والتي تتزامن مع سنة قضائية جديدة سيستأنف خلالها استكمال البتّ في ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مسألة توقفت عنها مبادرة «لا رجوع» التي طالبت مجلس القضاء العدلي بسدّ تلك الشغورات في اقرب الآجال.
يذكر أن الحركة القضائية قد خلّفت جملة من الانتقادات حيث اعتبرتها جمعية القضاة التونسيين حركة ولاءات وعلاقات فيما أوضحت نقابة القضاة التونسيين أن الحركة تتضمن جملة من الاخلالات التي يجب تداركها.
أوضحت مبادرة «لا رجوع» في بيان لها أنها تمكّنت من الحصول على عدد أعضاء الدوائر الجنائية المختصة في العدالة الانتقالية المعنيين بالدورة الأخيرة من الحركة القضائية، والبالغ عددهم 28 من بينهم رئيسا دائرة تمت نقلتهما إلى دوائر أخرى وقد شهدت أربع دوائر ذات التركيبة الخماسية هذه السّنة نقلة ثلاثة أعضاء من أصل خمسة، بالإضافة إلى نقلة عضوين في 5 دوائر، كما تمت نقلة أربعة أعضاء بدائرة القيروان، وهو ما سيعرقل إمكانية توفّر النصاب في هذه الدوائر مما سيؤدي إلى تأجيل الجلسات على حالتها بصفة آليّة نظرا لعدم في انتظار تكوين القضاة الجدد في مجال العدالة الانتقالية ومكافحة الفساد وهو الشرط الأساسي لمباشرة هذه الدوائر لمهامّها، مما يساهم في إطالة المسار القضائي المتعثر منذ 3 سنوات دون أحكام وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة التي ضمنها الحق في التقاضي في آجال معقولة مما يساهم في تكريس الإفلات من العقاب وفق نصّ البيان.
من جهة أخرى فإن الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية والتي يبلغ عددها الجملي 13 دائرة موزعة على مختلف محاكم الجمهورية تنظر في 205 قضية في مسار قضائي انطلق منذ 2018 دون أحكام إلى حدّ الآن رغم خطورة الانتهاكات التي تتعلق بالقتل العمد والتعذيب والاختفاء القسري والاعتداء الجنسي وقضايا فساد مالي وغيرها. هذا وبيّنت المبادرة أن هذا المسار يتعثّر إثر كل حركة قضائية نظرا لغياب شرط التكوين علاوة على التعقيدات العديدة والتفاصيل اللامتناهية المتعلقة بكل ملف على حده، مما يتطلّب استقرار قضاتها للإلمام بكل حيثياتها.
وأمام هذه الوضعية دعت مبادرة «لا رجوع» مجلس القضاء العدلي إلى التسريع بتعيين القضاة الجدد وتكوينهم، كما دعت إلى العمل على ضمان استقرار قضاة الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية وتمكينهم من نفس الامتيازات التي يتمتع بها زملاؤهم في الأقطاب القضائية الأخرى وضمان تدريبهم وتكوينهم المستمر ومساعدة رؤساء المحاكم على وضع سياسات لإدارة المحاكم تأخذ بعين الاعتبار أولوية التعهد والبت في قضايا العدالة الانتقالية وفقا للقانون عدد 17 المؤرخ 12 جوان 2014.
من جانب آخر تطرق إلى تواصل غياب مرتكبي الانتهاكات عن جلسات المحاكمة وطالب في ذات السياق وزارة الداخلية بتنفيذ بطاقات الجلب الصادرة عن الدوائر الجنائية المتخصصة والتي بلغ عددها 237 بطاقة غير منفّذة وفقا لمقتضيات الفصل 142 من مجلة الإجراءات الجزائية.