شفى الله الجرحى و رحم الله شهداء الوطن ممن إغتالتهم يد الإرهاب ولم يحمهم الوطن وهم يحمونه ويفدونه بالروح و الدم ..
رحم الله قرابة 500 شهيد ممن ظنّوا خيرا في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب ....لكنهم استشهدوا دون أن يروها ودون أن توقف نزيف اغتيالهم لأنّها أكذوبة من زمن لغة الخشب ...كلّ من يحدّثكم عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب يخدعكم ويضحك على ذقونكم ...
العمليات الارهابية اليوم تقع تحت زرّ يضغط عليه من شرب التكفير والتفجير والقتل في أدبياته وتاريخه وحاضره ومستقبله..
العمليات الإرهابية هدفها تغطية قرف إجرامهم في حقّ الوطن . .العمليات الإرهابية صارت أمرا معتادا شبيها بحادث سير وأرواح الشهداء صارت رقما ..
العمليات الإرهابية عنوان الفشل الكامل لكلّ السياسات الكاذبة...
العمليات الإرهابية سعي لتخويف الأمنيين والعسكريين وبثّ الرعب في نفوسهم..
العمليات الإرهابية خلق للفوضى وتدمير قطاعات الوطن ممن لا ينتمون لهذا الوطن ..ممن فكرهم مقام على «الفوضى الخلاّقة» وعلى «التدافع الإجتماعي» ...
العمليات الإرهابية حاصدة للطاقات مبدّدة للكفاءات مظهرة للفقر وغياب التنميات...
كلّ من يحدّثكم عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب يخدعكم ويضحك على ذقونكم ...
ماذا فعلنا مع من عاد من بؤر التوتّر؟
ماذا فعلنا بالمساجين الإرهابيين ونحن ننفق عليهم إقامة وأكلا وشربا من المال العام وسيغادرون السجون ذات يوم أكثر حقدا وقد بثّوا سمومهم في غيرهم من المساجين البسطاء ؟
ماذا فعلنا بالندوات والمؤتمرات في النزل الفخمة حول الإرهاب دون تفعيل ميداني؟
ماذا فعلنا بالمواقع والصفحات المستقطبة للشباب ؟
ماذا فعلنا بالكتب والمطويات ذات المضامين المتشدّدة؟
ماذا فعلنا في المدارس والمعاهد؟
ماذا فعلنا في الجمعيات والمنظمات والتمويلات المشبوهة ؟
ماذا فعلنا في الإعلام؟
ماذا فعلنا في الثقافة؟
ألف من سؤال ماذا فعلنا ؟؟
ولكن لا إجابة... وإن ثمّة إجابة فهي الكذب و التمويه ..
الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب ...ميزانية ترصد مهدورة ..واجتماعات تعقد مبتورة ..وأفكار تسطّر خاوية ...وأنشطة تبرمج واهية ..وشعارات ترفع بائسة ..
هي الأكذوبة الكبرى ..ما دامت دون تفعيل حقيقي وآليات ناجعة..
2 - أين الجيش الإلكتروني و الإعلامي لمحاربة الإرهاب ؟؟
الثابت أنّ أخطر التحديّات المحدّقة ببلادنا وغيرها هو التحدّي الإرهابي واستمرار نشاط الجماعات المتطرّفة لإستقطاب الشباب بشكل غير مباشر بعيدا عن أعين الإستخبارات وعيون المراقبة وبعيدا عن دور العبادة من مساجد وجوامع- التي توجد اليوم جميعها تحت سيطرة وزارة الشؤون الدينية شكلا ومضمونا - ولا شكّ أنّ الأنترنات هي أهمّ الأدوات لتحقيق مشروعهم كمدخل لغسل أدمغتهم واستقطابهم وتجنيدهم . فهذه الجماعات قد هيمنت على الساحة الرقمية مقارنة بغيرها من الجمعيات والمنظمات والشخصيات بمختلف رؤاها ممّا أوصل الشباب لمرحلة كره لعبة السياسة والديمقراطية المزعومة لذا فكلّ القوى الفاعلة مطالبة اليوم بالعمل وبالسرعة القصوى لتبدو أكثر إقناعا وجاذبيّة من خلال شنّها حربا رقمية وشاملة وفاعلة على قوى الظلام .
