الحركية ستعود إلى قبّة البرلمان وسيعود معها الحديث عن ملفات عاجلة وذات أولوية سواء منها تلك الموجودة صلب اللجان أو الموجودة على طاولة مكتب مجلس نواب الشعب او في جدول أعمال الجلسات العامة على غرار ملف المحكمة الدستورية القديم المتجدّد منذ أكثر من ثلاث سنوات والذي لا زال يراوح مكانه بين أروقة البرلمان رغم أن مشوار تركيز هذه الهيئة القضائية الدستورية لا زال طويلا.
تركيز المحكمة الدستورية على ارض الواقع مهمّة موزعة حسب القانون الأساسي عدد 50 المنظم لهذه الهيئة الذي نصّ عليه الدستور على ثلاث مراحل بمشاركة ثلاثة أطراف وهي مجلس نواب الشعب ثم رئاسة الجمهورية ثم المجلس الأعلى للقضاء وعلى كلّ جهة انتخاب أربعة أعضاء علما وأن العدد الجملي لتركيبة المحكمة الدستورية 12 عضوا.
قبل الدخول في العطلة البرلمانية كان من المنتظر ان تعقد جلسة عامة لانتخاب ثلاثة أعضاء من بين قائمة المرشحين لعضوية المحكمة الدستورية على اعتبار أن مجلس نواب الشعب بتركيبته السابقة قد نجح في مارس 2018 في انتخاب عضو وحيد وهي روضة الورسيغني ورافقه الفشل في بقية المشوار ومسار انتخاب باقي الأعضاء ولكن اعتصام الحزب الدستوري الحرّ والفوضى التي عمت في قبة باردو حالت دون عقد تلك الجلسة.
وتجدر الإشارة إلى انه تم فتح باب الترشيحات منذ مارس المنقضي وقامت اللجنة الانتخابية بأشغالها في الفترة التي تلت الحجر الصحي الشامل حيث ضبطت القائمة النهائية للمرشحين المقبولين لعضوية المحكمة الدستورية وقدّمت نتائج أشغالها مرفوقة بتقرير مفصل إلى مكتب مجلس نواب الشعب وستكون العودة إلى العمل ستكون في أوائل الشهر المقبل فهل ملف المحكمة الدستورية من بين أولويات البرلمان وهل ستتم برمجته في جدول أعماله الأول بعد العطلة السنوية؟ الإجابة المفترضة نعم لأن هذا الملف قد طال انتظاره وبات رهين خيط رفيع ورفيع جدّا اسمه التوافقات بين الكتل البرلمانية والذي أصبح شبه مستحيل استنادا إلى النتائج التي شاهدناها في الجلسات السابقة منذ سنوات التوصل الى توافقات سرعان ما تفشل عند التصويت ونعود إلى النقطة الصفر.
من جهة أخرى هناك حلّ تشريعي جاهز تقريبا ،حيث استكملت منذ شهر أوت المنقضي لجنة التشريع العام أشغالها فيما يتعلق بمناقشة مبادرتين تشريعيتين الأولى مقدّمة من قبل وزارة العدل وتهدف إلى التعديل في القانون الأساسي عدد 50 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 وذلك في ما يتعلّق بمسألة الأغلبية لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية ،أما المبادرة الثانية فقد تقدّم بها عدد من نواب البرلمان وتتعلق أساسا بحذف عبارة «تباعا» من القانون سالف الذكر المنظم للمحكمة الدستورية علّه يتم تفادي هذا التأخير الحاصل في هذا الملف وتمكين الطرفين الآخرين من انتخاب نصيبهما من عضوية هذه الهيئة القضائية ثم العودة إلى البرلمان علّه يجد الحلّ والطريق الصحيح نحو حلحلة الأزمة التي أصبحت «معضلة».
لجنة التشريع العام وأمام اختلاف الآراء حول هذه المبادرات أعادت استشارة خبراء في القانون والاستماع إلى جهتي المبادرة من اجل الخروج بوجهة نظر وحيدة ومتفق عليها وذلك قبل أن تقوم بإحالة نتيجة أعمالها على مكتب مجلس نواب الشعب فقد يكون الحلّ التشريعي السلاح الأخير والورقة الأخيرة التي سيتم فرضها على النواب لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية في ظلّ هذا الوضع وشبه غياب للتوافقات.