منبــر: قراءة دستورية لمبادرة المساواة في الإرث (1)

سليم اللّغماني
أستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية وعضو في لجنة الحقوق الفردية والمساواة


يتمثل السؤال المركزي الذي سوف نحاول الإجابة عنه في مدى دستورية مبادرة المساواة في الميراث، بعبارة أخرى هل أن إقرار المساواة في الميراث مع إمكانية اعتراض المورث وإعلان تمسكه بقاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين مخالف للدستور أم تطبيق له؟
ولا بدّ قبل الخوض في الأصل عرض القواعد المرجعية (les normes de référence) التي سنبني عليها إجابتنا، وهذه القواعد دستورية ودولية.

• القواعد المرجعية الدستورية
التوطئة:
«وتعبيرا عن تمسك شعبنا بتعاليم الإسلام ومقاصده المتّسمة بالتفتّح والاعتدال، ... واستلهاما من ... حركاتنا الإصلاحية المستنيرة المستندة إلى مقوّمات هويتنا العربية الإسلامية»
«وتعبيرا عن تمسك شعبنا... بالقيم الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان الكونية السامية،»
«وتأسيسا لنظام جمهوري ... تضمن فيه الدولة ... احترام الحريات وحقوق الإنسان... المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين والمواطنات.»
- الفصل 1 - تونس دولة حرّة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها،
لا يجوز تعديل هذا الفصل.
- الفصل 2 - تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة، وإرادة الشعب، وعلوية القانون. لا يجوز تعديل هذا الفصل.
- الفصل 3 - الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات، يمارسها بواسطة ممثليه المنتخبين أو عبر الاستفتاء.
- الفصل 50 - يمارس الشعب السلطة التشريعية عبر ممثليه بمجلس نواب الشعب أو عن طريق الاستفتاء.
- الفصل 6 - الدّولة راعية للدّين، كافلة لحريّة المعتقد والضّمير وممارسة الشّعائر الدّينيّة...
- الفصل 20 - المعاهدات الموافق عليها من قبل المجلس النيابي والمصادق عليها، أعلى من القوانين وأدنى من الدستور.
- الفصل 21 - المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز. تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامّة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم.
- الفصل 39 -... تعمل ]الدولة[ على تأصيل الناشئة في هويتها العربية الإسلامية وعلى... الانفتاح على... الحضارات الإنسانية ونشر ثقافة حقوق الإنسان.
- الفصل 74 - الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية منذ الولادة، دينه الإسلام...

• القواعد المرجعية الدولية
سوف نقتصر على المادة 16 فقرة أولى «ح» من اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة.
«تتخذ الدول الاطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في كافة الامور المتعلقة بالزواج و العلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على اساس المساواة بين الرجل والمرأة:
ح) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بالملكية واقتناء الملكية (acquisition de la propriété) والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها سواء بلا مقابل أو بمقابل عوض.»
وأعلنت تونس عند مصادقتها على الاتفاقية أن «الفقرة ح يجب أن لا تخالف الأحكام الواردة في مجلة الأحوال الشخصية بشأن اقتناء الملكية عن طريق الوراثة».
ثم وبمقتضى المرسوم عدد 103 لسنة 2011 بتاريخ 24 أكتوبر 2011 سحبت تونس تحفظها على الحرف (ح) من الفقرة الأولى من الفصل 16 2 وأعلمت الدولة التونسية الأمين العام للأمم المتحدة بهذا السحب وتم إيداعه بتاريخ 17 أفريل 2014 3.
بالنظر إلى هذه النصوص المرجعية هل تعدّ مبادرة المساواة في الميراث تخليا وهتكا «لتمسك شعبنا بتعاليم الإسلام ومقاصده المتسمة بالتفتح والاعتدال»؟ هل أنها نسف للتنصيص الدستوري على أن «تونس دولة... الاسلام دينها»؟ وتفترض الإجابة عن هذا السؤال تحديد موقع الإسلام في الدستور التونسي، ومفهومه وآثاره الدستورية.