واقع الإرهاب معلوم أمّا الحلول فإنّها عديدة وتحتاج لصدق ولجديّة وحرص على التنفيذ مع اعتماد قناعات منها أنّه لا انتصار على العدوّ ما لم ننظر للزاوية التي ينظر منها العدو. ومنها ربط ماضينا بحاضرنا حتّى تكون القاطرة المنهجية لبناء فكر تنويري سليم ومنها التركيز على جماليات ثقافية وفايسبوكية بكلّ أبعادها مع امتلاك المهارات الإلكترونية التي تجعلنا نتحدّث بلغة العصر وبنفس لغة العدو ونحن على يقين من أنّ لغة الإرهاب - بإعتباره العدو الأوّل - لم تعد مباشرة بدرجة أولى (تفجير و قتل) بل إلكترونيا تقتحم الحواجز وتنشر الأفكار المتطرّفة وتُسيطر على الوجدان و العقول.
لا شكّ أنّ أوّلى أبجديات التصدّي للإرهاب تصحيح المفاهيم من خلال قراءة نفس نصوص القرآن والحديث النبوي الشريف المعتمدة من قبل المدمغجين قراءة مغايرة لما يروّجونه فمثلا قوله تعالى «وأعدّوا لهم ما إستطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم» الأنفال /60 .. فـ «أعدّوا» معناه إلزامي فكلّنا مسؤولون لمواجهة الإرهاب وعلينا فهم معنى الإعداد والاستعداد على أنّه وضع الإستراتيجيات و الرؤى و«ما إستطعتم» تعني بذل الجهد البدني والذهني ـ كلّ ما تقدرون عليه وإستطاعتكم تحتاج إلى عون ربّاني وبركات و«من قوة» أي كامل الآليات والوسائل يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث : «ألا إن القوة الرمي» والرمي سابقا كان من النبال والسهام ثمّ تحوّل إلى المدفعية وغيرها ثمّ إلى الطائرات والصواريخ والمنصّات و الغواصات واليوم الرمي الإلكتروني وسابقا كان «رباط الخيل» رمز الحركة والقوة وتحوّلت من الخيل إلى الدبابات و المدافع والطائرات و كلّها تُقاس بالحصان و اليوم نتحدّث عن المرابطة الإلكترونية ورمي الإرهابيين بنفس سلاحهم بعد أن كان بناء الرباطات من فنون المعمار
و الدفاع العسكري واليوم بناء المواقع والصفحات والسعي لتحقيق الإنتصار الإلكتروني بطول النفس ــ لذلك جاءت «تُرهبون» بصيغة المضارع الذي يعني الحدوث والتجدّد والتواصل.وبالإستثمار الفعلي والدعم المادي فالجزء الثاني من نفس الآية: «وما تُنفقوا من شيء في سبيل الله يُوفّ إليكم وأنتم لا تُظلمون» مضمونه الإعداد المالي مع إعداد وتسليح الجيش الإلكتروني الفكري
و التفكير في إنشاء مراكز عالمية و إقليمية و محليّة لمواجهة الإرهاب فكريا عبر الأنترنات وتكون مضامينها أساسا تصحيح المفاهيم و المصطلحات -التي هي مفاتيح المعرفة فإذا إضطرب المصطلح إضطربت المعرفة ، - عبر جُمل قصيرة مكتوبة و مقروءة من شخصيات مؤثرة وبلغة مفهومة يشترك الجميع في فهمها إضافة إلى التواصل مع الجامعات والمدارس وتوظيف قدرات طلاّبها في المجال الإلكتروني ليكونوا فاعلين تأثيرا و تأثّرا بحكم مواهبهم وقدراتهم الخلاّقة في هذا المجال و هم حُماة ويحتاجون للحماية بتشريكهم وتحميلهم المسؤولية مع زرع ثقافة الأمل والحياة و تزكيّة النفوس وتغذيّة الأرواح بالبثّ المتواصل للأغاني والأذكار والكتب عبر قادة الرأي من جامعيين و شيوخ ومنشدين وأئمة مع حسن توظيف «تكنولوجيا المعلومات».. ولعلّ الشغل الكبير يكمن في تكثيف إنشاء المواقع والصفحات لخلق التوازن الأنترناتي من قبل المؤسسات الدينية في البلاد الراعية للشأن الديني بنشر المحاضرات والدروس و الخطب الجمعية والفتاوى المرتبطة بروح الخصوصية التونسية -عقيدة أشعرية وفقها مالكيا و تصوّفا جنيديا – دون نسيان الاشتغال على بثّ روح المواطنة و الوطنية إلكترونيا (مقولات، أناشيد ، صور ، شخصيات وطنية...) وتقويّة شعور الإنتماء لأنّه بقدر انتفائه يكون الإرهاب.
