التنفيذ يمثّل تعديا على القانون، قد يفتح الباب إلى التغول والعبث.
عبر كل من اتحاد القضاة الإداريين وجمعية القضاة التونسيين عن استنكارهم لما الت اليه الامور بالمحكمة الإدارية، محذرين من انحراف رئيسها الأول بالسلطة في خرق واضح للقانون.
«تعد صارخ على القانون»
عبر اتحاد القضاة الاداريين عن استيائه الشديد لما آل إليه الوضع بالمحكمة الإدارية، وذلك على خلفية القرارات التي صدرت مؤخرا في مادّة توقيف التنفيذ وما تمت معاينته من سعي وصفه بـ«المحموم» لمؤسسة الرئيس الأوّل إلى فرض وصاية ورقابة على القرارات الصادرة من قبل رؤساء الدوائر الجهوية في هذا المجال، وذلك بصرف النظر عن الموقف القانوني للاتحاد منها.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
ووفق ما اكده رئيس اتحاد القضاة الاداريين فإنّ ما صدر مؤخرا من قرارات في مادة إيقاف التنفيذ يمثّل تعديا صارخا وغير مسبوق على القانون. كما انه يفتح الباب إلى التغول والعبث الذي لا يليق لا بتاريخ المحكمة الإدارية ولا بسمعتها التي طالما ذادت عنها أجيال متعاقبة من القضاة والتي تمثّل خطّا أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه أو التلاعب به، وأنّ هذه السمعة قد تمّ بناؤها بفضل النضالات والاجتهادات والتمسّك بالقانون في أحلك الظروف وأصعبها.
واعتبر أنّ البطء الشديد في البتّ في مطالب إيقاف التنفيذ من قبل مؤسسة الرئيس الأوّل والذي تجاوز في بعض الحالات السنة يمثّل خرقا جسيما لقانون المحكمة الإدارية واستهتارا متواصلا بحقوق المتقاضين ويلحق ضررا بالمتقاضي الذي بدأ يفقد الثقة في مؤسسة توقيف التنفيذ.
كما اكد الاتحاد أنّ حالة الارتباك الحاصلة داخل المحكمة الإدارية على مستوى تنظيم العمل الإداري والقضائي بالمركز والجهات ترجع بالأساس إلى وضع الرئيس الأوّل يده على مشروع مجلّة القضاء الإداري مما حال دون صدورها إلى اليوم وجعل القضاء الإداري في وضعية مخالفة للدستور ولمبادئ المحاكمة العادلة التي نص عليها وأهمها مبدأ التقاضي على درجتين.
وأمام مماطلة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في إطلاع قضاة المحكمة على المراحل التي بلغها مشروع مجلة القضاء الإداري، قرّر اتّحاد القضاة الإداريين وضع المشروع الذي أعدّه على ذمّة نواب الشعب لتبنيه وتقديمه في شكل مقترح قانون، خاصّة وأنّ هذا المشروع قد تمّ عرضه على قضاة المحكمة وتمّ تلقيّ ملاحظاتهم بخصوصه، كما تم إثراؤه من قبل نخبة من الأساتذة الجامعيين والمحامين.
«هيمنة الرئيس الاول»
من جهتها نبهت جمعية القضاة التونسيين إلى خطورة ما تضمنته قرارات وكيل الرئيس الأول للمحكمة الإدارية من تكريس لعلاقة تبعية عمودية بين قضاة المحكمة من خلال إسقاط مفاهيم «القاضي الأعلى» و«القاضي الأدنى» الهجينة عن مقومات استقلالية القضاة عبر التسويق لهيمنة الرئيس الأول للمحكمة على رؤساء دوائرها الجهوية والتشريع لتدخله في أعمالهم القضائية ومراقبة قراراتهم وتوجيهها والحال أنّ ممارستهم لاختصاص تأجيل وتوقيف تنفيذ القرارات الإدارية المستمدّ من أحكام الفصل 15 من القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الإدارية يخول لهم مباشرة المهام الموكولة إلى الرئيس الأول دون أي سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون.
وطالبت «الرئيس الأوّل للمحكمة الإدارية والكاتب العام بها بتنفيذ القرارات القضائية الصادرة عن رئيس الدّائرة الجهوية للمحكمة الإدارية بالقيروان والكف عن المناورات المشينة والماسة بسمعة القضاء الإداري وما تحمله من إشارات سيئة للإدارة في عدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية ويحملهما مسؤولية آثار تصرفاتهما على حسن أداء القضاء الإداري لرسالته وعلى الثقة العامة فيه».
وأكدت أن تعمّد وكيل الرئيس الأول التعهد التلقائي خارج أي إطار قانوني للتصدي لتنفيذ قرارات تأجيل وتوقيف التنفيذ التي لا تقبل أي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب بصريح أحكام الفصل 41 من القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الإدارية إنما يشكل افراطا في السلطة من جانبه لا يليق بقضاة الشرعية ويعبر عن انعدام للمسؤولية في صون مصداقية المحكمة الإدارية
و استنكرت الجمعية الانحراف بالسلطة الذي يمارسه الرئيس الأول للمحكمة الإدارية ووكيله من خلال توظيف صفاتهم القضائية وما أتيح لهما من وسائل قانونية ومادية بصفة غير مشروعة بغاية استهداف إحدى القاضيات بالمحكمة الإدارية على خلفية مواقفها وتمسكها باستقلاليتها في أدائها لوظائفها صلب المجلس الأعلى للقضاء بما يشكل خروجا مفضوحا عن الحياد الموجب للمساءلة القانونية. واعتبرت ان النتيجة الثابتة والمكشوفة التي آل إليها الاستعمال المنحرف والمتعسف للإجراءات من إفراد القاضية المذكورة بوضعية حيف بتجميد عائداتها المالية بحسابها البنكي وهي العائل الوحيد لأبنائها بعد وفاة والدهم وذلك باستثناء كل القضاة الذين كانوا في مثل وضعيتها ممن ألحقوا بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات سنة 2011 ووجود حالات أخرى لقضاة وغيرهم من الموظفين العموميين عرضت وضعياتهم على المحكمة الإدارية وتم إنصافهم إنما تؤكد الانحراف الخطير بالسلطة الحاصل في وضعية القاضية على خلفية تمسكها باستقلال قرارها داخل المجلس الأعلى للقضاء.