• هل أن الإسلام دين الدولة أم دين الشعب؟
لقد اتفق رئيس الجمهورية وحزب حركة النهضة على تأويل للفصلين الأول والثاني من الدستور مفاده أنّ «تونس دولة مدنية لشعب مسلم». فجاء في بيان المكتب التنفيذي لحزب حركة النهضة الصادر في 3 جويلية 2018 ما يلي : «وبخصوص ما ورد بتقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة شدّد المكتب التنفيذي على حق الجميع أفرادا ومؤسسات وكل التونسيين في حرية الرأي والتعبير والتفكير في إطار ما دعا إليه رئيس الجمهورية وتتبناه حركة النهضة من أن تونس دولة مدنية لشعب مسلم.» وهذا يعني ضمنيا أن الفصل الأول من الدستور يصف البلاد التونسية ودين شعبها بينما يحدد الفصل الثاني هوية الدولة. ويؤكد هذا التأويل تنصيص التوطئة على «تمسك شعبنا (لا دولتنا) بتعاليم الإسلام».
ولا أظن أن هذا التأويل يستقيم: أولا، لأن للفصلين نفس الطالع («تونس دولة»). ثانيا، لأن الإسلام ليس دين الشعب وإن كان دين الأغلبية الساحقة. ثالثا وخاصة لأن الفصل الأول عندما يشير إلى أن «تونس دولة... الجمهورية نظامها» لا يصف البلاد وشعبها بل يحدد نظام دولتها. لا يمكن بالتالي أن نعتبر أن الفصل الأول ينطبق على الشعب فحسب.
إني إذا ممن يعتبرون أن الفصل الأول من الدستور يشير إلى دين الدولة و إلى دين أغلبية الشعب التونسي. لكن ما معنى أن يكون الإسلام دين الدولة؟ وما هي الآثار التي تترتب عن ذلك في الدستور التونسي؟ ثم ما هي الآثار الدستورية التي تترتب عن أن الإسلام دين أغلبية الشعب التونسي؟

• معنى عبارة «الإسلام دين الدولة»
لا تعني عبارة «دين الدولة» أن الدولة لها دين كما أن للإنسان دين، فالدولة شخص معنوي لا دين له على هذا المعنى. هذه العبارة تعني في دساتير الدول الغربية التي اعتمدتها أن الدين الرسمي للدولة يحظى بعناية خاصة، وأن مؤسسات الدولة تميّزه عن الديانات الأخرى، ويحدد الدستور ذاته أشكال هذا التمييز الايجابي 4.
ويجب التمييز فيما يخص الدول العربية التي نص دستورها على أن الإسلام دين دولة بين ثلاثة أصناف:
- دول نص دستورها على أن الإسلام دين دولة وأن الشريعة أو الفقه مصدر أو مصدر أساسي للتشريع ولم تنصص على حرية المعتقد: مصر، اليمن، عمان، السودان (مصدر أساسي)، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، الكويت (مصدر)، سوريا (الفقه مصدر).
- دول نص دستورها على أن الإسلام دين دولة دون أن يذكر الشريعة أو الفقه ودون أن يذكر حرية المعتقد: موريتانيا (الإسلام دين الدولة والشعب)، المغرب (اكتفى الدستور بالتنصيص على «حرية ممارسة الشؤون الدينية»).
- دول نص دستورها على أن الإسلام دين دولة وعلى حرية المعتقد دون أن يذكر الشريعة أو الفقه: تونس (حريّة المعتقد والضّمير)، الجزائر (حريّة المعتقد).
تتمثل الخصوصية التونسية في علاقة بالتنصيص على أن الإسلام دين دولة بالنسبة لغيرها من الدول العربية في ما يلي:
1 - لم يكن عدم تنصيص دستور 27 جانفي 2014 على الشريعة أو الفقه كمصدر من مصادر التشريع نتيجة سهو أو محض صدفة بل نتيجة صيرورة وقرار.
عندما شرع المجلس الوطني التأسيسي في كتابة الدستور اقترح رئيس اللجنة الدستورية المكلفة بالتوطئة والمبادئ إدراج الشريعة كمصدر للتشريع ووقعت يوم 20 مارس مظاهرات ووصلنا إلى حد التصادم، وفي 25 مارس 2012 بالتحديد انعقد مجلس شورى حزب حركة النهضة واعتبر أنه لا داعي لإدراج الشريعة في الدستور وقبل بالإبقاء على الفصل الأول لدستور 1959. الذي ينص على أن «تونس دولة... دينها الإسلام».
2 - وقع تخصيص فصل آخر لتحديد هوية الدولة وهو الفصل الثاني من الدستور الذي ينص على أن الدولة التونسية «تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وعلوية القانون»، وهذا يعني أن تونس ليست دولة تقوم على الانتماء إلى الدين بل إلى وطن، ولا تخضع إلى الحاكمية الإلهية بل لإرادة الشعب، ولا ينبني نظامها القانوني على مبدأ علوية النص الديني على النص القانوني الوضعي.
3 - وقع التنصيص في الفصل السادس على حرية الضمير بالإضافة إلى حرية المعتقد للتأكيد على انه من حق التونسي أن لا يكون له دين.
4 - وقع التنصيص في الفصل 21 على أن «المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات»، وفي الإشارة إلى «المواطنات» تأكيد على أن مبدأ المساواة يشمل المساواة بين الإناث والذكور الذين يحملون الجنسية التونسية. ولا بد من التذكير في هذا الصدد أنه وقع، في 14 أوت 2012، اقتراح فصل ينص على أن «المرأة مكملة للرجل» ووقع التراجع عن هذا المقترح المخل بالمساواة في 22 أفريل 2013.

