جريمة التحرش لم تكن مدرجة ضمن التشريع التونسي قبل 2004 ولكن أمام تفاقمها تم التنصيص عليها وتحديد عقوبة سجنية ومادية لمرتكبها كما حدد المشرع الأركان المادية والمعنوية لجريمة التحرش.كما أن التتبع لا يمكن أن يثار من قبل النيابة العمومية إلا بشكاية من قبل المتضرر .
ماهو التحرش؟
أمام تفاقم الظاهرة رأت الدولة ضرورة تعريف التحرش وذلك بسن قانون 73 المؤرخ في 02 ـ 08 ـ 2004 حيث تم تعريف هذه الجريمة بأنها مظهر من مظاهر النيل من كرامة الفرد وشخصه، إذ قد يلاحظ ظاهريا وفي غالب الأحيان وجود الرضا والوئام بين الأشخاص المتعايشين مع بعضهم إلا أنه في الحقيقة تخفي هذه العلاقات مشاكل عدة تتمثل في انسياق بعض الأفراد مكرهين إلى رغبات الآخر الجنسية سواء بسبب سلطة أحدهم المادية أو المعنوية أو بسبب الضعف الجسدي أو الإدراك العقلي للبعض الآخر ،هذا وقد نص الفصل 226 من القانون المذكور بأن يعاقب المتحرش «بالسجن مدة عام وبخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار. ويعد تحرشا جنسيا كل إمعان في مضايقة الغير بتكرار أقوال أو أفعال أو إشارات من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الرغبات ويضاعف العقاب إذا ارتكبت الجريمة ضد طفل أو غيره من الأشخاص المستهدفين بصفة خاصة بسبب قصور ذهني أو بدني يعوق تصديهم للجاني».
كل جريمة لا بد لها من أركان حتى تكون ثابتة فجريمة التحرش وحسب المشرع المذكور تتمثل في الإمعان في مضايقة الغير بتكرار أقوال أو أفعال أو إشارات هو شرط من شروط هذه الجريمة فلا يكفي أن يكون الفعل عرضيا أو عفويا بل يجب أن يكون الفعل متكررا ولغاية الوصول إلى هدف معين أي أن تتأكد نيته في تحقيق رغباته الجنسية، فالمضايقة ليست لغاية المضايقة بل تتكرر لتحقيق هذه الأهداف الدنيئة.كما أنه لتوفر الركن المادي لهذه الجريمة لابد أن تمس هذه الأفعال كرامة الشخص وتخدش حياءه فلا تقوم الجريمة بمجرد التعبير عن عاطفة الحب أو عن نية الزواج أو عن بداية علاقة شريفة، بل يجب أن تكون دعوة واضحة إلى ممارسة الجنس.أما ما يسمى بالركن القصدي للجريمة أو ما يسمى بالقصد الجنائي الخاص بمعنى دفع الفاعل الضحية للاستجابة لرغباته الجنسية، فإن لم يكن هذا القصد متوفرا انعدمت الجريمة.
ماذا عن الدفاع عن النفس في القانون؟
قضايا التحرش الجنسي عددها مهول ولكن ما يتم الإبلاغ عنه للقضاء ضئيل جدا وهذا الصمت من شانه أن يزيد من تفاقم الظاهرة ،وضعية الفتاة التي طعنت شابا تحرش بها أدى إلى وفاته تطرح جملة من التساؤلات القانونية حول العقاب الذي يمكن أن تتعرض إليه خاصة وأنها ردة فعل أمام شخص يشكل خطرا عليها في هذا السياق تحدثنا مع عماد بن حليمة المحامي حيث قال «بخصوص ردة فعل الضحية هناك توجه كامل للفقه القضائي يسمى بالدفاع الشرعي عن الشرف ولكن لا بد أن تتوفر فيه شروط معينة وهو أن يكون الخطر ملما بالضحية وأن يتوفر مبدأ ملاءمة الفعل أو رد الفعل أي أن الضحية لم يجد وسيلة للتصدي للتحرش غير الاعتداء عليه كما يمكن أيضا تطبيق الفصل 39 من المجلة الجزائية المتعلق بالدفاع الشرعي الذي يشمل أيضا حالات التحرش كما الاعتداء على الأملاك وهو ما يسمى حماية الشرف» هذا وأضاف محدثنا بأنه في القديم لم يكن هناك ما يسمى بالتحرش الجنسي بل جنحة تسمى استلفات النظر بغاية ارتكاب الفسق ولكن ما أعيبه على القانون عدد 73 أنه لم يعتمد ظرف التشديد في ما يتعلق بالتحرش في أماكن العمل أي من قبل المشغل أو المدرس خاصة وأن 90 % من المتشكين لديهم علاقة شغلية بالمشتكى بهم.