الدائم قاطع للأوتار، باتر للعروق. انّ الصراخ عنف. نعم، هو عنف مقيت. لم لا تهدأ ساميّة عبّو وتقول في اعتدال ما تريد أن تقول؟ هل هي طبيعة فيها مؤسّسة؟ هل كان لعبّو، طفلة، شدّة ونكد؟ هل هو حرمان ساكن ينفجر؟ لا أدري. في ما أرى، ساميّة عبّو ليست كالبشر وأظنّها تشكو من عقد أو من مرض أو من حقد دفين.
بصراخها الدائم، غدت عبّو علامة مسجّلة وأصبح لها في السوق أتباع ومحبّون. مثلها مثل الصافي سعيد وبعض من النوّاب ومن المحلّلين والمشاهدين... بعد الثورة، كثر الصراخ والضجيج. بعد الثورة، أصبح الصراخ صناعة، علامة مسجّلة. عند بعضهم، أصبح الصراخ مهنة، منها يكتسبون ويتمعّشون. هي سبيلهم الى الظهور.
أكره الصراخ والصخب والضجيج. أكره صياح عبّو ومن مشى خلفها في العويل. تعلم عبّو ومن شاكلها أن بالصراخ لن يحصل اقناع ولا فهم. تعلم عبّو أن قولها المتشنّج يفسد الادراك ويضيّع الفكر وينهي التواصل. لماذا هي اذا دائما تصرخ، دائما تصيح؟ ما كان الصراخ منهجا في التعبير. الصراخ عنف يفسد التعبير. فمتى تدرك عبّو ومن ماثلها أن القول الرصين أفضل وأنّ الحديث المتّزن أبقى وأنّ الجدل بالتي هي أحسن سرّ الوجود...
أكره مداخلات عبّو. لأنّي لا أتبيّن ما تقول وأرى أنفاسها تتقطّع وفكرها مشتّت، كلّها تهجّم، جبال من التهم، سبّ متّصل، كثير. لا تتدخّل عبّو لتقول، لتبيّن ما ترى، لتقنع بما لها من خبر ومن نظر. تتدخّل عبّو لتقطع الطريق، لتستفزّ، لتطيح. غايتها الصراع وشنّ الحروب . لا تفعل عبّو حوارا فتفيد وتستفيد. حواراتها وغي وهتك وعفس مضمور. هي دوما ملغّمة، عبّو، تحمل عبوة. تفجّرها نارا سعيرا وترى في ثغرها نشوة وفي عينيها زورا. في ما أرى، عبّو اليوم تصرخ ولا تقول. الكلام عند عبّو سيوف مسلولة وقنابل موقوتة. الحوار عندها عراك وفرصة للظهور... عبّو ماكرة ولكن ليست خبيثة. فقط، قتل عبّو حبّ الظهور.