• الآثار التي تترتب عن أن الإسلام دين الدولة
لقد حدد الدستور التونسي آثار دين الدولة في مواقع ثلاث في الدستور: في التوطئة أولا حيث اعتبر المؤسس أن الدستور وقع وضعه استلهاما من «حركاتنا الإصلاحية المستنيرة المستندة إلى مقومات هويتنا العربية»، وفي الفصل 39 الذي ينص على الدولة «تعمل على تأصيل الناشئة في هويتها العربية الإسلامية»، وفي الفصل 74 عندما اشترط في المترشح إلى رئاسة الجمهورية أن يكون «دينه الإسلام».
من الواضح إذا أن تونس ليست دولة دينية كما أنها ليست دولة علمانية ولا أدّل على ذلك من الفصل 6 الذي ينص على أن الدولة ترعى الدين، فالدولة العلمانية ليس لها دين ولا ترعاه ولا تموله ولا تدرّسه بل تعتبر الدين شأنا خاصا لا يعني الدولة. هذه دولتنا المدنية، منزلة بين منزلتين، بين منزلتي الدولة الدينية والدولة العلمانية.
يبين الدستور التونسي مما لا يدعو مجالا لشك أنه لم يؤسس الدولة على الدين. لكن لقائل أن يقول إنّه أقرّ بأن الشعب مسلم وأن هذا الشعب المسلم «متمسك بتعاليم الاسلام ومقاصده المتسمة بالتفتح والاعتدال»، فما يترتب قانونا عن هذا «التمسك»؟

