وذلك بتعيينه لشخصية من خارج الأحزاب ومن داخل التركيبة الحكومية الراهنة .
عمليا، انطلقت لعبة صراع الارادات بين رئيس للجمهورية منتخب بحجم شعبى غير مسبوق، يتحرّك وفق عقل سياسى غير نمطى وحركة النهضة التي لم تتحرّر بعد من أعراض مرض «التعالى الطاووسى» العٌضال الذي ألمّ بقيادييها منذ انتخابات أكتوبر 2011 مباشرة اثر إسقاط حكومة «الجمنى» المقترحة في ظل مشهد سياسى - حزبى مٌنفّر الى أبعد الحدود قابل للانفجار في أية لحظة وإدارة برلمانية من أسوء وأتعس ما يكون...
منذ تلك اللحظة، تغيّرت قواعد اللعبة السياسية بالكامل ليمسك رئيس الجمهورية بزمام المبادرة الدستورية في تحريك القطع الشطرنجية الرئيسية المؤدية الى «القصبة» .. فكان تكليف «الفخفاخ» لتشكيل الحكومة بداية نصب الفخاخ الحقيقية لتطويق «قصر باردو» من الداخل لينتهى فيما بعد بإعلان «نزلاء باردو» الاستسلام في يوم ذكرى «عيد الجمهورية» لحاكم قرطاج الجديد في حركة «كش مات» رئاسية فاجأت الجميع ..
فلئن عرفت ضربة «الكش مات» Echec et mat الشطرنجية القاتلة أنماطا مختلفة تتعدى العشرة، فإن الرئيس «قيس سعيد» اختار انسجاما مع توجهاته العروبية وضعية «الكش مات العربي» وذلك بحشر خصمه المباشر - حركة النهضة - في الزاوية من خلال محاصرتها بواسطة قطعة «القلعة» المتكوّنة من «حزب الإدارة» الكبير والمنيع الذى يمثله رئيس الحكومة المكلف «هشام المشيشى» يدعمها في ذلك من الخلف «حصان طروادة» القادم من قصر قرطاج...
فان كان من المٌسلّم به في العٌرف الشطرنجى الفارسى أن تتوقف اللعبة بمجرّد شلّ حركة قطعة «الملك» ، فإن وضعية «الكش مات العربي» على طريقة «قيس سعيد» أبقت اللعبة مفتوحة الى حين لكن بقواعد مغايرة وبصك استسلام قد لا يبتعد كثيرا عن النص المفترض التالي:
« نٌقرّ نحن الموقعين أدناه، ممثلين عن نواب مجلس الشعب الاستسلام دون قيد او شرط إلى مؤسسة رئاسة الجمهورية ، كما نلتزم بتنفيذ البنود التالية:
البند الاول : اعتماد حكومة «هشام المشيشى» بأغلبية مريحة وذلك بقطع النظر عن مزاجها السياسى سواء أكانت تقنوقراطية خالصة أم هجينة.
البند الثانى : إلزامية تأمين عملية إسنادها من مختلف الكتل البرلمانية عند تمرير مشاريع قوانينها.
البند الثالث : الاستعداد لبناء جمهورية ثالثة بمذاق دستورى جديد.
البند الرابع : وبناء عليه، فإن اىّ خرق لمقتضيات هذا البيان، يجوّز لرئيس الجمهورية استخدام الفصل 80 من الدستور وتحمل ما سيترتب عن ذلك من استتباعات خطيرة».
الموقعين أدناه:
- عن مجلس النواب : الشيخ راشد الغنوشي
- عن رئاسة الجمهورية : رئيس الجمهورية أستاذ القانون الدستورى قيس سعيد
من المحتمل جدا ان تشهد «بورصة تونس للسندات السياسة «تراجعا حادا لحجم تداول أسهم «حركة النهضة» وشركائها وصعود صاروخيا غير مسبوق لأسهم مشروع «ضفاف الجمهورية الثالثة البوليفارية» بقيادة الرئيس «قيس سعيد».
من يدرى ؟
وجهة نظر: ماذا بعد ضربة «الكش مات» الرئاسية ؟
- بقلم محجوب لطفي بلهادي
- 09:45 28/07/2020
- 1543 عدد المشاهدات
بطريقة شطرنجية ذكية وضع الرئيس «قيس سعيد» حدّا لمتلازمة «التهافت الحزبى» اللاّمحدود على منصب رئيس الحكومة