إن ربط الكتلة النيابية «الحرة» بحركة مشروع تونس إجراء ديمقراطي أولا و وجيه من الناحية السياسية لأن أصل نشأة الكتلة هو أصل نشأة الحركة وهو الانفصال عن الحزب القديم عندما زاغ عن بعض المبادئ التأسيسية. أو ليست الكتلة هي التعبيرة البرلمانية عن هذا المشروع الموحد لعديد المناضلين والقواعد المنفصلة عن الحركة القديمة بالإضافة إلى مناصرين جدد من مواقع مختلفة.
فلماذا يعارض بن أحمد هذا التمشي بعد أن كان من المنادين المتحمسين له ؟
لقد فسر ذلك بالقطيعة بين هذا المشروع السياسي الحزبي الحضاري و بين شخص الأمين العام للحركة الذي اعتبره متسلطا يسطو على المشروع ويتفرد به في ممارساته ومواقفه ويساوم به لدعم زعامته في المشهد السياسي محليا ودوليا .
ونرى أن سبب حملة الانتقاد الشديد إلى حد التشهير لشخص الامين العام لا يعود إلى إلتحاق الكتلة بالحركة بقدر ما يعود إلى رفض منهج الحركة و أمينها العام في التعاطي مع الواقع الوطني سياسيا واجتماعيا وهو ما أكسبها إشعاعا قاعديا و إلتحاق رموز وشخصيات وطنية مؤثرة بها .
إن هذا الواقع الجديد هو ترجمة الأمين العام لاختيارات الحركة ومبادئها المصادق عليها في المؤتمر التأسيسي بعيدا عن كل دعاية فردية أو شخصنة.
إن بن أحمد يستكثر على الأخ محسن مرزوق الأمين العام ما حققه للحركة من تطور نوعي في الممارسة السياسية والحزبية القائمة على مرجعية ثابتة متأصلة في مجتمعنا مستلهمة الإرث الدستوري البورقيبي وموظفة له بشكل أنيق ولافت .وأعتقد أن هذا الامر لا يزعج الأخ بن احمد الغريب عن هذه المرجعية و إنما يقض مضاجع من يعادون هذه المرجعية الوطنية المتينة في مقوماتها والتي مثلت صمام الأمان لتونس بعد أن كادت تفقد هويتها إثر 14 جانفي 2011...
ولاسبيل، والحالة هذه ، لأصحاب النفوس المريضة والضمائر الواهنة أن تقيم المفارقة والتباين بين «المشروع» والخيارات الوطنية الإستراتيجية، ولا أدل على ذلك من الإنخراط الكلي للحركة في دعم «حكومة الوحدة الوطنية» من ناحية وبالأخص، بين شخصي الأمين العام و فخامة رئيس الدولة الباجي قايد السبسي لأن ما جمع بينهما وما يجمع، من حرص على الإنقاذ والإصلاح، أرفع واسمى من أن تنال منه أراجيف المناوئين وأضغاث احلامهم...