• الآثار الدستورية التي تترتب عن أن الإسلام دين أغلبية الشعب التونسي
لقد حددت توطئة الدستور ملامح الإسلام الذي يدين به ويتمسك الشعب التونسي، وعرّفه بأنه الإسلام التي تتسم مقاصده بالتفتح والاعتدال، ومن المهم أن نُذكّر بأن الصياغة الحالية (وتعبيرا عن تمسّك شعبنا بتعاليم الإسلام ومقاصده المتسمة بالتفتح والاعتدال) قد عوّضت صياغة أخرى سبقتها: «تأسيسا على ثوابت الإسلام...» (مشروع الدستور المؤرخ في 22 أفريل (2013. وقد رفض عدد من النواب وجلّ المختصين في القانون الدستوري هذه الصياغة الأولى واعتبروها نسفا لمبدأ علوية الدستور وغير مقبولة لأن الدستور هو أعلى القواعد القانونية مرتبة، فهو يُــؤسِّـس ولا يُــؤسَّـس «على ثوابت الإسلام». وأظن أن هذه الصياغة إيجابية إلى أقصى حدّ. تمسّك من؟ تمسّك شعبنا وليس تمسك دولتنا. وما هي المقاصد التي يتمسّك الشعب بها؟ تلك المتّسمة بالتفتح والاعتدال.
هذا الشعب المسلم الذي «تقوم على إرادته الدولة المدنية» (فصل 2) هو مصدر السلطات وصاحب السيادة التي يمارسها عبر سلطته التأسيسية (فصل 3)، وهو الذي يمارس السلطة التشريعية عبر ممثليه أو عن طريق الاستفتاء (فصل 50)، فهل بإمكانه أن يجعل من تصوره للإسلام، مهما كان، نصوصا قانونية؟ لا بد هنا من التمييز بين الشعب بصفته سلطة تأسيسية أصليّة والشعب بصفته سلطة تأسيسيّة فرعية والشعب بصفته أصل السلطة التشريعية.
- أما الأول فلقد مارس سيادته عبر ممثليه وأقرّ دستورا للبلاد في 27 جانفي 2014، وهو الذي اختار أن تكون الدولة مدنية، وهو الذي أقرّ مبادئ الدستور بما فيها حرية المعتقد الضمير، وهو الذي عرّف الإسلام التونسي بأنه ذلك الذي يتسم بالتفتح والاعتدال والذي لا يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان الكونية السامية، وهو الذي أقرّ مبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات وضمن لهم الحقوق والحريات الفردية والعامة.
- وبإمكان الشعب عن طريق ممثليه أو مباشرة بواسطة الاستفتاء أن يعدّل الدستور، لكنه ينتصب في هذه الصورة في شكل سلطة تأسيسية فرعية ولا يمكن له على هذا الأساس تعديل الفصل الأول والفصل الثاني من الدستور كما لا يمكن له أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في الدستور ( وذلك بمقتضى الفصل 49 من الدستور).
- أمّا الشعب بصفته أصل السلطة التشريعية فلا يعدو أن يكون سلطة مؤسَّسة عليها أن تحترم الدستور، و يتخذ النص الذي ينتج عن ارادته بواسطة ممثليه المنتخبين أو عن طريق الاستفتاء شكل قانون -عادي أو أساسي- وفي كلا الحالتين يمكن النظر في دستوريته أي في مدى مطابقته وملائمته للدستور، وهذا يعني أنّه يجب على الشعب المشرّع احترام حرية المعتقد والضمير (الفصل 6) واحترام مبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات ( الفصل 21) واحترام الفصل 20 من الدستور الذي ينص على علوية المعاهدات الموافق والمصادق عليها على القوانين.
ينتج عن كل ما سبق أن مبادرة المساواة في الميراث ليست مخالفة للدستور التونسي وللإسلام كما نصّ عليه الدستور التونسي بل إنّ الدستور في فصله 21 وفي توطئته يستوجب من المشرع التونسي تنقية التشريع التونسي من كلّ مظاهر اللامساواة والتمييز بين التونسيين والتونسيات بما في ذلك مجال المواريث خاصّة وان تونس سحبت تحفظها على الفصل 6 فقرة 1 حرف «ح» الذي يلزم الدول الأطراف في اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضدّ المرأة على اتخاذ جميع التدابير التي تضمن على أساس المساواة بين الرجل والمرأة نفس الحقوق في اقتناء الملكيّة، والميراث هو شكل من أشكال اقتناء الملكية.
------------------
1 - نص مداخلة دعيت إلى إلقائها في إطار ملتقى «مبادرة المساواة في الإرث. مقاربات فكرية وقانونية» نظّمه مركز الدراسات الإستراتيجية والدبلوماسية يوم22 سبتمبر 2018 مع الملاحظة أن عنوان هذه المداخلة اقترحه منظمو هذا اليوم الدراسي مشكورين.
2 - مرسوم عدد 103 لسنة 2011 بتاريخ 24 أكتوبر 2011 يتعلق بالترخيص في المصادقة على سحب بيان وتحفظات صادرة عن الحكومة التونسية وملحقة بالقانون عدد 68 لسنة 1985 المؤرخ في 12 جويلية 1985 المتعلق بالمصادقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
3 - https://treaties.un.org/doc/Publication/CN/2014/CN.220.2014-Frn.pdf
4 - لدول غربية عديدة «دين دولة»:
Angleterre, église anglicane ; Danemark, église du Danemark ; Finlande, église évangélique luthérienne ; Finlande, église évangélique luthérienne ; Islande, église d’Islande ; Suède, église évangélique luthérienne, jusqu’à l’an 2000 ; Norvège, église évangélique luthérienne, jusqu’à l’an 2012 ; Grèce, église orthodoxe ; Bulgarie, église orthodoxe ; Malte, église catholique.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115