أليس هذا اغتصابا للطفولة بأتم معنى الكلمة ؟، صورة ليست الأولى من نوعها بل شاهدنا غيرها الكثير فضلا عن حالات استغلال الطفولة بطرق أخرى والسكوت عنها لسبب أو لآخر وهو ما يجعلنا نطرح السؤال ماذا يقول القانون في هذه الحالات وهل العقوبات كافية للردع أم آن الأوان لوضع نص قانوني خاص بهؤلاء «المجرمين» الذين يفتخرون بشيء في الحقيقة يندى له الجبين؟
الصورة التي سبق ذكرها أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا لتظهر أخرى مماثلة أثارت حفيظة المبحرين عبر الشبكة الذين ولئن اختلفت طريقة تعبيرهم الا أنهم اجمعوا على أن الفعلة فظيعة
قصص واقعية مفزعة
بشكل بشاعة الصور التي نشرت مؤخرا وأكثر هناك قصص أخرى واقعية تقشعر لها الأبدان حين تروى ويتعطل الفكر لبشاعتها لعل أحدها تلك التي يستغل فيها والد ابنته البالغة من العمر 8 سنوات لتكون راقصة في سهراته الخمرية التي يعقدها في منزله على مرأى ومسمع من بقية أطفاله وزوجته ويتعاطى أيضا المواد المخدرة، وتستمر بشاعة المشهد إذ يعمد «الأب» إلى تصوير ابنته وهي ترقص في شريط فيديو وينشره على صفحته الخاصة. صور ومشاهد بمجرد رؤيتها وخاصة معرفة أن مرتكب ذلك الجرم في حق الطفولة هو الأب نفسه يصدر العقل والقلب معا حكما مشتركا بتسليط اشد العقوبات ولكن بالرجوع إلى النصوص القانونية الواقعية هل تشمل مثل هذه الحالات وماهي العقوبات التي يمكن أن يتعرض لها الجاني؟
البداية بمجلة حماية الطفل حيث يندرج ما يقوم به الأب أو أي فرد من العائلة في حق الطفل من قبيل تعريض هذا الأخير إلى الإهمال والتشرد اذ يقصد بالإهمال تعريض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية للخطر سواء بتخلّي الأبوين عنه بدون موجب، بمكان أو مؤسسة عمومية أو خاصة أو بهجر محلّ الأسرة لمدة طويلة ودون توفير المرافق اللازمة له أو رفض قبول الطفل من كلا الأبوين عند صدور قرار في الحضانة أو الامتناع عن مداواته والسهر على علاجه.
ماذا عن مهمة مندوب الطفولة ؟
هذه الحالات وغيرها تستوجب تدخل مندوب الطفولة الذي يوكل له الفصل 30 من مجلة حماية الطفل مهمة التدخّل الوقائي في جميع الحالات التي يتبيّن فيها أن صحّة الطفل أو سلامته البدنية أو المعنوية مهدّدة أو معرّضة للخطر في هذا الإطار علق المندوب الجهوي للطفولة بتونس على الصورة التي تم تداولها والتي اثارت جدلا واسعا وذلك في احدى الإذاعات الخاصة فقال «إن الإدارة الفرعية للوقاية الاجتماعية بإدارة الشرطة العدلية هي التي تتعهد بالحالات المماثلة وتقوم عن طريق إنابات قضائية بالتحري في المواقع والوقوف من خلاله على الشخص المعني بالأمر مؤكدا أن استغلال وانتهاك حرمة الطفل وشخصه وتعريض سلامته البدنية والجسدية والذهنية للخطر تعرض الأولياء لتتبعات جزائية وأحكام تصدر في هذا الشأن والتّعهد بالطفل. وكشف أن أكثر من 60 بالمائة من التهديدات المتربصة بالأطفال متأتية من العائلة ومن الأولياء بصفة خاصة وهو ما يجعل وضعيات الأطفال في خطر، ملاحظا في هذا الإطار وجود قلة وعي وغياب المسؤولية المتسببين في التشهير بالأطفال.هذا واقر بأن مندوب حماية الطفولة هو المدافع عن حقوق الطفل في كل الجهات لكن شخصيا أجد صعوبات في تنفيذ وتفعيل آليات لحماية الطفل في حالات مماثلة. على حد تعبيره.
عقوبات جزائية ولكن
ينص الفصل 224 من المجلة الجزائية التي أضيفت له الفقرات 3 و4 من القانون عدد 93 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 على أنه «يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينارا كل من اعتاد سوء معاملة طفل أو غيره من القاصرين الموضوعين تحت ولايته أو رقابته دون أن يمنع ذلك عند الاقتضاء من العقوبات الأكثر شدة المقرّرة للاعتداء بالعنف والضرب.ويعدّ من سوء المعاملة اعتياد منع الطعام أو العلاج. ويضاعف العقاب إذا نتج عن اعتياد سوء المعاملة سقوط بدني تجاوزت نسبته العشرين في المائة أو إذا حصل الفعل باستعمال سلاح. ويكون العقاب بالسجن بقية العمر إذا نتج عن اعتياد سوء المعاملة موت. لكن هنا يبقى التكييف القانوني للجريمة إما جناية أو جنحة حسب حيثيات الملف ووقائعه وهو النص الوحيد الذي يمكن تطبيقه فيما يتعلق بالصور. أفعال بشعة في حق الطفولة والأبشع من ذلك أن الفاعل هو الأب.نصوص قانونية لا تنص بصريح العبارة عن مثل هذه الممارسات الأمر الذي يجعلنا نتساءل هل آن الأوان لسن قانون خاص يردع هؤلاء «المجرمين في حق فلذات أكبادهم»؟ كما تم تشديد العقوبة عندما تزايدت ظاهرة الاغتصاب وسن قانون خاص بالتحرش في الأماكن العمومية.