القاضي و الآخرون

ربما هو أكثر القضاة حاليا شعورا بثقل الضغط المسلط على من هم بحكم طبيعة عملهم يجدون أنفسهم في واجهة الأحداث و في مفترق طرق الانتقادات والمؤاخذات وصولا إلي توجيه الاتهامات المباشرة إليه. انطلاقا من هذه المعطيات الملموسة يمكن اعتبار قاضي التحقيق 13

أو إن شئنا قاضي التحقيق الأول بالمكتب 13 بالقطب القضائي في موقع لا يختلف اثنان على توصيفه بالصعب و بالحرج في الآن نفسه. كيف لا والرجل منذ توليه لوظيفته أصبح محط أنظار العديد من الأطراف و الجهات، ليس لمتابعة و التعليق على ما يقوم به فقط وإنما أيضا و أساسا ليجابه وابلا من الانتقادات بخصوص مواقفه والقرارات التي يتخذها. موقف دون ادنى شك «مخنق» ومتعدد الانعكاسات. مع أن هذا الأمر ليس بالغريب في حد ذاته لأنه يندرج في طبيعة الأمور بالنظر إلى المهام التحقيقية المناطة بعهدته و تأثير ذلك على المواقع القانونية للإطراف الذين هم مشمولون بمناط تحرياته و استقصاءاته إلا انه لابد من التسليم ان ذلك في بعض مظاهره قد «فات حده» و «انقلب إلى ضده» بالنسبة للعديد ممن هم مهتمين بالموضوع. تلخيصا لذلك يمكن القول أن قاضي التحقيق 13 تحديدا من زاوية شخصه يجد نفسه بين اتجاهين متناقضين، اتجاه أول ينقده مباشرة إلي درجة التجريح في صفته فضلا عن ما يقال بخصوص مردوده و نجاحه من عدمه في المهمة الموكولة إليه واتجاه أخر يسانده و يعتبر أن كل ما يثار بخصوصه إنما هو سعي لتسييس القضية و أبعادها عن سياقها القانوني والإجرائي.

لاشك أن كل ذلك و الأحداث المتتالية المتعلقة بالملفات التي يباشرها القاضي المذكور تتأثر بشكل جذري في مسارها و التطورات التي تشهدها . لا شك خصوصا أن انعكاس ذلك على الرجل شديد بما يخلفه لديه من شعور بالضغط المتصاعد الوطأة و الثقل. لا شك أخيرا أن كل ذلك يؤثر على المواقع و منهجية تناول الأبحاث و التحقيقات. وابل من التهم توجه اليوم إليه مختلفة المضامين و متعددة العلامات لعل آخرها و ذلك على سبيل الذكر لا الحصر ما تمت الإشارة إليه- دون إثبات على ذلك إلي حد الآن- من طرف البعض فيما يتعلق بانتماءات حزبية و ولاءاته لجهات سياسية و ما اثير بمناسبة قضية النقابي الأمني عصام الدردوري و موقف لجنة الدفاع عنه في هذا الخصوص. يمكن أن نشير أيضا إلى موجة التساؤلات التي دفعت بالبعض إلى التصريح بعدم فهمها لأسباب التمسك بهذا القاضي مما يؤدي إلى الاعتبار وفق هذا التمشي و هذه «الشبهات» أن هنالك «لوبيات «داخل القضاء والمحاماة» تسعي إلى ذلك.

هذه الموجات من الانتقادات تقاطعت مع بعض الأصوات التي رأت في ذلك تدخلا في التحقيقات ومحاولة «تعوييم» الأبحاث في مسائل بعيدة كل البعد عن الواقع و ما يجب أن تكون عليه الأمور كما أن الدعوة إلي تغيير القاضي في غير محلها و لا تستساغ إلا في إطار الإجراءات القانونية المعمول بها أي عن طريق مؤسسة التجريح.

من جهتها رأت جمعية القضاة في هذا الخصوص أن هذه الموجة من الانتقادات إنما تمثل في الواقع حملة استهداف القضاء وإضعافه ومحاولة النيل من قاضي التحقيق الأول بالمكتب الثالث عشر مثمنة ما قام به هذا الأخير تحديدا فيما يتعلق بسحبه الإنابة من وحدة مكافحة الإرهاب بالقرجاني لوجود شبهة التعذيب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115