«السهر على احترام الدستور» بما تضمّنه من حريات وحقوق يأتي في مقدمتها «الحقّ في الحياة».
وأنتم تستعدُّون لخوض حملتكم الانتخابية، يتوجّهُ لكم الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام بطلب الالتزام بإدراج الموقف من قضايا حقوق الإنسان عامة ومسالة إلغاء عقوبة الإعدام خاصة ضمن برامجكم ومقترحاتكم.
أحرزت تونس بعد سقوط حكم بن علي تقدّما ملحوظا في مجال الاعتراف بالمعايير الدولية للمنظومة المتكاملة لحقوق الإنسان والشعوب.ومن الضروري اليوم أن تلتحق بغالبية دول العالم التي ألغت عقوبة الإعدام لا فقط في الممارسة وإنّما كذلك في القانون. لقد انخرطت الدولة التونسية في هذه الديناميكية الدولية الالغائية في الواقع منذ سنة 1991 بوقف تنفيذ الإعدام ،ثم بتصويتها بداية من 2012 إلى 2018 لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بتعليق اختياري عالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام. كما صادقت على عدد من المعاهدات والاتفاقيات المُجرّمة لممارسة التعذيب وانتهاك الذات البشرية. هذه الخطوات تظلُّ هامة ولكنها غير كافية. فالدولة التونسية لم تستجبْ إلى حدّ اليوم للنداءات المتواصلة للمنظمات الحقوقية التونسية للمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتعلّق بإلغاء عقوبة الإعدام.كما تُواصل المحاكم التونسية إصدار أحكام بالإعدام تطبيقا للتشريعات القانونية والمجلة الجنائية الحالية.
إنّ عقوبة الإعدام غير متلائمة مع تطوّر تونس صاحبة الريادة في إلغاء الرقّ وإعلان دستور منذ القرن 19، وفي إصدار مجلة الأحوال الشخصية منذ أواسط القرن 20 ثم الثورة على الاستبداد في القرن 21. فهي عقوبة موروثة عن مرجعية تجاوزها الزمن،هي مرجعية الانتقام للعصور العشائرية والقبلية وللعهود الاستعمارية والاستبدادية. ويندرج تجاوزها ضمن الإصلاحات التشريعية الأساسية اللازمة لضمان تطابق التشريعات الوطنية مع دستور 2014 ومع الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان التي صادقت عليها تونس.
استُعْملتْ عقوبة الإعدام في تونس في الفترة الاستعمارية المباشرة ضدّ المقاومين الوطنيين بصفتها وسيلة قمع وترهيب للشعب التونسي.واستُعْملتْ بعد استقلال تونس سنة 1956 كأداة لتصفية المعارضين السياسيين الذين شكّلوا النسبة الأكبر ممّن نُفّذت فيهم. كما عكست الأحكام بالإعدام الواقع الصارخ للتفاوت الطبقي والجهوي السائد في مجتمعنا، حيث أن غالبية من تمّ الحكم عليهم بالإعدام ينتمُون للفئات الفقيرة والمناطق المهمّشة .
نحن نعتبر أنّ عقوبة الإعدام انتهاك لأول حقوق الإنسان وهو الحقّ في الحياة. فهي عقوبة انتقائية وتمييزية وغير قابلة للمراجعة إذا تبيّن الخطأ بعد تنفيذها، وهي لا تضمن أمنا أفضل للجميع.كما أنّه لم يثبت البتّة أن لها تداعيات أكثر ردعية من عقوبات أخرى.ونحن نرغب في أن تسير تونس القرن 21 نحو الديمقراطية واحترام الكرامة البشرية بإلغاء هذه العقوبة المُشينة.
لقد شهد شهر جويلية سنة 2018 إصدار «ميثاق تونس للمساواة والحريات الفردية» الذي أمضته 90 منظمة وجمعية تونسية. كما صدر في مارس سنة 2019 «ميثاق الكرامة لقمّة المجتمع المدني العربي» الموازية للقمة العربية الرسمية. ويمثّل الدفاع عن الحقّ في الحياة والدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام أحد المبادئ الكبرى للوثيقتين.
وانطلاقا من مساهمتنا بفعالية في صياغة الوثيقتين ، وبصفتنا منظمة وطنية تناضل من أجل الإلغاء منذ سنة 2007 ، وعضوا منتخبا سنة 2019 في الهيئة القيادية للائتلاف العالمي ضدّ عقوبة الإعدام ، وبمناسبة الانتخابات الرئاسية لسنة 2019 ، ندعوكم إلى إعلان التعهّد بـــــ:
1 - احترام التزام الدولة التونسية بإيقاف التنفيذ وتحويل عقوبات الإعدام إلى عقوبات بالسجن، وإضفاء الصفة الرسمية على التعليق الاختياري للإعدام.
2 - مراجعة الدستور بإضافة إلغاء الإعدام في الفصل الذي ينصّ على احترام الحقّ في الحياة .
3 - مراجعة التشريع الجنائي التونسي من اجل الإلغاء التام لكل القوانين والفصول التي تنصّ على عقوبة الإعدام أو تقليص عدد الجرائم التي يُحكمُ على مرتكبيها بالإعدام
4 - دعم المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية .
5 - دعم تبنّي مشروع البروتوكول الإضافي للميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب حول إلغاء عقوبة الإعدام في إفريقيا.
الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام
الرئيس
شكري لطيف