كفانا من أن نكون ورثة حقد قديم متجدد!
فبعد أن برأته المحكمة العسكرية بمختلف أطوارها، يحال ملف وزير الداخلية السابق الأستاذ الدكتور أحمد فريعة إلى الدوائر المتخصصة، التي أُحدثت للنظر في القضايا المتعلقة بالعدالة الانتقالية.
إضافة الى وزير الداخلية الأسبق رفيق الحاج قاسم والمدير العام للأمن الوطني السابق عادل التيويري، ومدير عام الأمن العمومي السابق لطفي الزواوي، وجلال بودريقة مدير سابق بوحدات التدخل إضافة إلى عبد الباسط مبروك المتهم الرئيسي في القضية الذي شغل مهمة آمر الكتيبة 14 لوحدات التدخل.
وذلك في وقت دقيق لا يخدم استقرار البلاد.
وإذ نثمن دور القضاء الهام، الذي يعد المرجع والفيصل في كل الصراعات، والتأكيد على أهمية استقلاليته بعيدا عن التجاذبات السياسية والفكرية، فإننا نذكر أن الدور الأوّليَّ لهيئة الحقيقة والكرامة، الجهة التي أحالت الملف للقضاء، نراه وفق فلسفة ضمان المسار الانتقالي يتمثل في أمرين:
1 - جبر الحقوق للمتضررين لضحايا القمع والاستبداد كحق أساسي.
2 - ضمان التعايش السلمي واستقرار الدولة وبالتالي الإدارة والابتعاد عن منطق التشفي خاصة وأن الحكم السابق كان يخضع لعلوية الرئيس.
ولا يمكن استكمال البناء وإنجاح المسار الديمقراطي في كنف الحريات إلا عن طريق المصالحة الوطنية، سياسيا واجتماعياً وحقوقيا وماليا، على اعتبار أن المصالحة تمثل نقطة الأساس لبناء المستقبل والعمود الفقري للاستقرار واستمرار دولة تونس لتكون أبية منيعة.
وبالتالي فلا يصلح في هذه المرحلة الدقيقة الا طَي صفحة الماضي l'amnistie totale.
فلله درك يا لجنة الحقيقة والكرامة فلا ولا يمكن قطعا حل الاشكاليات القديمة عن طريق الإقصاء والسجن وتحجير السفر بل وبعد سبع سنوات من التغيير من التوجه نحو عقلية الجمع ونبذ عقلية الإقصاء، اللهم إلا إن كانت سياسة خفية ومقصودة ومطلوبة، عقلية بدأت سلسلتها بحل البرلمان وإسقاط دستور 59 وحل مصالح أمن الدولة وحل التجمع الدستوري ومازالت تتواصل بزج رجالات دولة في السجن.
إن حتمية النتائج ستعود وبالا بالضرورة تنتهي بترهل الدولة والدخول في عالم الفوضى.
إن البلاد في حاجة ماسة -أكثر مما سبق- إلى أبنائها بمختلف توجهاتهم فإننا في «تونس الجديدة»، تونس الوحدة التي لا نعرف الحقد والتشفي، تونس التي تعمل على وحدة صف أبنائها بعد شتات دام طويل.
لتحيا تونس منيعة أبية، فتونس لجميع أبنائها.
بقلم: منار محمد السكندراني