3 - الإرهاب لا يحارب في الجوامع فقط ...
من يحارب الإرهاب داخل المساجد والجوامع فقط لا تتوفّر لديه أيّة رؤية لحقيقة هذا الغول ...ومن يعتقد أنّ الحرب على الإرهاب مناسباتية فهو لم يدرك حقيقة هذا الطاعون ...
ومن تغافل عن الجانب الفكري العقائدي .. أو نسيه أو تناساه وإعتمد المقاربة الأمنية فقط واستعمل الوسائل التقليدية فهو كمن يحرث في البحر ..
ومن اعتبر الإرهاب ظاهرة عابرة تعالج بالشقشقات الكلامية والتنديدات فأولائك هم المخادعون ..
ولهذا فأن تظلّ وزارة الشؤون الدينية لوحدها المعنيّة الأساسية بالمحاربة الفكرية للإرهاب واتهامها بالتقصير فذلك يعدّ من قبيل التجنّي على جهود الوعّاظ والأئمة والإطارات الذين كانوا صفّا – رغم وجود بعض العينات من الإئمة خاصة ممن غرّدوا خارج السرب وتمّ التصدي لهم – يحملون همّ محاربة الإرهاب في خطاب ديني معتدل لا يزال يحتاج إلى التدعيم والتطوير و التمرير عبر برامج عصرية واشتغال على الصورة والصوت والانترنيت والنزول للميدان الشبابي بعيدا عن محاريب الجوامع التي لم تعدّ وحدها كافية .. ولعلّ الندوة الوطنيّة الأخيرة الموسومة « دور الإدارات الجهويّة في تفعيل استراتيجية الوزارة في مكافحة الإرهاب» والتي انتظمت يومي و 29 و 30 أكتوبر وكان محورها ضرورة تضافر كلّ الجهود من أجل إنجاح استراتيجيا وزارة الشؤون الدينية في مكافحة الإرهاب وتفعيل مختلف بنودها والعمل بها في كلّ الولايات وخاصة منها المناطق الحدودية، مع مواصلة مقاومة الفكر المتطرف عن طريق الخطب الجمعية والدروس ومزيد تطوير الخطاب الديني حتى يكون ملتصقا بمشاغل الناس وأكثر قربا من الشباب على وجه الخصوص.والحرص الشديد على إنجاح هذه الاستراتيجيا والتصدي للأفكار الهدامة انطلاقا من الحصن الأول وهو الكتاتيب، ومرورا بالمساجد والندوات والمحاضرات والإعلام الديني ودروس السجن كذلك التنسيق مع بقية الهياكل الأخرى الحكومية المهتمة بالموضوع.
فبقدر مسؤولية هذه الوزارة في المقاربة الفكرية العقائدية الروحية بقدر حتمية التشارك العام من كلّ مؤسسات الدولة وأطياف المجتمع في محاربة الإرهاب الذي يتجوّل اليوم أمام وزارة الداخلية ...
منبــر: الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب «أكذوبة» ما لـم تفعّل حقّا و كليّا
- بقلم بدري المداني
- 13:09 10/01/2019
- 859 عدد المشاهدات
1 - «أكذوبة» الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب.
قرب وزارة الداخلية وفي شارع بورقيبة برمزيته وقرب المسرح البلدي إرهابية بنون النسوة تدمغج وتحزّم وتنفجر جسدا بعد أن انفجر عقلها بعقيدة التكفير والتفجير..