وقد تطورت الحيثيات سريعا حيث تقدم قاضيان كانا قد حضرا الجلسة بشكاية ضدّ لسان الدفاع عن كاتب التحقيق من اجل هضم جانب موظف، حادثة جديدة أعادت ملف الاعتداءات بين القضاة والمحامين على الطاولة والذي لم يفتح بعد بصفة جدّية لإيجاد حلول جذرية خاصة وأن القضاء والمحاماة شريكان في مرفق العدالة وحسن سيره، كما عبرت نقابة القضاة من جهتها عبرت عن استنكارها للاعتداءات التي طالت قضاة من قبل عدد من المحامين وطالبت بفتح تحقيق.
قرر قلم التحقيق المتعهد بملف كاتب المحكمة الذي كان يعمل بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بعد قيامه باستنطاق المشتكى به كمتهم إبقاءه بحالة سراح كما عرضه على القيس، إجراء اعتبرت النقابة الوطنية لأعوان وإطارات العدلية انه يهدف إلى التنكيل بالكاتب.
ما حدث في مكتب التحقيق حسب رواية المحامين
حضر جلسة الاستنطاق عدد من المحامين بصفتهم يمثلون لسان الدفاع عن كاتب المحكمة المحال على قلم التحقيق الأول بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب ومن بينهم المحامية آسيا الحاج سالم التي نشرت تدوينة صرّحت فيها أن هناك شكاية تقدمت بها قاضية كانت حاضرة في مكتب التحقيق لدى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف ضدّ المحامين الذين حضروا للدفاع عن المشتكى به وقالت حول حيثيات ما وقع في المكتب أثناء عملية الاستنطاق -وذلك طبعا حسب روايتها- «ما يحصل اليوم في عدد هام من ملفات القضاة المعفيين فضيحة دولة، أمر تجاوز حدود الخيال في كيفية فبركة الملفات وإحالتها على قضاة التحقيق. وقد وصل الأمر بأحد مساعدي وكيل الجمهورية الى مغالطة التفقدية العامة بوزارة العدل بخصوص احد الكتبة وتقديم شهادة زور ضده بكونه هو الكاتب الأصلي لأحد مكاتب التحقيق وهو أمر غير صحيح وذلك ثابت بمقتضى وثيقة رسمية والنيابة على علم بها ومع ذلك قدمت شهادة زور في حق كاتب التحقيق. ثم تعمد مساعد وكيل الجمهورية أثناء حضور عملية الاستنطاق الاستجابة لطلبات وزيرة العدل في مذكرتها عدد 33/18 التي فرضت عليهم الحضور في الجلسات استعمل هاتفه الجوال ليقوم في مرحلة أولى بالتسجيل ثم في مناسبتين رفع هاتفه ليقوم بتصوير الزملاء الحاضرين في جلسة الاستنطاق بطريقة استفزازية ويسجل ما يدور ويتدخل دون إذن من قاضي التحقيق بمقاطعته الأمر الذي رفضه لسان الدفاع واعتبره خرقا صارخا للإجراءات وطلبوا من قاضي التحقيق تدوين هذا واعترضنا على ما وقع وتمسكوا بالحق في احترام الدفاع والدفاع عن القناعات أن المحاكمة سرية …هذا (القاضي) عند الطلب من قاضي التحقيق تسجيل الملحوظات حرك رأسه يمنة ويسرى بطريقة فيها تهديد قائلا بالحرف «سجلي عليهم كل كلمة «و قد طلب قاضي التحقيق أن يرفع الجلسة لمدة قصيرة وخلال هذا اقتحمت المساعدة مكتب التحقيق وانفردت بقاضي التحقيق وزميلها في خرق صارخ لاحترام الدفاع وهاهم يهرولون إلى الوكيل العام وفي ظرف ساعتين لفتح تحقيق في لسان الدفاع من اجل هضم جانب موظف عمومي من النظام العدلي واقعا بالجلسة وتعطيل حرية العمل طبقا للفصلين 126 و136 من المجلة الجزائية». من جهة أخرى فقد اتصلنا بالناطقة الرسمية باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب لسماع روايته كطرف في الواقعة ولكن لم يتسن ذلك.
نقابة القضاة تطالب بالتتبع التأديبي والجزائي
تحدثت نقابة القضاة التونسيين في بيانها الصادر مؤخرا على أن هناك جملة من الاعتداءات في عدد من المحاكم على قضاة من قبل بعض المحامين ووصفت ذلك بالخطير جدّا معبرة عن استنكارها لمثل تلك الاعتداءات التي طالت قضاة بمناسبة أدائهم لمهامهم القضائية والتي لا يمكن قبولها أو تبريرها تحت أي مسمى خاصة وأنها صادرة عن رجال لقانون يفقهون جيّدا مدى جسامة تلك الأفعال التي تشكل لا محالة جرائم تلبسية واعتداء على حرمة المحاكم وعلى هيبة السلطة القضائية، هذا وقد أكدت النقابة أن الفصل في الملفات يكون طبقا للقانون لا للرغبات والمصالح، كما اعتبرت أن هذه الاعتداءات محاولة للضغط على القضاة قصد السعي لإرباكهم والتأثير على قراراتهم وأحكامهم واصفة ما حصل بأنه تمرد على أجهزة الدولة وسلطاتها ومساس بأمن البلاد عامة.
من جانب آخر حملت النقابة الهيئات المشرفة على المحاماة مسؤولية ما اعتبرته انفلاتات خطيرة حاصلة من بعض منظوريها تجاه القضاة محذرة من تداعياتها، كما طالبتهم بمباشرة التتبعات التأديبية اللازمة ضدّ كل محام ثبت قيامه بأفعال موجبة للتتبع الجزائي أو العقاب، ودعت إلى فتح تحقيقات جدية وعاجلة في جميع التجاوزات ضد كل الجهات التي يثبت تورطها في ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وفق نص البيان الذي دعت من خلاله النقابة الجهات المسؤولة في الدولة إلى التعاطي الجدي والسريع مع مسألة تأمين المحاكم وتوفير الحماية للقضاة المنتصبين للبت في قضايا الحق العام عموما وقضايا الإرهاب خصوصا.
ماذا عن سبب إحالة القاضي المعفى وكاتبه؟
دوّنت وفاء الشادلي على صفحتها أنه قد تمت إحالة قاضي التحقيق المعفى وكاتبه اللذين كانا يعملان بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بسبب العثور على خراطيش في المكتب لا تعود إلى أي ملف من ملفاته، تدوينة أثارت جدلا كبيرا وغضبا في صفوف كتبة المحاكم حيث نفت النقابة الوطنية لأعوان وإطارات العدلية ذلك نفيا قاطعا مطالبة صاحبة الخبر بالاعتذار رسميا وفي صورة عدم حصول ذلك فإنها ستتقدم بشكاية ضدّها، المحامية آسيا الحاج سالم بدورها نفت هذا المعطى باعتبارها لسان الدفاع عن كاتب المحكمة ومطلعة على كل تفاصيله مبينة أن التفقدية العامة قد قامت بعملية الجرد ودونت كل ما وجدته في المكتب. من جانب آخر تثير هذه المسالة ملفا هاما وهو سرّية التحقيق ومدى الالتزام بها.