في ما يتعلق بحادثة المحكمة الابتدائية بالمنستير وملف آخر لم يتم الكشف عنه بعد، في هذا السياق عبرت اللجنة المدنية للدفاع على استقلال القضاء عن مساندتها له وأرجعت الإجراءات التي طالته إلى دوره في تحركات القضاة الرافضة للقرارات المتعلقة بإعفاء 57 قاضيا وقاضية والتي وصفتها بالجائرة.
تزامن فتح هذا الملف مع التحركات الاحتجاجية التي انطلق في خوضها القضاة منذ جوان المنقضي منها تعليق العمل بالمحاكم لمدة شهر كامل وقد عادت المحاكم لسالف نشاطها الأسبوع الفارط في المقابل يواصل ثلاثة من القضاة المشمولين بالإعفاء خوض إضراب جوع رفضا للمرسوم عدد 35 و لقرار إعفائهم ومنعهم من حق الدفاع وفق تعبيرهم.علما وان المحكمة الإدارية تلقت 54 طعنا في إيقاف التنفيذ وإلغاء الأمر عدد 516.
وقد اعتبرت اللجنة المدنية للدفاع على استقلال القضاء أن إعفاء القضاة كان خارج كل إطار تأديبي ودون كفالة حق الدفاع والمواجهة وعبرت عن رفضها للمرسوم عدد 35 وأن رئيس الجمهورية منح لنفسه بمقتضى المرسوم عدد 35 صلاحية الإعفاء المباشر للقضاة في مساس خطير باستقلال القضاء وضمانات استقلال القضاة وأمنهم في قرارتهم وأحكامهم.
أما في ما يتعلق بملف أنس الحمادي رئيس جمعية القضاة التونسيين واستدعاؤه من قبل التفقدية العامة بوزارة العدل فقد رأت اللجنة في بيانها أن الإجراءات المتخذة ضدّه على صلة بمباشرته لنشاطه النقابي وهذه الممارسات تشكل استهدافا خطيرا لحق القضاة في الاجتماع والتعبير لحماية استقلالهم وهو الحق المكفول بالدستور وبالمعاهدات الدولية المصادق عليها من الدولة التونسية وفق ذات البيان.
من جهة أخرى عبّر أعضاء اللجنة عن عميق انشغالهم مما أسموه انحراف التفقدية العامة بوزارة العدل بالإجراءات وذلك من خلال رفضها تمكين رئيس الجمعية ومحاميه في ثلاث مناسبات من نسخة من الملف بكل وثائقه للإطلاع عليه وإعداد وسائل الدفاع في الأجل المعقول في مخالفة للقانون ولما استقر عليه فقه القضاء الإداري من أن احترام حقوق الدفاع في المادة التأديبية يرتقي إلى مرتبة المبادئ العامة للقانون التي يتعين على الإدارة احترامها، وبينت اللجنة في ذات السياق أن السعي للإسراع في إتمام البحث الإداري ضد أنس الحمادي في سياقات مست بحقوق الدفاع يؤشر على استهداف سياسي غايته إخماد صوت ثابت في الدفاع عن استقلالية القضاء وعلى نية واضحة لإصدار قرارات خطيرة في شأنه خاصة في هذا الظرف الذي تتواصل فيه تحركات القضاة من خلال إضراب الجوع الذي يشنه البعض ممن تم إعفائهم ومحاولة لترهيب بقية القضاة المتمسكين باستقلالية السلطة التي ينتمون إليها وإشاعة الخوف لديهم ومزيد تسليط الضغوط عليهم وفق تعبيرها.
كما نبهت اللجنة من صدور أي قرار ضد رئيس جمعية القضاة التونسيين لأن ذلك سيؤدي إلى أزمة شاملة غير معلومة العواقب خصوصا وأنه يرد في ظل احتقان قضائي ومجتمعي تولد على مساعي السلطة السياسية لفرض هيمنتها على السلطة القضائية.