ونموّل الإرهاب. ونقف عاجزين عن محاربة الإرهاب. ومازالت المفاجآت تأتينا هنا وخارج أسوار بلدنا من أبناء جلدتنا.
لكن إذا كنّا أكثر صدقا وحبّا لهذا الوطن سننتصر بحول الله في معركتنا ضدّ الإرهاب. فبقدر ما نبارك النجاحات الأمنية التي تزيد الأمل في نفوسنا وتحقّق الأمن وتريح القلوب بقدر ما نتعطّش لخريطة طريق صادقة متعقّلة وناجعة وناجحة ..وبقدر ما نحتاج مع كلّ هذا لنجاحات فكرية ثقافية تعليمية وخاصة دينية روحية..فحين نقتل من الإرهابيين فقد اجتثثنا سرطانا وفي نفس الوقت دفنت معهم أسرار كثيرة..
لكن المقبوض عليهم بقدر اعتمادهم كمصادر استعلاماتية لمعرفة كلّ أسرارهم ومخططاتهم.
بقدر كونهم خطر مضاعف وهم في السجون التونسية يهدّدون غيرهم من المساجين بتفريخ دواعش جدد. كلّ الحذر من هؤلاء حتى لا نعود من حيث بدأنا.
وحتّى لا نعود إلى ما سبق تعالوا نتصفّح هذا الكتاب يحمل عنوانا مسجوعا كتابة ومسموعا نطقا ومنبّها مضمونا «دعاة لا عتاة». جامعا بين الدعوة الى الله بكلّ معانيها السنيّة الراقية آليات وثمرات قال تعالى «وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا « الأحزاب /46 وبين العتو الذي يعني النبو عن الطاعة والابتعاد عن البناء والسير في مسالك الهدم والشرور والمفاسد قال تعالى: وعتوا عتوا كبيرا «الفرقان/21 .
هذا الكتاب-بصفحاته 184 وبغلافه الأزرق المحلّى بزركشات لزهرات حمراء متناثرة توحي بالأمل – عبارة عن زبدة مخاض تجربة نظرية منفتحة في جانب وتجربة ميدانيّة عميقة بدرجة كبرى في الجانب الغالب. فصاحب الكتاب فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم الشايبي تقلّب في مراتع الثقافة ثمّ الخطابة الجمعيّة والاعمال الوعظيّة والمنابر الاعلاميّة والتحرّكات الميدانية و المؤتمرات الفكرية والورشات التوجيهيّة والمؤسسات التعليمية فولد هذا الكتاب في حلّته ذات البهاء وقد حبّره صاحبه بمداد من الأمل والالم .أمل أن ننجح داخل وطننا الغالي في تقويض غول الإرهاب وتدمير مسبّباته وعلاج آثاره وبتر سيقان عودته ..وألم التوجّع من بلد لا يزال مسؤولوه يحاربون الإرهاب بالكلام والتنديد فقط دون الفعل ودون إنجاز
الاستراتيجيات على أرض الواقع والاقتصار على مؤسسات الأمن والجيش .
هذا الكتاب رسم في طيّاته صاحبه بعين الحكيم الخبير خريطة متكاملة المعطيات تتضمّن «مقاربة في الدعائم الضرورية والمقوّمات الدينية للتوقّي من الفكر المتطرّف ومكافحة الإرهاب» بدأها بتمهيد عام حوصل فيه تأمّله في ظاهرة التطرّف الديني في بلادنا من النشأة إلى اليوم وبحثه عن حلول شافيّة.
ثمّ جمّع في هذه الخريطة خمس دعامات تقوم عليها بنيان الخطة الحربية ضد الإرهاب وهي:
*الدعامة المؤسّساتية بريادة مؤسسات الدولة الراعية للشأن الديني ولعلّ أبرزها المساجد.
*الدعامة التواصلية بإنجاز ثورة مستنيرة في مكامن الخطاب الديني وتحريره من ربقة التكلّس.
*الدعامة الاتّصالية بإنتاج إعلام ديني وما أدراك ما الاعلام الديني وتطويره نحو الاستثمار في الاستقطاب التكنولوجي.
*الدعامة الفكرية بالاستثمار الجاد في العلم والتصحيح والتحرير والتنوير للأذهان.
*الدعامة المجتمعية بربط مؤسسات المجتمع بدأ من الاسرة بحبل متين مشبع بكلّ صلابة الوحدة ورقّة القيم.
لتكون الحصيلة ب «حتميّة المواجهة» عبر الإجابة عن الاستفهامات المصيرية التالية:
*كيف نواجه الإرهاب؟
*من سنواجه؟
*بمن سنواجه؟
* وماذا بعد المواجهة؟
ولعلّ الإجابة الجامعة لهذه الاستفهامات اليوم:
*أن يقرأ السيد رئيس الدولة باعتباره المسؤول الأوّل عن الأمن القومي هذا الكتاب ويتبنّى تفاصيله الثريّة لتكون دليله في الحرب الشاملة ضد الإرهاب.
*أن يقرأ السيد وزير الشؤون الدينية باعتباره المسؤول الأوّل عن الأمن الفكري والديني هذا الكتاب ويوزّعه على الوعّاظ والائمة ليكون مرجعهم في الخطاب والدروس والخطب وفي تصحيح المفاهيم وصناعة أجيال مستقيمة تكون من «الدعاة لا من العتاة».