من غزّة إلى تونس... استيقاظ الضمائر: فارس خالد شاهد وشهيد على عدالة مفقودة

بقلم: هالة بن يوسف

فارس خالد… ألف رحمة عليك.

في 7 أفريل 2025، لم تكن تونس كسابق عهدها. خرج الآلاف من الشباب،

من التلاميذ والطلبة، من الكادحين والمهمّشين، من الفنانين والحالمين، من كل الأعمار والجهات والانتماءات. اجتمعوا لا فقط احتجاجاً، بل إيماناً بأن الصمت جريمة، وأن العدالة لا تُمنح، بل تُنتزع.

في ذلك اليوم، لم نكن نعلم أن فارس سيكون شهيداً لهذا الوعي. كما قالها والده: “ذهب ليلتحق بإخوانه في غزة”. كلمات تختزل قدراً، وتُجسّد شجاعة نادرة. كأن اسمه كُتب في سجل الشهداء يوم ولادته، لا يوم وفاته.

نعم، لقد تكلم الشارع، وتكلمت معه الضمائر الحية التي رفضت الصمت. تكلمت العيون التي بكت، والقلوب التي انفجرت ألماً، تكلمت الأرواح التي لم تعد تحتمل هذا الظلم المسكوت عنه، وهذا القهر الممنهج باسم المصالح والخرائط والمعاهدات.

في يوم 7 أفريل، لم يكن فارس وحده من ارتقى، بل ارتقت معه آمالنا بأن يكون لصوت الشعوب وزن، ولدموع الأمهات معنى، ولغضب الشباب أثر. لقد ارتقى شهيداً لا فقط لأجل غزة، بل لأجل تونس، لأجل الإنسانية، لأجل الكرامة التي تُدفن كل يوم تحت أنقاض الصمت والتواطؤ.

إن شهادة فارس، ودمه الذي امتزج بأصوات المحتجين والرافضين، هو اليوم جزء من هذا النسيج العالمي من النضال. من جنوب إفريقيا التي وقفت بشجاعة لتدين الإبادة، إلى الجامعات الغربية التي استعادت ذاكرة النضال، إلى الشوارع العربية التي استعادت زخمها رغم الخوف والتخويف.

لقد كشفت هذه التعبئة عن أزمة عميقة في النظام العالمي:

حين يصبح القانون الدولي أداة بيد الأقوياء، حين يُخرس صوت العدالة بحجة “المصالح العليا”، حين يُستبدل الحق بالدبلوماسية الباردة.

لكن من رحم هذه الأزمة يولد الأمل.

جيل فارس لا يطلب صدقات سياسية، بل يعيد رسم ملامح الكفاح. من تونس إلى غزّة، ومن الخرطوم إلى كيب تاون، ومن بيروت إلى نيويورك، تخرج صرخات متشابهة: نريد عدالة لا تخضع للابتزاز، نريد حرية لا تُقايض، نريد سلاماً لا يقوم على القهر.

اليوم، وبعد أن نطق الشارع، علينا أن نُصغي.

علينا أن نوحّد أصواتنا، نُجدد أدواتنا، ونُعيد الثقة في أن التغيير لا يأتي من فوق، بل من الناس.

لا سلام بلا عدالة، ولا عدالة بلا مقاومة، ولا مقاومة بلا أمل.

رحمك الله يا فارس،

لقد صرت نجمة في سماء الكرامة، ودليلاً حياً على أن الشعلة لم تنطفئ، وأن التاريخ ما زال يُكتب على يد الأحرار

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115